أكدت المديرة التنفيذية لشركة توتال إنرجي في العراق، دنيا الجلبي، إن عملاق الطاقة الفرنسي يسعى إلى تحقيق “الجاهزية التشغيلية الكاملة” لتنفيذ مشروعه العملاق بقيمة 27 مليار دولار في العراق بحلول عام 2027.

كانت توتال إنرجي قد وقّعت في عام 2023 أكبر عقد استثمار أجنبي في تاريخها، وهو مشروع نمو الغاز المتكامل (GGIP)، بهدف تطوير قطاع النفط العراقي ودفع البلاد نحو مسار أكثر استدامة.

وقالت الجلبي في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية، إن “عملية التنفيذ جارية، ومن المتوقع تحقيق الجاهزية التشغيلية الكاملة بحلول نهاية عام 2027″، مشيرة إلى أن الجدول الزمني “ضيق للغاية”.

بموجب الاتفاق النهائي، تمتلك توتال إنرجي 45% من المشروع، بينما تحظى شركة نفط البصرة المملوكة للدولة العراقية بحصة 30%، وتحصل قطر إنرجي على 25%.

دنيا الجلبي اضافت: “وقعنا عقداً مع الحكومة [العراقية] وشركائنا، ونحن ملتزمون به، وكذلك هم”، مؤكدة أن “حتى الآن، نحن نمضي قدماً معاً ونعمل معاً لضمان الالتزام بالجدول الزمني للمشروع من أجل تنفيذه على أكمل وجه وجعله قابلاً للتطبيق”.

وكان وزير النفط العراقي حيان عبد الغني قد استقبل اليوم الأربعاء (5 آذار 2025)، وفداً من توتال إنرجي، ضمن جوليان بوجيه و دنيا الجلبي، حيث جرى بحث ” تطوير مشاريع النفط والغاز”.

وأشارت دنيا الجلبي إلى أن المشروع يسير “بشكل جيد للغاية”، مضيفة: “في كل بلد هناك بيروقراطية وإجراءات روتينية، ولكن إذا توافرت الإرادة لإنجاح العمل، فإنه سينجح، والإرادة موجودة ومتبادلة بين جميع الشركاء”.

فيما يلي النص الكامل للمقابلة:

رووداو: كم تبلغ قيمة الصفقة الآن؟

دنيا الجلبي: لا بد أنك سمعت عن رقمين مختلفين، الرقم 27 مليار دولار، وهو يمثل إجمالي النفقات الرأسمالية (CAPEX) والنفقات التشغيلية (OPEX) على مدى 30 عاماً. أما الرقم 10 مليارات دولار فهو الاستثمار في النفقات الرأسمالية (CAPEX) خلال فترة الاستثمار.

رووداو: إذاً، الـ 10 مليارات دولار مخصصة لـ…

دنيا الجلبي: لبضع سنوات فقط، لبضع سنوات فقط. مجرد استثمار.

رووداو: والإجمالي هو..

دنيا الجلبي: 27 مليار دولار، لمدة 30 عاماً مع النفقات التشغيلية (OPEX).

رووداو: تم توقيع الصفقة منذ فترة، فلماذا حدث هذا التأخير؟

دينا الجلبي: لم يكن هناك تأخير فعلياً. وقعنا أولاً [الاتفاق الأولي] في 2021، وكان هناك بعض الشروط المطلوبة للمصادقة عليه. استغرق الأمر بعض الوقت لتلبية هذه الشروط والمصادقة على الاتفاق. وأخيراً، وقعنا العقد في 10 تموز 2023.

رووداو: من بين المشاريع، أي منها يتم تنفيذه الآن؟

دنيا الجلبي: حسناً، يمكننا التحدث عن تنفيذ جميع المشاريع. سأبدأ بالنفط لأن الإنتاج كان قد بدأ بالفعل، وليس لأنه الأهم بين المشاريع. هناك أربعة مشاريع، وكما تعلم، أضفنا مشروعاً خامساً. سأبدأ بالنفط لأن المشروع النفطي كان قد بدأ بالفعل قبل الإنتاج. نحن نعمل على زيادة الإنتاج وتأهيل الحقل. كما أننا نسعى إلى زيادة الإنتاج على مرحلتين إضافيتين.

أما بالنسبة للغاز، فإن مشروع الغاز الوسيط، الذي يهدف إلى التقاط ومعالجة الغاز المحترق من الحقول المختلفة، فقد بدأنا بالفعل دراسات ما قبل التصميم الأساسي (Pre-FEED) قبل المصادقة، وذلك لتوفير الوقت وإنجاز التصميم الأساسي (FEED) بسرعة. هذا العام، سنبدأ بتنفيذ بناء مشروع الغاز الوسيط. وفي الوقت نفسه، فإن مشروع الطاقة الشمسية قيد الإنشاء حالياً، وبحلول نهاية هذا العام، سنقوم بضخ أول 250 ميغاواط في الشبكة الوطنية.

أخيراً، مشروع المياه – حيث كنا نجري الدراسات خلال الفترة التي تمكنا فيها من العمل مع شركة نفط البصرة (BOC) – سنبدأ تنفيذه قريباً أيضاً.

600 مليون قدم مكعب من الغاز

رووداو: يتضمن العقد التقاط 600 مليون قدم مكعب من الغاز، صحيح؟

دنيا الجلبي: على مرحلتين.

رووداو: على مرحلتين، من خمسة حقول؟

دنيا الجلبي: صحيح.

رووداو: كيف سيساهم هذا في تقليل اعتماد العراق على الغاز المستورد؟

دنيا الجلبي: الأمر لا يتعلق كثيراً بتقليل الاعتماد، بقدر ما يتعلق بتوفير الكهرباء، لأن هذا الغاز الذي يتم حرقه حالياً سيتم التقاطه، معالجته، تحويله إلى غاز جاف، ثم إلى كهرباء. بالنسبة للمرحلة الأولى، والتي تمثل النصف الأول من الـ 600 مليون قدم مكعب – أي 300 مليون قدم مكعب، ستوفر الكهرباء للمنازل في جنوب العراق، ولعدد كبير منها. أما المرحلة الثانية، فستتجاوز هذا الرقم وستعمل على مضاعفته.

رووداو: شركة قطر إنرجي دخلت المشروع بحصة 25%. ما هو دورها؟

دنيا الجلبي: حسناً، هي شريك. نحن ثلاثة شركاء: توتال إنرجي، شركة نفط البصرة (BOC)، وقطر إنرجي. جميعنا نعمل معاً لضمان تقدم المشاريع وفق الجدول الزمني.

رووداو: وهل ستركز قطر إنرجي بشكل أساسي على الغاز؟

دنيا الجلبي: لا، على الإطلاق. دورها يشمل جميع المشاريع الأربعة، وكنا في محادثات حول مشروع خامس، وقد أضفناه بالفعل. المشروع الخامس يهدف إلى التقاط الغاز المنتج من حقل أرطاوي النفطي [في محافظة البصرة]. لذلك، أنشأنا وحدة صغيرة متنقلة لالتقاط الغاز ومعالجته، بحيث تقوم بالتعامل مع الغاز المحترق في حقل أرطاوي.

رووداو: ذكرتَ مشروع المياه. جزء من مشروعكم يعتمد على مياه البحر بدلاً من المياه العذبة، في وقت يواجه فيه العراق أزمة مائية حادة. العراق يعلن رسمياً أنه يعاني من فقر مائي، وهذا ما تقوله الحكومة.

دنيا الجلبي: بالفعل، هناك ضغوط مائية.

رووداو: ذكرت دراسات حول هذا المشروع. متى تتوقع تنفيذ مشروع المياه؟

دنيا الجلبي: سنبدأ بالتنفيذ قريباً. نحن تحت إشراف لجنة إدارة مشتركة، تضم ممثلين عن وزارة النفط العراقية بصفتها الجهة التنظيمية، إضافة إلى قطر إنرجي وشركة نفط البصرة (BOC) كشريكين. كل المشاريع والقرارات تخضع لهذه اللجنة، وسنتحرك قدماً نحو التنفيذ بمجرد الوصول إلى اتفاق نهائي بعد استكمال الدراسات واتخاذ قرار بشأن عقود الهندسة والتوريد والإنشاء (EPCs)، عندها سنباشر التنفيذ. إذاً، في عام 2025، سنكون في مرحلة تنفيذ المشاريع.

رووداو: ماذا عن محطة الطاقة الشمسية بقدرة 1000 ميغاواط؟ متى سيتم تنفيذها؟

دنيا الجلبي: سيتم التنفيذ على أربع مراحل، في جنوب العراق، بالقرب من منطقة الرطاوي. المرحلة الأولى ستكون بحلول نهاية هذا العام، حيث سيتم توفير 250 ميغاواط وضخها في الشبكة الوطنية بحلول نهاية العام. ثم، خلال العام المقبل، وخلال السنتين التاليتين، سيتم تنفيذ المراحل الثلاث المتبقية.

رووداو: كيف تضمن توتال إنرجي أن هذه المشاريع تتماشى مع التزام العراق بتقليل الانبعاثات؟

دنيا الجلبي: يجب أن تعرف أننا، كشركة، نحرص بشدة على تقليل الانبعاثات، وندرج ذلك ضمن أهدافنا والتزاماتنا. لقد دخلنا هذا الاتفاق مع الرؤية الواضحة لمساندة الحكومة العراقية في تقليل بصمتها الكربونية. وهذا المشروع يتميز بجانب استدامي قوي جداً، حيث يقلل بشكل كبير من البصمة الكربونية، ويوفر طاقة أنظف من المصادر الشمسية والغازية، مما يتيح وصول السكان إلى طاقة نظيفة، ويساهم في تقليل الضغوط المائية. كل ذلك يتماشى مع سياسات التحول في قطاع الطاقة.

رووداو: سؤال آخر يتعلق بالبيئة. نحن نعيش في عصر التغير المناخي، وجميع الشركات الكبرى تتحول بشكل أو بآخر إلى الطاقات المتجددة. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، رأينا توتال إنرجي تعود إلى العراق، وكذلك بي بي (BP) التي استثمرت عشرات المليارات من الدولارات في الوقود الأحفوري. لقد ذكرتَ أن جزءاً من هذا هو لجعل العراق يعتمد على طاقة أنظف، والسؤال هو: لماذا؟

دنيا الجلبي: حسناً، جميع شركات الطاقة ملتزمة ببذل أقصى ما يمكن في إطار التحول الطاقي، وعندما أركز على توتال إنرجي، فذلك لأننا ملتزمون بهذه الاستراتيجية، أي تقليل البصمة الكربونية، وتنفيذ استراتيجيات متعددة للطاقة مصممة لإنشاء مشاريع متكاملة، بحيث يمكننا من جهة ضمان الإنتاج، ومن جهة أخرى خفض الانبعاثات وتقليل البصمة الكربونية.

رووداو: عادة ما تكون لدى الشركات الكبرى مخاوف بشأن الاستثمار بمبالغ ضخمة في العراق. كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟ وما الضمانات التي تملكونها للاستثمار لمدة 30 عاماً بمبلغ 27 مليار دولار؟

دنيا الجلبي: وقعنا عقداً مع السلطات، مع الحكومة، ومع شركائنا، ونحن ملتزمون به، وكذلك هم. حتى الآن، نحن نمضي قدماً معاً، ونعمل معاً لضمان الالتزام بالجدول الزمني للمشروع وتنفيذه بالشكل الأمثل وجعله قابلاً للتطبيق.

رووداو: أي توقعات لمستقبل الطاقة تعتمدون عليها أكثر؟ لا أعرف إن كانت كلمة “تثقون” هي الأدق هنا، هل تعتمدون على توقعات أوبك أم وكالة الطاقة الدولية (IEA)؟

دنيا الجلبي: لا يمكنني إصدار حكم نهائي على أي من التوقعين. ما يمكنني قوله هو أن لدينا توقعاتنا الخاصة للطاقة، مثل جميع شركات الطاقة الأخرى. وجميع التوقعات، حتى تلك التي قد لا تتوقعها، تتحدث عن ضرورة التحول الطاقي وتقليل البصمة الكربونية في الدول.

رووداو: كتوتال إنرجي، لم تشاركوا في جولة التراخيص الخامسة زائد. هل لديكم خطط للمشاركة في الجولة السادسة، والتي أعتقد أنها ستركز أكثر على الاستثمار في الغاز؟

دنيا الجلبي: حسناً، لدينا مشروع غاز ضخم حالياً، لذا بما أننا نملكه بالفعل، فلننجزه أولاً.

رووداو: هل لديكم أي خطط، إلى جانب هذه المشاريع، للاستثمار في مناطق أخرى من العراق؟

دنيا الجلبي: لننجز هذا المشروع أولاً. نحن حريصون جداً على إنجاح هذا المشروع في الوقت المحدد والالتزام بالجدول الزمني. من المهم جداً بالنسبة لنا أن نترك المكان أفضل مما وجدناه، وأن نجعله أفضل بكثير، وهذا بالفعل محور تركيزنا الرئيسي.

رووداو: لديكم الكثير لتقوموا به بالفعل، والكثير للتركيز عليه.

دنيا الجلبي: سنرى ما سيحدث في المستقبل، لكن في الوقت الحالي، نحن نركز على هذا المشروع.

15,000 فرصة عمل

رووداو: كم عدد الوظائف التي تتوقعون توفيرها، بشكل مباشر وغير مباشر؟

دنيا الجلبي: مباشرة 5,000 وظيفة، وغير مباشرة 10,000 وظيفة، أي حوالي 10,000 وظيفة إجمالاً. لدينا معدل مرتفع جداً من التوطين العراقي، ونحقق نتائج جيدة في هذا المجال، ولدينا سجل حافل في ذلك.

رووداو: أنا دائماً حريص على السؤال عن مشاركة النساء. أنتِ المديرة التنفيذية لـ توتال إنرجي في العراق، وأنتِ امرأة، وهذا مؤشر إيجابي جداً. ضمن الوظائف التي سيتم توفيرها، هل هناك نسبة مخصصة للنساء؟

دنيا الجلبي: ليس لدينا نسبة محددة، ولكن لدينا سياسة عامة في الشركة تقوم على المساواة بين الرجال والنساء، وتعزيز دور المرأة، بما في ذلك دعم دراستها، حتى تتمكن الفتيات والشابات من خلال تعليمهن من أن يصبحن مهندسات. نحن نطبق هذه السياسة في العراق لتعزيز توظيف النساء، ونستطيع تحقيق ذلك بالنظر إلى المؤهلات المتاحة.

رووداو: هل من الصعب توظيف النساء في العراق؟ قطاع النفط والطاقة في العراق عادةً ما يهيمن عليه الرجال.

دنيا الجلبي: حسناً، أنا عراقية، وأنا امرأة، والأمر يسير بنجاح.

رووداو: ما هي التحديات الرئيسية التي تواجهونها في هذا المشروع الكبير؟

دنيا الجلبي: التحدي الحقيقي هو الحفاظ على تركيزنا على تنسيق المشاريع الخمسة جميعها وضمان سيرها بسلاسة. خمسة مشاريع متوازية! إنه أمر ضخم! وتنفيذ كل ما يتطلبه الأمر يمثل تحدياً إيجابياً نركز عليه. لذا، جميع الأمور الأخرى التي تصاحب ذلك نأخذها كجزء من العمل.

رووداو: سمعنا من شركات أخرى في السابق أنها واجهت تحديات من النخب السياسية، وكذلك تحديات أمنية جزئية. كيف تتعاملون مع هذه التحديات؟

دنيا الجلبي: حسناً، لم نواجه مثل هذه التحديات بعد، لذا لم نضطر إلى التعامل معها. نحن ممتنون جداً للدعم الذي نحصل عليه. وكما قلت لك، لدينا لجنة إدارة مشتركة تشرف على عملنا، ونحظى بدعم الحكومة، ودعم شركائنا، ونسير قدماً في تنفيذ المشروع.

رووداو: شركة نفط البصرة هي أيضاً جزء من هذا المشروع. كيف تتعاملون مع الجهات الحكومية؟

دنيا الجلبي: بشكل جيد جداً. نعمل معاً جنباً إلى جنب. نحن نفعل ذلك. أعلم أنك لست مقتنعاً تماماً، ولكننا بالفعل نفعل ذلك.

رووداو: عادة ما أسمع من شركات أخرى أن العمل مع الشركات الحكومية في العراق ليس بالأمر السهل بسبب البيروقراطية. هل تواجهون تحديات مماثلة؟

دنيا الجلبي: الأمور تسير بشكل جيد للغاية. كما تعلم، في كل بلد هناك بيروقراطية وإجراءات روتينية، هذا موجود في كل دول العالم. ولكن إذا كانت هناك إرادة لإنجاح العمل، فإنه سينجح. والإرادة موجودة ومتبادلة بين جميع الشركاء.

رووداو: ما هو الجدول الزمني المتوقع للتنفيذ الكامل لهذا العقد والمشاريع؟

دنيا الجلبي: عملية التنفيذ مستمرة. أما التنفيذ الكامل، أو ما يمكنني تسميته “الجاهزية التشغيلية”، فسيتم تحقيقها بحلول نهاية عام 2027. أقل من ثلاث سنوات! سنحرص على إنجاحه خلال عام 2027 بالكامل، لذا أضعه في إطار زمني واسع، لكن الجدول زمني ضيق جداً. إنه جدول زمني ضيق، خاصةً عندما نتحدث عن الطاقة، فالغاز والنفط يتطلبان وقتاً طويلاً.

رووداو: هل تسيرون وفق الجدول الزمني المحدد حتى الآن؟

دنيا الجلبي: تماماً، بكل تأكيد!