الناطق الإقليمي للاتّحاد الأوروبي يرفض الحديث عن تأخّر الاستجابة في سوريا، ويقول لـ”النهار العربي”: العقوبات لا تشمل المساعدات الإنسانيّة المصدر: النهار العربي موناليزا فريحة
المصدر: النهار العربي
مسعفون يقفون على أنقاض في إدلب.(أ ف ب)
ما يحصل منذ الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا يفوق بشاعة الزلزال نفسه. من مشاهد الموت والدمار والبؤس وصور الرضع الخارجين من تحت الأنقاض إلى دور الأيتام، إلى ناجين ينتظرون خيمة تؤويهم وترد عنهم صقيع الطبيعة، أو قطرة ماء تنعش روحهم.
وتفاقم هذه الأوجاع تجاذبات سياسية حول سوريا تحديداً، وخلافات على معابر وعقوبات، وقت تفترض كارثة كهذه مساعدات وإغاثة عاجلة عابرة لكل الحدود والمعابر والعقوبات لإنقاذ أرواح قبل فوات الأوان.
وتتجه الأنظار خصوصاً إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر الميدان الإنساني ملعبه، وبدا أقل حضوراً في هذه الكارثة الأخيرة.
فلماذا تأخرت أوروبا في الاستجابة هذه المرة؟ وهل أعاقتها حرب أوكرانيا عن الاضطلاع بمسؤولياتها هذه المرة، أم أن العقوبات التي تفرضها على النظام السوري عرقلت تحركها؟ وهل تفكر بتعليق عقوبات بعدما فعلت ذلك واشنطن أيضاً؟
يؤكد الناطق الإقليمي باسم الاتحاد الأوروبي لويس ميغيل بوينو لـ”النهار العربي”، أن الاتحاد الأوروبي ملتزم مساعدة الشعب السوري بكل الطرق الممكنة، وأنه استجاب منذ اللحظة الأولى، وذلك “من خلال شركائنا في المجال الإنساني”.
خلافاً لما حصل في تركيا حيث أرسل الاتحاد الأوروبي فرق إغاثة، ارتأت المنظمة الأوروبية التعامل مع المنظمات غير الحكومية في سوريا. ويقول بوينو: “نعمل منذ سنوات في هذه المناطق المتضررة مع أكثر من 30 منظمة غير حكومية وخيرية. ويقدم الشركاء الإنسانيون إسعافات أولية، خدمات الإسعاف، المأوى، الطعام، الماء والنظافة، كما خصصنا على الفور 3.5 ملايين يورو جديدة لمساعدة المحتاجين السوريين”.
في 9 شباط (فبراير)، وبناءً على طلب من سوريا، فعّل الاتحاد الأوروبي الآلية المدنية للحماية التي تعمل على جمع الخبراء للاستجابة للحالة الطارئة، وتجنب ازدواجية الجهود الإغاثية، كما تضمن تلبية احتياجات المتضررين في كل مكان بالعالم.
تلقى الاتحاد الأوروبي اليوم طلباً من #سوريا لتقديم المساعدة عبر آلية الحماية المدنية، والتي قمنا بتفعيلها لحشد الدعم عقب كارثة #الزلزال. نعمل مع جميع الدول الأعضاء في الاتحاد لتقديم الدعم العاجل والحيوي لإغاثة المنكوبين. pic.twitter.com/h5xuCr50pY
وحالياً، يقول بوينو، ثمة 11 دولة في الاتحاد الأوروبي تعمل من “خلال توفير تمويل إضافي لمصلحة شركائنا في المجال الإنساني لتأمين الخيام والبطانيات والأسرّة والحصير وأكياس النوم والطعام والملابس الشتوية والأقنعة والمزيد في المناطق المتضررة في سوريا”.
وتوجه هذه المساعدة عبر الآلية المدنية للحماية بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، إلى المحتاجين في سوريا أينما كانوا.
يرفض الناطق الأوروبي الاتهامات بأن هناك ضغوطاً على أوروبا للامتناع عن إرسال فوق إنقاذ ومساعدات مباشرة إلى سوريا، ويقول: “يبحث الاتحاد الأوروبي في كل طريقة ممكنة لإيصال هذه المساعدة إلى المحتاجين”، إلا أنه يضيف أن الأمر سيكون أسهل إذا كان هناك المزيد من المعابر الحدودية مفتوحة، مذكراً بأن الاتحاد الأوروبي كان من بين الأطراف الدولية التي جهدت من أجل تمديد قرار الأمم المتحدة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية الدولية إلى سوريا من خلال معبر باب الهوى، ومبدياً أسفه لكون النظام السوري وحلفائه، وفي مقدمتهم روسيا، عرقلوا هذه الجهود باستمرار.
وهل يفكر الاتحاد الأوروبي في رفع عقوبات عن النظام السوري لتسهيل عمليات الإغاثة، يجيب: “المساعدات الإنسانية لم تكن أبداً مستهدفة ضمن عقوبات الاتحاد الأوروبي على النظام السوري. وكل من يدعي العكس فهو كاذب”.
ويكرر أن العقوبات لا تمنع تصدير الأغذية ولا الأدوية ولا المعدات الطبية، مشيراً إلى أن إطار عقوبات الاتحاد الأوروبي ينص على عدد من الاستثناءات الإنسانية، وهي معروفة جيداً من جانب كل العاملين في المجال الإنساني في سوريا.
وتستهدف هذه العقوبات 291 شخصاً و70 كياناً يخضعون لتجميد أصولهم وحظر للسفر بسبب دورهم في قمع المدنيين. وتستهدف هذه العقوبات “أعضاء من النظام وعسكريين ورجال أعمال بارزين وشركات تجني أرباحاً طائلة من الحرب الاقتصادية وتمول النظام، وأيضاً قطاعات اقتصادية يستفيد منها النظام. وهي مصممة بطريقة تسمح بتجنب أي آثار سلبية محتملة على الشعب السوري”.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين قد أعلنت عقد مؤتمر للمانحين أوائل شهر آذار (مارس) المقبل في بروكسل، فلماذا الانتظار شهراً قبل التحرك؟ يجيب بوينو: “هذا المؤتمر لا يتعلق بالمساعدة الطارئة السريعة. الهدف هو حشد دعم دولي لمصلحة إعادة بناء البنية التحتية في هذه المناطق. نحن نعمل بالفعل على تقييم الضرر بتنسيق مع شركائنا”.