وسط غموض يكتنف طبيعة المؤتمر ومهماته وصلاحياته، كشفت مصادر صحافية سورية عن انتهاء الرئاسة في البلاد من تشكيل اللجنة التحضيرية الخاصة بمؤتمر الحوار الوطني. وسبق ذلك تسريب خبر تشكيل اللجنة عبر أحد المشاركين في الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية أسعد الشيباني مع المغتربين السوريين في الإمارات العربية المتحدة، على هامش مشاركته في فعاليات القمة العالمية للحكومات.
ومن الواضح أن رئاسة سوريا الانتقالية لم تستطع الخروج عن نهج اللون الواحد الذي اتّبعته في كل التعيينات التي أجرتها، وهو ما صبغ أيضاً تشكيل اللجنة التحضيرية عموماً، إذ إن جميع الأعضاء الذين تم اختيارهم هم إما قادة في “هيئة تحرير الشام” أو مقربون منها.
وافتقدت اللجنة التمثيل السياسي والطائفي، فلم يمثل فيها أي حزب أو تيار سياسي. ولكن حرصت الرئاسة على تعيين امرأتين، إحداهما مسيحية، في حين خلت اللجنة من أي تمثيل للطوائف الدينية الأخرى.
وكان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أعلن في خطاب سابق عن نيته تشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني محدداً مهمته بأنها استشارية من أجل وضع “برنامجنا السياسي”، في حين لا يزال سوريون كثر يأملون بأن يكون المؤتمر وطنياً عاماً وله دور بوضع الإعلان الدستوري وفي تشكيل المجلس التشريعي الموقت، وهو ما لم تظهر أي بوادر تدل إلى إمكان حدوثه وسط حرص قيادة الهيئة على احتكار كل المناصب والمؤسسات واللجان.
وتضم اللجنة التحضيرية كلاً من: حسن دغيم، مصطفى موسى، محمد مستت، يوسف الهجر، ماهر علوش، هند قبوات وهدى أتاسي.
وحسن الدغيم هو مسؤول التوجيه السياسي في “الجيش الوطني السوري”، وكان معروفاً بمواقفه الشديدة المناهضة لـ”هيئة تحرير الشام” وقيادتها، إلا أنه في الفترة الأخيرة هادن الهيئة وأصبح مقرباً منها. وهو باحث وكاتب سوري في الشؤون الإسلامية، من إدلب، حصل على شهادة في العلوم الإسلامية من جامعة دمشق، بالإضافة إلى دبلوم في الفقه المقارن، كما نال دبلوماً في كلية أصول الدين من جامعة أم درمان.
وفي عام 2018 شارك الدغيم في حوار على قناة إسرائيلية، حسبما كشف عنه موقع “سناك سوري” المستقل. ووفق الموقع حل “الداعية الإسلامي والمعارض السوري البارز حسن الدغيم ضيفاً على قناة i24 الإسرائيلية للحديث عن الأزمة السورية وتنظيم داعش”.
وأثار ظهور الدغيم على القناة الإسرائيلية في حينه موجة انتقادات له ترافقت أيضاً مع موجة دفاع عنه من مؤيديه، لكن “إمام النشطاء”، كما يُلقّب، قال إنه لم يكن يعلم أنها قناة إسرائيلية، ورد على منتقديه في بيان على حسابه في “تويتر” جاء فيه أن وائل علوان، الباحث السوري المعروف في “مركز جسور للدراسات” والمتحدث السابق باسم “فيلق الرحمن”، هو من أعطى رقمه للقناة الإسرائيلية.
ومصطفى موسى هو رئيس مجلس الشورى العام في إدلب، ومن قادة “هيئة تحرير الشام”، ويعتبر من الشخصيات المقربة من الشرع.
ويوسف الهجر من دير الزور، وهو من قادة الهيئة البارزين، بل يعتبر من المؤسسين الأوائل لها، وصديق شخصي للشرع، وكان يعرف بلقب “أبو البراء الشامي”، وتولى مناصب في المكتب السياسي للهيئة.
أما محمد مستت فهو طبيب، وشغل منصب مدير الرعاية الصحية الأولية في حكومة الإنقاذ شمال سوريا. ووجهت إليه اتهامات بدهس طفل وعدم إسعافه ما أدى إلى وفاته.
وفي مقطع فيديو، اطلعت عليه “النهار”، ظهر والد الطفل ووالدته يتحدثان عن دهس طفلهما، وكيف فرّ مستت من العدالة بمساعدة جهات نافذة في إدلب، وأكد الوالد أنه تقدّم بشكوى قضائية بحقه في محاكم إعزاز وإدلب.
أما ماهر علوش، فهو من الشخصيات الإسلامية المعروفة في شمال سوريا خصوصاً بسبب أدواره في التوسط بين الفصائل المختلفة، وكان آخر دور بارز قام به إبان حدوث انقلاب على قيادة “أحرار الشام”. وحافظ علوش على استقلاليته نوعاً ما كي يتمكن من القيام بهذه الأدوار التصالحية، لكن بعض المراقبين يعتبرونه ميالاً إلى “هيئة تحرير الشام”.
وهند قبوات سياسية معروفة في صفوف المعارضة السابقة، وكانت عضواً في الهيئة العليا للتفاوض، كما شغلت منصب نائب رئيس هيئة التفاوض حتى عام 2022. وهي حاصلة على درجة الماجستير في القانون والديبلوماسية من كلية “فليتشر” للقانون والديبلوماسية في جامعة “تافتس” في الولايات المتحدة.
أما هدى أتاسي فلم تكن معروفة على نطاق واسع، وهي مهندسة معمارية وناشطة إنسانية، عملت في المجال الإنساني والخيري والتطوعي، كما عملت على قضايا تمكين المرأة ومساعدة الأطفال.