فخامة الرئيس جوزف عون، عندما تزور حيّنا ومنطقتنا يوم السبت لتناول الإفطار على مائدتنا، لن نطلب منك رغيفاً ولا لبناً. لن نسألك أن توفّر لأولادنا السكن ولا فرص العمل ولا الدواء ولا المهن.
السؤال فخامة الرئيس لغير الله مذلّة. هكذا تعلّمنا وتربّينا في هذه الأزقّة ومساجدها وكنائسها وخلواتها على أيدي علمائها وحكمائها وكبارها عبر الزمن. نعم خلواتها فخامة الرئيس هي تبعد عن هنا بضعة أمتار سيراً على الأقدام. تعلّمنا ذلك في دار الفتوى، دارنا وملجئنا ومربط خيلنا. ساكنها، يا فخامة الرئيس، نسمّيه بلغتنا البيروتيّة “المفدي” وليس “المفتي”، ومن غيره يفتدي البلاد وقت المحن.
لن نسألك أن تعدنا بشيء، إذ نخاف، إن لم يُقدّرك الله على تحقيقه، أن يهتزّ حبّنا لك وفرحنا بانتخابك، وأن تندثر آمالنا بالهواء دون ثمن.
السؤال فخامة الرئيس لغير الله مذلّة. هكذا تعلّمنا وتربّينا في هذه الأزقّة ومساجدها وكنائسها وخلواتها على أيدي علمائها وحكمائها وكبارها عبر الزمن
سنُذكّرك…
لكنّنا يا فخامة الرئيس، سنُذكّرك، والتذكرة تنفع المؤمنين، بالدستور والطائف كيف يحتضنان الدولة ويعزّزان مؤسّساتها بين الشعوب والأمم.
سنُذكّرك فخامة الرئيس بالعدالة بين الناس، وإن كان زمن مسلسلات تركيب شبكات الإرهاب الأصولي السُّنّي قد طواه الزمن. تعبنا نحن يا فخامة الرئيس من دفع فواتير الترقيات والتعيينات من حرّية شبابنا وكرامتهم ومستقبلهم، كأنّنا وُضعنا على فاتورة “غبّ الطلب” باهظة الثمن.
فخامة الرئيس، كلّ واحد منّا حول دار الفتوى يلوّح بيده مستقبلاً إيّاك في منطقته لديه أخ أو ابن عمّ أو ابن خالة أو جار في السجن من دون تُهم ولا محاكمات ولا أدلّة ولا شهود على ما يُدّعى أنّه ارتكب. الشهود فقط هم من قاموا بتركيب الملفّات في الظُلم والعتم. أبناؤنا فخامة الرئيس يطلقون عليهم اسم الموقوفين الإسلاميين.
سنُذكّرك فخامة الرئيس بالسلاح خارج الدولة وإن كان يبقى دون روزنامة تحدّد خاتمته. لقد أقلقنا ما قاله نائب رئيس الحكومة طارق متري في الإعلام علناً.
سنُذكّرك فخامة الرئيس، على رصيف دار الفتوى في شارع عائشة بكّار أجمل شوارع المصيطبة، أنّ جروحنا نداويها بالصبر وانتصاراتنا نحقّقها بالصبر. هذا وعد نبيّنا الذي أكّد أنّ “النصر صبر ساعة” والتسبيح بعده استجابة ووعد ربّنا ما خلف يوماً ميعاده.
فخامة الرئيس، كلّ واحد منّا حول دار الفتوى يلوّح بيده مستقبلاً إيّاك في منطقته لديه أخ أو ابن عمّ أو ابن خالة أو جار في السجن من دون تُهم ولا محاكمات
سنوصيك يا فخامة الرئيس، عندما تحلّ ضيفاً على دارنا دار الفتوى، أن لا تعود في العام المقبل على مأدبة إفطار شهر رمضان المبارك وفي حناجرنا غصّة وعلى ألسنتنا تتزاحم أسئلة لأنّنا مؤمنون أنّ لبنان أمام فرصة كبيرة، ومؤمنون أنّك لن تضيع هذه الفرصة. ألست أنت من قلت لمفتينا وعلمائنا عندما زاروك في القصر مهنّئين بانتخابك: “لم آتِ كي أعمل بالسياسة بل أتيت كي أعمل من أجل الوطن”.
نُذكّرك يا صاحب القسم
سنُذكّرك بهذه النقاط رئيسنا، أفلست أنت من أقسم بالله عليها في خطاب القسم؟
فخامة الرئيس، عند غروب يوم السبت سنقف نحن أهل بيروت أهل المصيطبة على الرصيف المقابل لمدخل دارنا دار الفتوى. سنقف ملوّحين بأيدينا فرحين بك ليس لأنّك أوّل رئيس يزورنا، فقد زارنا من قبلك الكثير من الرؤساء، بل لأنّك الرئيس الأوّل الذي وعدنا أن يعمل من أجل الوطن لا من أجل طائفة أو عائلة أو حزب أو تيّار.
إقرأ أيضاً: ملف المرفأ: العودة للنص تحمي الحقيقة
وعدنا أن يعيد لنا الوطن. نحن على هذا الرصيف ذرفنا دماء كثيرة، دماء “مفدينا” حسن خالد وصبحي الصالح وأحمد عساف، ودماء رفيقنا رفيق الحريري ورشيد كرامي ووسام عيد ووسام الحسن، ووليد عيدو ومحمد شطح. نحن، يا فخامة الرئيس، طائفة شهداء الدولة. طائفة مطالبها كما قلنا لك ليست رغيفاً ولا لبناً ولا مهناً ولا سكناً ولا مناصب ولا نجوم ولا رُتباً، بل مطالبهم تختصرها كلمة “وطن”.