يُلقي الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس الخطاب السنوي عن حال الاتحاد، والذي يأتي في مرحلة مفصلية في المسيرة السياسية للديموقراطي البالغ 81 عاماً، مع سعيه لإقناع الناخبين المتردّدين بقدرته على هزيمة الجمهوري دونالد ترامب في المواجهة المرجّحة بينهما في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر).
وغالباً ما يكون الخطاب الذي يلقيه الرئيس أمام أعضاء الكونغرس (النواب والشيوخ)، محطّة رمزية إلى حد كبير. لكن في العام 2024، سيكون بايدن أمام تحدّيات ترفد جميعها مسار انتخابات الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر)، مثل الشكوك بقدرته على الاستمرار لولاية ثانية نظراً لتقدّمه في السنّ، وأداء الاقتصاد الأميركي، وموقف واشنطن حيال الحرب في غزة وأوكرانيا.
وسيتابع ملايين الأميركيين الخطاب ليس فقط لسماع ما سيدلي به بايدن، بل مراقبة الطريقة التي سيقول بها كلماته، وما إذا كان سيكرّر الهفوات التي تخلّلتها تصريحاته في الآونة الأخيرة، وتشكّل مادة دسمة لترامب (77 عاماً) للسخرية من الرئيس الحالي وقدراته الذهنية ولغة جسده.
وفي الخطاب المقرّر أن يبدأ عند الساعة التاسعة مساء (01,00 ت غ فجر الجمعة)، يتوقّع أن يركّز بايدن على إنجازات حقّقها في مجال البنى التحتية في الولايات المتحدة، وأسعار الأدوية وديون الطلاب. وهو شدّد الأربعاء على أنّه قام “خلال ثلاثة أعوام، بأكثر مما قام به غالبية الرؤساء خلال ثمانية”.
وكتب بايدن عبر منصّة “إكس”: “اخترتموني لأؤدي المهمّة، أبني اقتصاداً يعمل لمصلحة العاملين، وأجعل الحياة أفضل للعائلات”، مضيفاً “سأطلعكم على التقدّم المحقّق وأرسم المسار إلى الأمام”.
وتتّحضر الولايات المتحدة لمواجهة جديدة بين بايدن وترامب في 2024، بعد أربعة أعوام من فوز الرئيس الديموقراطي على منافسه الجمهوري وإخراجه من البيت الأبيض في انتخابات 2020. وحقّق كل منهما فوزاً كبيراً هذا الأسبوع في “الثلثاء الكبير” الذي شهد انتخابات تمهيدية للحزبين الديموقراطي والجمهوري في ولايات عدّة.
ومن المتوقّع أن يركّز بايدن على الانتخابات بوصفها مواجهة وجودية، ويحذّر من الخطر الذي تمثّله عودة ترامب إلى البيت الأبيض، على الديموقراطية في الولايات المتحدة وموقعها على الساحة الدولية.
وبعد أربعة أعوام من حرمانه الفوز بولاية ثانية، عاد ترامب بقوّة إلى السياسة الأميركية، وتضعه استطلاعات رأي في موقع أفضلية على بايدن، على رغم مواجهته سلسلة من الاتّهامات والمحاكمات، إحداها على خلفية محاولته قلب نتيجة انتخابات 2020.
ويعوّل الثري الجمهوري على قاعدة صلبة من المؤيّدين، خصوصاً في أوساط الطبقات العاملة والناخبين البيض.
غزة وأوكرانيا
وعلى رغم تخلّفه في الاستطلاعات، يعوّل بايدن على خطاب حال الاتحاد لتذكير الأميركيين بالأسباب التي دفعتهم لانتخابه في 2020 وإقناعهم بمنحه ولاية ثانية من أربعة أعوام.
وأمضى بايدن ثلاثة أيام في نهاية الأسبوع الماضي مع مساعديه في منتجع كامب ديفيد للعمل على صياغة الخطاب، ويأمل في استكمال وضع اللمسات الأخيرة عليه الخميس، وفق ما أكّدت المتحدّثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار.
وشدّد البيت الأبيض على أن بايدن سيكون حاضراً لمواجهة أي مضايقات من حلفاء ترامب المتشدّدين خلال الخطاب. إلا أن هذا ليس الخطر الوحيد الذي يواجهه، فالعديد من المراقبين ينتظرون الخطاب لتبيان ما إذا كان بايدن سيظهر أي علامات ضعف بعد سلسلة من التعثّرات والهفوات خلال الأعوام الماضية.
وقالت سارادا بيري التي كانت ضمن كتّاب الخطابات في فريق الرئيس السابق باراك أوباما، لوكالة “فرانس برس”: “في ما يتعلّق بأي رئيس… فالتعثّر بطريقة ما، ليس بالضرورة جسدياً، لكن في الكلمات حتى، قد يكون له غالباً تأثير يطغى على (تأثير) ما يقوله الرئيس”.
وأوضح بايدن أنّ العناوين الأساسية في خطابه ستشمل أيضاً الحقوق المرتبطة بالانجاب، والتي يعتبرها الديموقراطيون مفتاحاً أساسياً لحصد الأصوات على حساب الجمهوريين.
وعلى الصعيد الدولي، ستتركّز الأنظار على موقفه من الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” في قطاع غزة التي ستتمّ شهرها الخامس، والحرب بين روسيا وأوكرانيا التي دخلت عامها الثالث.
ويتوقّع أن يحض الرئيس الأميركي الديموقراطي الجمهوريين في الكونغرس على كسر الجمود الذي يعيق إقرار مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا.
ودعا بايدن السيّدة الأوكرانية الأولى أولينا زيلينسكا وأرملة المعارض الروسي الراحل أليكسي نافالني لتكونا ضيفتيه في مبنى الكابيتول أثناء إلقائه الخطاب. لكن أعلن البيت الأبيض أن السيدتين لن تتمكّنا من تلبية الدعوة.