نساء إيرانيات يسيرن في طهران في 18 يوليو 2023 (أ ف ب)

يتزايد العنف  ضد المرأة وبأشكاله المختلفة في ايران ، حيث إن تمكين الأشخاص ذوي النظرة التقليدية من خلال تمهيد المسارات القانونية لقتل النساء باسم الشرف ” هو أحد طرق قمع المرأة وبضوء أخضر من السلطات.

بسبب الإحصائيات المرتفعة لجرائم قتل النساء في إيران تزايدت المخاوف من هذه الظاهرة (الشرف)، وإذا ما تصفحنا أخبار تلك الجرائم في فصل خريف عام 2023 يتبين لنا أنه وفي أقل من 40 يوماً قتلت 16 امرأة في الأقل على يد أزواجهن أو آبائهن أو إخوتهن أو أشخاص آخرين من أقاربهن. هذه الإحصائية تشمل فقط الضحايا الذين تسربت عمليات قتلهن إلى وسائل الإعلام.

أحدث هذه الحالات قتل ويدا دهقان بيرانجوغ، وهي فتاة تبلغ من العمر 20 سنة، من سكان مدينة أورمية شمال غربي إيران، بدافع الشرف على يد أخيها.

“علاقة خارج إطار الزواج”

وكالة “هرانا” للأنباء، في تقرير لها، قالت إن الشاب البالغ من العمر 15 سنة، ويدعي كامران خنق أخته مساء السبت 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، “للاشتباه في علاقة خارج إطار الزواج”.

ووفقاً لتقرير نشره موقع “كوردبا”، فإن ويدا دهقان بيرانجوغ من سكان مدينة أورمية حي كشتاركاه متزوجة وأم لطفل، وتعيش في منزل والدها منذ نحو عامين بسبب خلافها مع زوجها، وهرب أخوها المراهق بعد أن قتلها.

تروسكه عبدالله زادة، فتاة تبلغ من العمر 21 سنة التي تعتبر من الفتيات الضحايا اللاتي يتزوجن في سن مبكرة. وقتلت في 15 أكتوبر الماضي على يد أبيها وزوجها ووالد زوجها في بلدة كاسه كران الواقعة في مدينة بيرانشهر بمحافظة أذربيجان الغربية، وهي أم لطفلين يبلغان من العمر 8 و5 سنوات.

بحسب تقرير لحملة “وقف جرائم الشرف”، فإن تروسكه ألقت بنفسها من نافذة غرفتها لإحساسها بالخطر، لكن قاتليها أخذوها إلى المنزل وبعد أن تعرضت للتعذيب الشديد تم شنقها، واعترف أبوها بقتلها بمعية شقيقه وابن أخيه زوجها.

وفي الـ15 من الشهر ذاته، قتلت امرأة تبغ من العمر 45 سنة، واسمها خديجة مقدسي على يد زوجها في مدينة بروجرد بمحافظة لورستان. وطعن الزوج زوجته حتى الموت وبعد أن ألقي القبض عليه اعترف على أنه مصاب باضطراب نفسي وعقلي.

على يد أخيها

بتاريخ الـ12 من أكتوبر الماضي، قتلت راضية حسنوند البالغة من العمر 20 سنة، من سكان مدينة الشتر بمحافظة لورستان، بإطلاق نار بدافع الشرف على يد أخيها، أجبرت راضية على الزواج من ابن عمها في سن مبكرة وأنجبت منه طفلاً، لكنها تطلقت من زوجها على رغم معارضة أهلها.

بهمن حسنوند هو من ضغط على راضية للزواج من الرجل الذي اختاره. وقبض عليه يوم 14 أكتوبر أثناء تشييع جنازة راضية.

وتحدثت بعض المصادر عن أن الدافع الرئيس وراء قتل أخته هو “خروجها من المنزل من دون إذن والديها”.

 

وفي يوم الأربعاء 11 أكتوبر الماضي، قتلت شابة على يد زوجها في حي عباس أباد في العاصمة طهران.

ونقلاً عن موقع “إيران أونلاين”، يبدو أن الرجل وأثناء استجوابه من قبل الشرطة قال إنه يعتقد أن زوجته تخونه مع رجل آخر.

في الخامس من أكتوبر الجاري، أعلن المدعي العام في مدينة دامغان أنه عثر على جثة امرأة تبلغ من العمر 28 سنة ملقاة تحت جسر آهوانو على طريق جشمه علي.

وقالت وكالة “إيرنا” للأنباء الحكومية إن زوج المقتولة اعترف بعد إلقاء القبض عليه بأنه هو من قتل زهراء خليل نجاد بعد أن ضربها بجسم صلب على رأسها إثر خلافات عائلية وترك جثتها تحت الجسر.

زهراء خليل نجاد طالبة دكتوراه في السنة الأخيرة وبينما زوجها طالب في الحوزة العلمية.

6 رصاصات

في الخامس من أكتوبر أيضاً، وفي مدينة إيرانية أخرى، قتلت شهين إبراهيم زادة البالغة من العمر 21 سنة، على يد والدها وعمها.

شهين من سكان بلدة جولان في مدينة سردشت، وانفصلت عن زوجها وكانت تقيم في منزل والدها، وقتلت للاشتباه في علاقة عاطفية لها مع رجل آخر.

في الرابع من أكتوبر الماضي، قتلت يكانه رستمي، البالغة من العمر 23 سنة، من سكان مدينة محلات بمحافظة مركزي، بست رصاصات على يد خالها.

يكانه التي كانت تعيش مع خالها بعد انفصال والديها منذ طفولتها قد فشلت في حياتها الزوجية وتطلقت من زوجها.

وفي تقرير لموقع “ركنا”، يبدو أن خالها كان قد اقترح عليها أن تجمع أغراضها وتذهب إلى مركز الرعاية الاجتماعية “بهزيستي” لتقيم هناك، لكنه في منتصف الطريق أطلق النار على بنت أخته فأرداها قتيلة.

علاقات عاطفية

وفي 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد شهر تقريباً من اختفاء امرأة في مدينة الأحواز، تم العثور على جثتها على طريق مدينة الحميدية.

وذكرت وكالة “مهر” للأنباء، أنها “قتلت بسبب خلاف عائلي بحيث قام اثنان من أقاربها بخنقها وقتلها في منزل يقع بحي من أحياء مدينة الأحواز”، لكن بعد ذلك، كشفت منظمات حقوقية أن زوجها وشقيقها قاما بخنقها ونقل جثتها إلى إحدى القرى الواقعة على طريق مدينة الحميدية، للاشتباه في علاقة عاطفية مع رجل آخر.

في اليوم نفسه، وبمدينة خوي، أطلق رجل آخر النار على زوجته مريم وأختها نوشين وابنته البالغة من العمر تسع سنوات.

وخلال استجوابه من قبل الشرطة قال إن الدافع وراء القتل هو الشرف. وقال موقع “ركنا” نقلاً عن رئيس شرطة مدينة خوي إن القاتل قبض عليه بعد ساعات من حدوث الجريمة.

في السابع من أكتوبر أيضاً، قتلت فتاة تدعى فاطمة محمد بناهي، تبلغ من العمر 17 سنة، من سكان بلدة مارغان مدينة سردشت، على يد زوجها وشقيقيها.

وبحسب تقرير لموقع “كوردبا”، فإن فاطمة تزوجت وهي في الـ12 من عمرها من ابن عمها بناء على رغبة والديها، لكن وبسبب الخلافات العائلية انفصلت من زوجها.

وفي يوم الخميس السادس من أكتوبر 2023، قدم زوج من سكان مدينة مشهد على قتل زوجته ووضع جثتها في حقيبة وسلم نفسه إلى مقر قيادة الشرطة في العاصمة طهران. وقال إنه قتلها بدافع الشرف.

وقالت صحيفة “اعتماد” إنه ادعى أن زوجته كانت تخونه مع رجل آخر.

انتشار هذه الظاهرة

في الوقت الذي تتحدث فيه الأخبار عن قتل لا يقل عن 16 امرأة في فترة أقل من 40 يوماً، فإن النشطاء المحليين يؤكدون أن قتل النساء في بعض المناطق الإيرانية لم يتسرب إلى وسائل الإعلام.

ومع هذا، فإن الإحصاءات التي نشرت في وسائل الإعلام تشير بوضوح إلى انتشار هذه الظاهرة في جميع أنحاء إيران لأن جرائم الشرف ما زالت مستمرة شمال وجنوب وشرق وغرب البلاد.

ضحايا جرائم القتل التي حدثت خلال الـ40 يوماً الماضية كانوا في مدينة مشهد وطهران وبيرانشهر وسردشت وخوي ومحلات وأورمية والأحواز وهرسين والشتر وبروجرد.

تشير هذه الإحصاءات إلى أنه في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، قتلت نحو 50 امرأة في أنحاء مختلفة من إيران، 4 منهن في الأقل فتيات يبلغن من العمر 15 سنة أو أقل.

مبادئ الفقه الشيعي

جل ضحايا جرائم الشرف هن من النساء اللاتي أجبرتهن عائلاتهن على الزواج في سن مبكرة، ويقتلن أيضاً في سن مبكرة.

وتتحدث وسائل الإعلام الإيرانية عن أن الدوافع الرئيسة وراء جرائم القتل هذه هي قضايا مثل “الشبهة والخلافات العائلية والزوجية”، ولم تذكر لا اسم الضحية ولا القاتل.

وكما هو معلوم، فإن السلطات الإيرانية لا تتخذ بعد التدابير الفعالة لمنع انتشار ظاهرة قتل النساء من خلال وضع وإصدار قوانين تحد منها فحسب، بل إنها قامت بإقرار قوانين مبنية على مبادئ الفقه الشيعي تمكن الرجال التقليديين والمتسلطين والمتشددين من قتل النساء.

وفي تقرير لصحيفة “جوان” التابعة للحرس الثوري، ادعت أن النساء يخططن لجرائم الشرف والرجال هم من ينفذ هذه الجرائم.

مؤامرات نسائية

أضافت أنه “من خلال فحص القضايا التي نشرت على وسائل الإعلام تبين أن بعض هذه الجرائم التي حدثت كانت بمؤامرة من قبل النساء ضد الرجال”.

وعلى رغم ادعاءات صحيفة “جوان” الحكومية، فإن الأبحاث المستقلة التي أجريت من قبل الباحثين والمؤسسات المدنية تكشف عن أن من أهم العوامل في استمرار جرائم الشرف بإيران هي عدم وجود قوانين تردع من يتعرض للمرأة وحقوقها.

وكما هو معروف في إيران وفقاً لقوانين إيران فإنه إذا ما قام أب بقتل أحد أولاده فلن يعاقب عقوبة شديدة لأن الأب هو الولي على أولاده.

“مهدورة الدم”

وأيضاً، وفقاً للمادة 630 من قانون العقوبات الإسلامي، إذا ما قتل رجل زوجته وادعى أنها كانت على علاقة غير شرعية مع رجل آخر، فيترتب عليها ما يعرف بـ”مهدورة الدم”، بالتالي لا يترتب على زوجها الذي قتلها أي عقوبة.

إن السيطرة على النساء وأجسادهن، التي تسمى في العرف العام بـ”الشرف”، ترسخت كثيراً في بعض الأنظمة الاجتماعية إلى درجة أن عمليات القتل تتم بالتعاون بين كبار السن وأقاربهن.

ويؤكد الناشطون في مجال حقوق المرأة أن النظام الإيراني يستفيد من قمع النساء من قبل الرجال التقليديين والمتعصبين والمتحجرين.

يرى خبراء العلوم الاجتماعية أن تحسين مستوى التعليم والثقافة وتعديل القوانين هي الحلول الوحيدة لمحاربة هذه التقاليد والمعتقدات الضارة التي أدت إلى اتساع هذه الظاهرة في إيران.