غالبية سكان البلاد من المسلمين السنة، ويؤيدون عموما الدعاة السلفيين المدعومين من السعودية، ويعارضون الإسلام الشيعي وإيران.
الارتهان لإيران
أبوجا – يواجه الشيعة في نيجيريا، وهم أقلية تمثل حوالي 1.3 في المئة من السكان، ضغوطا من قوات الأمن في البلاد وكذلك السلفيين وكل السنة المناهضين لهذه الطائفة، ما يدفع بها إلى الارتهان بإيران والبحث عن دعمها حتى وإن سبّب لها متاعب وصداما مع الدولة.
ويقابَل التدخل الإيراني في نيجيريا برفض واسع من قبَل السكان، وزاد هذا بالتزامن مع تطورات الحرب في غزة، حيث يميل المسيحيون، وهم نصف سكان نيجيريا، إلى تأييد إسرائيل. وفي الوقت نفسه تزايد عداء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) للأقلية الشيعية نتيجة العداء التاريخي، وخاصة بسبب الدعم الذي تتلقاه من إيران.
كما أن غالبية سكان البلاد من المسلمين السنة، ويؤيدون عموما الدعاة السلفيين المدعومين من السعودية، ويعارضون الإسلام الشيعي وإيران.
إيران تستغل الوضع الهش الذي يعانيه المجتمع الشيعي النيجيري وتهديدات قوات الأمن وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا لتوسيع نفوذها
وخلال العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين بدا أن إيران، التي تُروّج للمذهب الشيعي عالميا، قد سحبت دعمها للحركة الإسلامية في نيجيريا، الجماعة الشيعية، التي تتبنى أفكار الخميني، وهي الأكثر صخبا وتوجها سياسيا في البلاد، بقيادة إبراهيم الزكزكي، وحوّلت تركيزها، بدلا من ذلك، نحو الجماعات الشيعية النيجيرية الأكثر تمسكا بتعاليم الطائفة، والتي تمتنع عموما عن المشاركة السياسية.
ورغم هذه التحديات واصلت إيران تعزيز علاقاتها مع زعيم الحركة الإسلامية النيجيرية، إبراهيم الزكزكي. ففي فبراير 2024 التقاه ممثل المرشد الأعلى علي خامنئي في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة بالعراق، لمناقشة المسائل التي تؤثر على العالم الإسلامي وأفريقيا على وجه التحديد.
وقال الكاتب جاكوب زين في تقرير نشرته مؤسسة جايمس تاون إن هذا الاهتمام يُبرز كيف تُمثل الحركة الإسلامية النيجيرية إحدى الوسائل القليلة لإيران لممارسة النفوذ على السياسة والأيديولوجيا الشيعية في أفريقيا.
وأشارت تقارير في وقت سابق إلى أن السعودية ضغطت على السلطات النيجيرية للحد من النفوذ المتزايد للحركة الإسلامية في نيجيريا، وهو ما بلغ ذروته في حادثة 2015 التي قُتل خلالها ما يصل إلى 500 من أعضاء الحركة أثناء مظاهرة في الشارع.
حح
وكاد الزكزكي يُقتل خلال أعمال العنف، ووُضع قيد الإقامة الجبرية مع زوجته حتى عام 2021. وبعد معارك قانونية مطولة بشأن وثائق السفر، مُنح الزكزكي إذنا بالسفر إلى الخارج لأسباب طبية، وتلقى العلاج في إيران من أكتوبر 2023 حتى 21 فبراير 2024، قبل أن يعود إلى نيجيريا.
ويؤشّر هذا على العلاقات الوطيدة بين الزكزكي وطهران، لكن الحركة الإسلامية في نيجيريا واجهت ضغوطا شديدة في السنوات الأخيرة. ففي 17 نوفمبر 2023 قُتل عضوان من الحركة الإسلامية بنيجيريا في ولاية كادونا خلال مظاهرة تندد بالحرب الإسرائيلية على حماس في غزة.
وفي 5 أبريل 2024 قُتل ما لا يقل عن خمسة أعضاء من الحركة، وجُرح ما يصل إلى 20 آخرين، في اشتباكات مع الشرطة أثناء مسيرة يوم القدس العالمي في ولاية كادونا.
وفي 25 أغسطس 2024 اشتبكت الحركة مع الشرطة بمنطقة ووسي الراقية في العاصمة أبوجا، ما أسفر عن مقتل ضابطي شرطة ومدني. كما أُحرقت ثلاث سيارات شرطة، وهو ما دفع مفوض الشرطة بينيث إيغويه إلى التصريح بأن الشيعة “أعلنوا حربا شاملة علينا” وأن هذه ستكون آخر احتجاجاتهم في أبوجا.
وفي 1 سبتمبر 2024 أطلقت الشرطة النار على عضو من الحركة الإسلامية في نيجيريا، وأُصيب شرطي، وأُحرقت عدة سيارات شرطة خلال احتجاج بالقرب من مبنى الجمعية الوطنية في أبوجا.
ووضعت الاشتباكات المستمرة بين الحركة الإسلامية في نيجيريا وقوات الأمن في أعقاب أعمال الشغب الكبرى سنة 2015 الجماعة تحت رقابة مشددة، ويبدو أن حملة قمع أخرى أصبحت ممكنة مجددا بعد عقد.
وفي الوقت نفسه ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا مذبحة بحق طائفة شيعية في نيجيريا أواخر أغسطس 2024، ونشر لاحقا صورا للضحايا الذين أُعدموا بالرصاص.
حح
وذكر التنظيم أن الضحايا تعاونوا مع قوات الأمن، لكن وضعهم كشيعة “رافضة” كان وحده مبررا للإعدام وفقا لأيديولوجيا التنظيم. وكان هذا أول هجوم متعمد للتنظيم على السكان الشيعة في نيجيريا منذ 2015.
وتوضح هذه الأحداث مجتمعة الوضع الهش الذي يعانيه المجتمع الشيعي النيجيري، الذي يواجه تهديدات من قوات الأمن وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا. وهذا الوضع يوفر لإيران فرصة توسيع نفوذها.