أخيرا، اتخذت الولايات المتحدة خيارها. في الساعة 8 صباحا بتوقيت غرينتش (3 صباحا بتوقيت فلوريدا)، صعد دونالد ترامب إلى المسرح في “مركز ويست بالم بيتش للمؤتمرات”، وأعلن فوز الحزب الجمهوري. وجاء إعلانه بعد دقائق من الإعلان عن فوزه في ولاية بنسلفانيا الرئيسية بأصواتها الـ19 في المجمع الانتخابي.
وفي كلمته، شكر حشدا كبيرا من أنصاره المحبين، وقال: “كانت هذه حركة لم يسبق لأحد أن رأى مثلها من قبل، وبصراحة، كانت هذه، على ما أعتقد، أعظم حركة سياسية في كل العصور. لم يكن هناك أبدا شيء من هذا القبيل في هذا البلد، بل وربما خارجه”.
مرت أربعة أشهر مضطربة منذ أن أعلن الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، أنه سيضع نهاية لمحاولته الفوز بولاية ثانية وتم رسم خطوط المعركة بين المرشحين، دونالد ترامب وكامالا هاريس. وعرفنا الآن من هو الذي سيقود الولايات المتحدة للسنوات الأربع المقبلة.
كان بعض من أكثر المحللين خبرة في السياسة الأميركية قد أدلوا بقراءاتهم للاحتمالات التي ستنطوي عليها رئاسة ترامب الثانية. هؤلاء المحللون هم: أميليا هادفيلد Amelia Hadfield، رئيسة قسم السياسة، جامعة ساري؛ كونور أوكين Conor O’Kane، المحاضر الأول في الاقتصاد، جامعة بورنموث؛ دافيد تاونلي Dafydd Townley: زميل التدريس في الأمن الدولي، جامعة بورتسموث؛ جيمس سلوام James Sloam، أستاذ السياسة في جامعة رويال هولواي في لندن؛ جولي بوسيتي Julie Posetti، المديرة العالمية للبحوث، المركز الدولي للصحفيين (ICFJ) وأستاذة الصحافة، سيتي سانت جورج، جامعة لندن؛ كاتي بروشينسكي Katie Pruszynski، المرشحة لنيل درجة الدكتوراه، قسم السياسة والعلاقات الدولية، جامعة شيفيلد؛ ناتاشا ليندشتات Natasha Lindstaedt: أستاذة قسم الحكومة، جامعة إسكس؛ رينو فوكارت Renaud Foucart، المحاضر الأول في الاقتصاد، كلية الإدارة بجامعة لانكستر، جامعة لانكستر؛ ريانا غاريت Rhianna Garrett، باحثة الدكتوراه وزميلة البحث في جامعة لوبورو؛ ستيفان وولف Stefan Wolf، أستاذ الأمن الدولي، جامعة برمنغهام؛ توماس غيفت Thomas Gift، الأستاذ المشارك ومدير مركز السياسة الأميركية، كلية لندن الجامعية؛ تود لاندمان Todd Landman، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نوتنغهام؛ وميريديث رالستون Meredith Ralston، أستاذة دراسات المرأة والدراسات السياسية بجامعة ماونت سانت فنسنت في كندا.
وفي ما يلي عرض للأفكار الرئيسية التي طرحوها في المقالات والمقابلات التي أجرتها معهم مجلة “ذا كونفرسيشن يو. كيه”، ونشرتها في أعقاب انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية.
* * *
الولايات المتحدة انتقلت إلى اليمين
تقول ناتاشا ليندشتات، أستاذة الحوكمة في جامعة إسكس، أن الأكاديميين والنقاد قرأوا استطلاعات الرأي التي ظهرت قبل الانتخابات (التي كانت صحيحة بشكل عام) بشكل سيئ:
”كانت استطلاعات الرأي صحيحة –كانت لدى ترامب قوة أكبر بكثير [مما اعتقدنا جميعًا]. كنا نظن أن استطلاعات الرأي قللت بشكل خطير من شأن كامالا هاريس، وأن هاريس تعمل بشكل أفضل بكثير مما تتوقع هذه الاستطلاعات التي قالت إنها تقف على حافة سكين. لكن الذي اتضح هو أنها كانت تقلل من شأن ترامب”.
وأضافت: “لقد تحركت الولايات المتحدة إلى اليمين. لم يتم إلغاء مشروع قانون الإجهاض في فلوريدا، وفاز تيد كروز بعشر نقاط في تكساس، وهي ولاية اعتقدنا أنها قد تكون تنافسية. اعتقدنا من خلال الاستطلاع حول ولاية أيوا أن هاريس قد تكون أكثر قدرة على المنافسة مع الناخبين البيض. كانت هذه ليلة رائعة لترامب وكارثة مطلقة للديمقراطيين”.
وقالت أن العديد من الأشخاص الذين يتابعون الحملة كان يعتقدون أن النساء سيخرجن إلى مراكز الاقتراع وأن ذلك سيحدث فرقا. لكنّه لم يفعل في واقع الأمر.
وأضافت: ” كسب ترامب أكثر بكثير مما فعل في العام 2020 -ربما بسبب الحنين إلى ما كانت عليه إدارته، والنظر إليها من خلال نظارات وردية اللون، ونسيان الفوضى وكل الاضطرابات التي كان قد صنعها. الآن سيرث اقتصادًا عظيمًا –وسوف يُنسب إليه الفضل فيه”.
إستراتيجية الحملة
اتبع ترامب إستراتيجية لم تسع إلى توسيع الدعم بشكل كبير خارج قاعدته التقليدية، كما يقول تود لاندمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نوتنغهام. بدلاً من ذلك، نجح في تنشيط وتعبئة ناخبين جدد ضمن ديموغرافيته الأساسية -خاصة الناخبين الذكور الشباب، الذين خرجوا للاقتراع بأعداد كبيرة:
“راوحت حملته، التي قُدمت بلغة ترامب القوية الخاصة، بين القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل تكاليف المعيشة والهجرة، فضلًا عن قضايا السياسة الخارجية الملحة، بما في ذلك مستقبل حلف شمال الأطلسي، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط والتجارة الدولية -وخاصة مع الصين”.
سوف يحتاج الديمقراطيون إلى إجراء تشريح جدي لم حدث، كما يعتقد تود. الذي يضيف: “ستحتاج قيادة الحزب إلى الانخراط في بعض البحث الجاد عن الذات ومعرفة كيفية فشلها في جذب الناخبين وكيف دفعت قضايا الخبز والزبدة ترامب في النهاية إلى سدة السلطة. كان لدى هاريس 107 أيام لتشكيل حملة”.
دور تصويت الشباب
كان الشباب في الولايات المتحدة يصوتون بشكل قاطع للمرشحين الديمقراطيين على مدى السنوات العشرين الماضية، كما يقول البروفيسور جيمس سلوام من جامعة رويال هولواي في لندن. لكن الانتخابات الأخيرة كانت مفاجأة بعض الشيء عندما يتعلق الأمر بهذه الفئة الديموغرافية.
“كان الأميركيون الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما ما يزالون المجموعة الأكثر احتمالًا لدعم هاريس -وقد فعلوا ذلك بفارق 8 نقاط مقارنة بترامب، أي 52 في المائة مقابل 44 في المائة. ومع ذلك، تقلص تقدمها بين هذه المجموعة بشكل كبير عن التقدم الذي تمتع به بايدن، والبالغ 25 نقطة، قبل أربع سنوات. ومن حيث القيمة الحقيقية، يشكل هذا انخفاضا مذهلا في التصويت”.
”سجلت هاريس في الواقع درجات أقل بين الشابات الإناث من بايدن، حيث انخفضت النسبة من 65 في المائة في العام 2020 إلى 58 في المائة هذا العام. وكان الأمر أكثر بؤسًا بين الشباب الذكور، حيث انخفضت نسبة دعمها من 56 في المائة إلى 43 في المائة، مع تمتع ترامب بفارق 11 نقطة في هذه المجموعة. والأرقام أعلى بين الشباب البيض وغير المتعلمين في الجامعات، وهي بالضبط مجموعة الشباب التي كنت أدرسها في عملي”.
ويعتقد سلوام أنه على الرغم من وجود أسباب قائمة منذ وقت طويل لهذه الاتجاهات، فإن هاريس ببساطة لم تفعل ما يكفي لجذب أصوات الشباب:
”لم تقدم حملة هاريس سوى القليل جدًا للشباب بشكل عام حول الاقتصاد وتكلفة المعيشة -كان كل ما قدمته هو قضية الإجهاض. وهذه بالتأكيد قضية مهمة بالنسبة لمعظم الناس، لكن التركيز على قضية واحدة ربما أدى إلى تفاقم هجرة بعض الشباب (الذكور)، مما جعل حملتها تظهر وكأنها واحدة تديرها امرأة من أجل النساء”.
”استفاد ترامب من ذلك من خلال ظهوره المتنوع في البرامج الحوارية والبودكاست، والحديث عن الرياضة ومناشدة ذلك النوع من الذكورية السامَّة الذي سيكون حاضرًا في هذه المجموعة من الشباب. ولذلك، بشكل عام، نجحت رسالة ترامب وحملته لجذب الناخبين الذكور الشباب بشكل أفضل بكثير مما توقعه معظم الخبراء”.
رئاسة ترامب الثانية والديمقراطية
مع توقع أن يحاول ترامب تركيز المزيد من السلطة في يد الرئاسة، ما هي الخطوة التالي؟ تسأل ناتاشا ليندستايد من جامعة إسيكس، وتقول:
“سوف يتم تجويف الدولة وتصبح غير فعالة على نحو متزايد، وغير قادرة على -أو راغبة في- تقديم الخدمات الرئيسية، مثل المساعدات في حالات الكوارث. وفي حين أن هذا قد يبدو غير ضار للبعض، فإن ترامب سيقوض خبرة الوكالات التنفيذية، إما عن طريق خفض تمويلها أو ملئها بالموالين”.
وتضيف: ”يجري العمل على وضع خطط لإقالة نحو 50 ألف موظف مدني. ومن المرجح أن يتم التراجع عن المئات من القوانين واللوائح المهمة التي تضمن وجود هواء وماء نظيفين، والتي تحمي المواطنين من جشع الشركات”.
من صوت لدونالد ترامب؟
الآن اكتملت عودة ترامب السياسية. ولكن مَن الذي صوت له بالإضافة إلى الشباب؟ يقول توماس غيفت، خبير السياسة الأميركية في كلية لندن الجامعية، أن ترامب تمكن من كسب دعم العديد من الناخبين من خارج قاعدة مؤيديه الأساسية”.
“حسنًا، كان ترامب، بالطبع، قادرا على جعل قاعدته الأساسية من مؤيدي ’جعل أميركا عظيمة مرة أخرى‘ يدعمونه، وهم الأميركيون البيض من الطبقة العاملة الذين أصيبوا بخيبة أمل كبيرة من الوضع السياسي الراهن. وفي الوقت نفسه، تمكن أيضا من تحقيق نجاحات كبيرة مع دوائر انتخابية متنوعة، بما في ذلك اللاتينيين والسود”.
حملة ترامب الميدانية في جورجيا
أعلن دونالد ترامب النصر بعد سلسلة من الانتصارات التي حققها في الولايات المتأرجحة الحاسمة؛ نورث كارولينا، وجورجيا وبنسلفانيا. وتعتقد كاتي بروشينسكي، من جامعة شيفيلد، أن ترامب حصل على ميزة في هذه الولاية من خلال الترويج للتصويت المبكر:
”سجلت جورجيا رقمًا قياسيا بلغ 4 ملايين ناخب مبكر في الولاية، وهو ما تجاوز حقًا جميع سجلات التصويت المبكر السابقة في هذه الولاية. ومن المحتمل أن يكون ذلك قد حدث بسبب الحملة الميدانية المكثفة التي كان الجمهوريون يديرونها في جورجيا، ويشجعون ناخبيهم حقا على التصويت مبكرا باستخدام بطاقات الاقتراع بالبريد؛ بالطريقة التي قالوا سابقا أنها غير موثوقة”.
لكن هذا لا يعني أن استطلاعات الرأي تمثل بالضبط، كما تقول كاتي، مَن كان موجودًا على الأرض في جورجيا خلال الانتخابات.
“تشكلت الطوابير أمام مراكز الاقتراع من الساعة 7 صباحا عندما فُتحت الصناديق. كان يوم اقتراع صاخبا حقا. في أتلانتا، كانت الأخبار الكبيرة هي الاضطرار إلى إخلاء العديد من مراكز الاقتراع على مدار اليوم بسبب تهديدات بوجود قنابل، التي ضربت أيضا ولايات مثل أريزونا. وتبين أن تلك التهديدات بالقنابل لم تكن ذات مصداقية”.
نسبة إقبال عالية وتصويت سلمي
كتب دافيد تاونلي، زميل تدريس الأمن الدولي في جامعة بورتسموث، لمحة عامة عن كيفية مضي الانتخابات، حيث بدا الإقبال على التصويت مرتفعًا ولم تقع حوادث عنف كبيرة، على الرغم مما بدا وكأنه العديد من خدع القنابل -ربما من أصول روسية:
”كان الإقبال مثيرًا للإعجاب والتكهنات الأولية هي أن ترامب تجاوز مستوى دعمه الريفي منذ العام 2020، بينما كان أداء الديمقراطية كامالا هاريس يتطابق فقط مع أرقام الضواحي التي حققها بايدن قبل أربع سنوات. وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة (إن. بي. سي) أيضًا أن ترامب حصل على دعم أكبر من الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا من أي مرشح جمهوري منذ العام 2008″.
…
“بدا أن أكبر تهديد للسير السلس للانتخابات في يوم الاقتراع لم يأت من جناة محليين وإنما من تدخل أجنبي، لا سيما في سباقات الولايات المتأرجحة الحاسمة”.
”كانت عدة مراكز اقتراع في جورجيا وميشيغان وأريزونا وويسكونسن ضحايا لتهديدات خادعة بوجود قنابل، التي تسببت في إغلاق مؤقت للمواقع. ويُعتقد أن التهديدات أرسلت عبر رسائل البريد الإلكتروني التي تم تعقبها إلى نطاقات البريد الإلكتروني الروسية”.
ما الذي يعنيه هذا لبقية العالم
من المرجح أن يضغط دونالد ترامب على أعضاء حلف الناتو لدعم إنهاء الحرب في أوكرانيا، وفقا لخبير الأمن الدولي ستيفان وولف. ويتوقع وولف أن يدفع ترامب فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي إلى الجلوس والتفاوض على اتفاق سلام على أساس الخطوط الحالية للجبهة، وأن يلقي في الوقت نفسه بدعمه وراء إسرائيل:
”سوف يشجع انتخاب ترامب نتنياهو على التحرك. وسوف يعزز هذا بدوره أيضا موقف ترامب تجاه بوتين، الذي أصبح يعتمد على الدعم الإيراني في حربه في أوكرانيا. يمكن أن يعرض ترامب كبح جماح نتنياهو في المستقبل كورقة مساومة مع بوتين في سياق مقامرته لتأمين صفقة بشأن أوكرانيا”.
ويضيف وولف أن ترامب قد يعيد التأكيد على نهجه تجاه الصين، لكنه سيترك لنفسه أيضًا مجالاً للمناورة:
“من المرجح أن يزيد البيت الأبيض في عهد ترامب التعريفات الجمركية على الواردات، وقد تحدث ترامب كثيرًا عن استخدامها لاستهداف الصين. لكن من المرجح أيضًا أن يكون ترامب منفتحًا على الصفقات البراغماتية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ”.
أسئلة لأوروبا
تحدد أميليا هادفيلد، رئيسة قسم السياسة في جامعة سوري، بعض القضايا الرئيسية الأخرى التي تخص أوروبا بعد فوز ترامب:
”من الواضح أن الحكومات الأوروبية ستكون في وضع مربك، إما أن تستعد لما سيكون عليه تأثير إدارة ترامب يقودها الانتقام، أو أن تقوم بسرعة بتغيير نهجها تجاهه حتى تتمكن على الأقل من محاولة كسبه إلى جانبها”.
“إحدى النقاط، بطبيعة الحال، هي الحديث القاسي السابق خلال فترة إدارته الرئاسية الأولى حول حلف شمال الأطلسي. وقد هدد حينها، وأعتقد أنه قد يهدد مرة أخرى، بتقليص الدعم الأميركي والتموضع العسكري لأن لديه رؤية مختلفة تماما لما يدعم الأمن الأوروبي ككل، ورؤية مختلفة تماما لما يشمل الحلفاء والتهديدات”.
وتقول هادفيلد أيضا أن بعض البلدان، وخاصة الدول الكبيرة المصدرة للسيارات مثل ألمانيا، ستكون معرضة بشدة لسياسات ترامب الاقتصادية المقترحة:
”بطبيعة الحال، اقترح (ترامب) فرض رسوم جمركية على الصين بنسبة 50 في المائة، ثم فرض تعريفات جمركية على جميع الواردات الأخرى بنسبة تصل إلى 20 في المائة، بما في ذلك الواردات من الدول الأوروبية. لذلك سيتعين على هذه الدول -ليس التعامل مع ذلك فقط، ولكن أيضًا معرفة ما إذا كانت ستصطف وراء أميركا في ذلك، أم أنها ستصطف خلف الصين بشأنه أيضا”.
“أعتقد أنه سيكون هناك حزن يائس في جميع أنحاء أوروبا. سوف يضطر رؤساء الدول، ربما باستثناء أوربان الذي يبدو أنه شامت في الوقت الحالي، إلى أن يكونوا مستعدين جيدا ومنظمين كما ينبغي للتعامع مع ما يمكن أن يأتي”.
التداعيات الاقتصادية
يمكن أن تكون لرئاسة ترامب تداعيات اقتصادية خارج أوروبا، وفقا للخبير الاقتصادي كونور أوكين، الذي يقول أن الأسعار للمستهلكين الأميركيين يمكن أن ترتفع:
“بعبارات جمهورية تقليدية للغاية، يتحدث (ترامب) عن الإعفاءات الضريبية وتخفيف اللوائح والقيود. وفي ما يتعلق ببعض تعهداته المحددة بشأن الاقتصاد، يتحدث عن التخلص من ضريبة الدخل على الإكراميات والعمل الإضافي. هذه الأشياء مجتمعة تنطوي على إمكانية أن تكون تضخمية تمامًا على المستوى المحلي، كما يمكن أن أقول”.
“إذا كان سيفي بتعهده بترحيل 15 مليون مهاجر، فمن المحتمل أيضًا أن تكون هذه تكلفة هائلة -رأيت بعض الأرقام مؤخرا التي قالت إن ذلك سيكلف [الاقتصاد الأميركي] حوالي 65 مليار دولار أميركي لكل 2 مليون شخص يتم طردهم من البلاد”.
وقال أوكين أن سياسات ترامب الاقتصادية تنطوي على إمكانية أن تكون مدمرة للغاية للاقتصاد العالمي:
”الشيء الرئيسي الآخر، في اعتقادي، هو أن حجة ترامب بأن الرئيس يجب أن يكون له رأي أكبر في سياسة سعر الفائدة قد تخيف أسواق رأس المال. تتمتع العديد من البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بسيطرة مستقلة على السياسة النقدية، حيث يتم القيام بكل شيء لطمأنة أسواق رأس المال والمستثمرين الدوليين. أود أن أقول إن الابتعاد عن ذلك قد يكون محفوفا بمخاطر عالية”.
ومع ذلك، يجادل كبير محاضري الاقتصاد، رينو فوكارت، بأن تهديد ترامب بإدخال المزيد من التعريفات الجمركية على السلع القادمة إلى الولايات المتحدة هو في بعض النواحي استمرار لنهج بايدن، والمشاكل في الاقتصاد العالمي تتجاوز بكثير حمائية ترامب:
“يتعين على الصين، بعد عقود من النمو القائم في أغلبه على التصدير، أن تتعامل الآن مع المشاكل الهائلة المتمثلة في القدرة الصناعية الفائضة. يحاول البلد الآن تشجيع المزيد من الاستهلاك المحلي وتنويع شركائه التجاريين”.
”أما أوروبا، على الرغم من قيود الميزانية الصارمة للغاية، فإنها تنفق الكثير من المال في سباق الإعانات… وكل هذه الإعانات تضر بالاقتصاد العالمي، وكان بإمكانها أن تمول بسهولة الاحتياجات العاجلة، مثل كهربة القارة الأفريقية بأسرها بالألواح الشمسية والبطاريات”.
الجندر وأنماط التصويت
تُعرب ميريديث رالستون، أستاذة دراسات المرأة والدراسات السياسية بجامعة ماونت سانت فنسنت في كندا، عن القلق إزاء المزيد من تآكل حقوق المرأة في الولايات المتحدة:
”حتى مع أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن غالبية النساء أدلين بأصواتهن لصالح هاريس، يبدو أن النساء فضلن هاريس، ولكن ليس بالهوامش التي أمِلتها حملتها”.
”زادت جاذبية ترامب للشباب الذكور، حيث تم استغلال مخاوفهم الواضحة من أن تطغى عليهم مكاسب المرأة في مسألة المساواة”.
كيف أثر العرق في الحملة
تقول ريانا غاريت، باحثة الدكتوراه والمنسقة العالمية للمجلس التنفيذي لدراسات العرق المختلط الحرجة في جامعة لوبورو، أن حملة ترامب كانت “مليئة بمحاولات تسليح” الإرث متعدد الأعراق لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس:
”كان الكثير من هذا محاولة لاستخدام لغة رمزية تنطوي على رسائل موجهة إلى قاعدته الخاصة، جزئيًا مع نداءات صارخة إلى حد ما للمشاعر الكامنة للعنصرية، ولكن أيضا كأداة لتصوير هاريس على أنها خادعة وغير جديرة بالثقة من خلال ما يبدو أنه قيامها بطمس خلفيتها العرقية وتغييرها”.
“في آب (أغسطس)، بعد فترة وجيزة من أخذ هاريس بطاقة الحزب الديمقراطي من بايدن، ظهر ترامب في ’مؤتمر الرابطة الوطنية للصحفيين السود‘ وادعى –خطأ- أن هاريس كانت تغير هويتها، وقال: ’لم أكن أعرف أنها سوداء حتى قبل عدة سنوات عندما تبين أنها سوداء، والآن تريد أن تُعرف بأنها سوداء، وهكذا أنا لا أعرف. هل هي هندية أم سوداء”؟
”من جانبه، استخدم فريق حملة هاريس أيضا إرثها متعدد الأعراق لتعزيز أجنداته السياسية. على موقع البيت الأبيض، وصفت بأنها ’أول امرأة، وأول أميركية سوداء، وأول أميركية من جنوب آسيا‘ تشغل منصب نائب الرئيس، الأمر الذي حاول فعليا تصويرها كفائزة. كما صدَّرت هاريس نفسها مسألة “العرقط على موقع حملتها على الإنترنت. في محاولة لمهاجمة حملة ترامب، كانت تهدف بشكل استراتيجي إلى اجتذاب السود واللاتينيين على وجه التحديد، وكذلك المناصرين بحقوق المرأة. هذه هي مجموعات الناخبين الرئيسية التي كانت تهدف إلى حشدها من خلال سياسات الهوية”.
ترامب وكسب الناخبين الذكور
وسع دونالد ترامب نطاق جاذبيته للناخبين الذكور في هذه الانتخابات، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أنه كان يحصل على المزيد من الدعم من الرجال السود واللاتينيين، بالإضافة إلى المزيد من الشباب على نطاق أوسع.
قد يكون أحد أسباب ذلك هو أن الشباب في العام 2024 هم الأكثر تحفظًا من أي مجموعة أخرى في الولايات المتحدة. وثمة سبب آخر يفسر السبب في أن الجندر أصبح قضية مثيرة للانقسام هو تجاهل قضية “روف مقابل ويد” Roe v. Wade، القضية القانونية التي أعطت النساء الأميركيات حقوق الإجهاض.
*جوناثان إيست Jonathan Este: محرر أول للشؤون الدولية، محرر مشارك؛ راشيل جولي Rachael Jolley: محررة الشؤون الدولية في المجلة؛ سام فيلبس Sam Phelps: محرر مكلف، قسم الشؤون الدولية.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Donald Trump wins US election – what the experts say