Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • حكايا صيدنايا الجزء الثامن عشر…..نصار يحيى..
  • مقالات رأي

حكايا صيدنايا الجزء الثامن عشر…..نصار يحيى..

khalil المحرر مارس 13, 2024
Download (9)
لم تأتَ سفينة الصبح؟
أوشكتْ ساترَ الترحيب، وانسحبتْ!
الجناح الآن (الألف يمين)، تدبُ فيه الحيوية والنشاط الدائمين؟
.بقدوم الجدد من اعتقالات (87-88). امتلأت الحركة. لكن ماسيحصل من “تجدد “غير متوقع، أتى بامكانية صناعة (الفرجة المسرحية) وهنا في هذا المكان الجبلي، المرتفع بين ثنايا المسموحات والممنوعات؟
تغفو “الممنوعات” على هدبها، تمشي الهوينى، لكنها تقف عند “الحدود” التي تذكّر المعتقلون:
اننا هنا “باقون على صدوركم” مهما حاولت الوصايا التراخي ..
يأتي بدر زكريا محمّلاً بهاجس عمل مسرحي ما وأين في هذا المكان؟
لربما شعر أن هناك “فسحة تنفس” تسمح ببعض الاقتراحات غير المألوفة؛
حلقات متنوعة للقراءة. وجود مجلة رؤى رغم انها كانت على وشك “الاحتضار”.
وكأن ورشة “خلية نحل” من التفاعل مع الكتاب.
أيضاً وجود وقت فراغ، للسياسيين كي يفرغوا جعبتهم: يمشون الكوريدور ذهاباً وإياباً، يجردون السياسة عن بكرة أبيها. تحليل وتركيب وتنظير وما وصلت إليه التجربة الاشتراكية على الصعيد العالمي، وخاصة “ديار السوفييت” بما كانت تعني وترمز أن أبواب الجنة تفتح هناك.
حتى أن البعض كان يسمع ويقرأ: “التجربة السوفيتية تخطت مرحلة الاشتراكية وبدأت تفتح قاعات للشيوعية:
عز الرجال ومأوى النساء والأحرار في العالمين الشرقي والغربي، وما بينهما من “دراويش” متنقلين، هنا وهناك.
/ زمجرَ بريجنيف -الرئيس السوفيتي من تشرين الأول بانقلابه الشهير على خروتشوف حتى وفاته تشرين الثاني 82- معاتباً ومهدداً، غورباتشوف من “قبره” على سور الكرملين:
“ويحكَ سودت ْوجهنا، ضيعان التعب والتربية فيك أيها الرفيق الضال، ياسواد ليلك. ماخليت ستر مغطى، لهون وصلت معك الفضائح ونشر الغسيل.. أنتَ واحد جاحدٌ وناكرٌ للجميل..ستأتي البروليتاريا العالمية وتضع أمثالك في مزبلة التاريخ. ويمكن يحطوك عَ خازوق عثماني..
وصلته الرسالة لغورباتشوف: كان يغطُ في نومه، “شخيره واصل لسابع سماء”، يلتقيان في “المنام”، يزرزبْ ماءاً زلالاً من شدة الخوف، يصرخ لا مستجيب: وينكم يا رفاق الدرب، أنتم من وقف معي، تعالوا نضع حد لهذا الطاغية (بريجينيف). . يعلو صوت الزعيق. زوجته في الغرفة المجاورة، تفيق مرعوبة: يا فتاح يا عليم..جابتلو كاسة ماء، شربَ منها قليلاً، رشرشتْ عليه ماتبقى..قوم يا غورباتشوف اغسل وجهك وسمي بالرفيقات والرفاق، الصالحات والصالحين..
جلس على جانب سريره، يفكر..يقرأ أنباء موسكو، ترد له الروح، حيث “المسيرة” مستمرة، لا خوف من بريجينيف ولواحقه من “حانا ومانا”..يشرب قهوته، يدخن سيجارة من نوع سوفييتي (بيلومور كانال)؟
يخشى إن دخنَّ مالبورو من الاتهام بالعمالة للامبريالية العالمية../
يعود بدر ويسأل هل لديكم رواية اللجنة/ صنع الله ابراهيم؟
كان معنا في أحد المهاجع، تعرفنا عليه وهو من “السكان الجدد” حملة 87.
قد مضى على اعتقاله كما البقية بضعة أشهر.
هناك في الفرع كانوا “يرتلون الليل ترتيلاً”، على أمل أن يأتي الانتظار؟؟
نعم هي موجودة، ربما تجدها مع أحد الشباب في مهجع آخر.
ابراهيم -قرابته- لبدر هو من رد عليه.
سأله مازن: من بين كل الروايات والكتب المتوفرة، فقط هذه الرواية (اللجنة) تريد؟
قبل الاعتقال كنا “ورشة” أصدقاء، نحاول الشغل على المسرح، كانت مثار اهتمامنا بأن نحولها لنص مسرحي.
كنتُ جالساً ومازن ومعنا محمود وفادي في حلقة قراءة. انتبهت أنه هناك فصحى غير مبررة بحديثهما (بدر ومازن):
“ولماذا هذه الفصحى المقعرة يا رسوليْ الله”؟
ضحكنا وعادت الكلمات الطبيعية: خيا المصاحبة لمازن مفتاح الكلام “شق حديث” كما يقال.
فقط لأنك كنت َ تحاول الشغل عليها، أم هناك شيء خاص في الرواية؟
-عادت الفصحى متسللة-
حضرتي من سأله هذا السؤال. كنا في هذه المرحلة من القراءة ننفر قليلا من “الأدب الموجّه”، الذي يحاول عند كل همز ووصل التذكير بالرسائل التوجيهية: احذروا المنتجات الغربية. رواية اللجنة فيها الكثير من التنبيه لواقع الانفتاح في مصر/ السادات. ستجد شركة كوكاكولا الامريكية صداها السلبي بين رسائل صنع الله ابراهيم.
يعود بدر للقول: رواية اللجنة هي رواية إشكالية، البعض شبهها مع رواية المحاكمة / لكافكا.
يشاركه الرأي لبدر جمال:
هي تنهل من ما يسمى بالكوميديا السوداء..تخيلوا شكل اللجنة وضمور أسماءهم حيث الوصف، للهيئة الجسمية الخارجية تنوب مناب الاسم: القوي/ عجوز..المتسلط/ متهالك..
حاولوا إهانته في كثير من المواقف، كان أذكى بإجاباته. وإنما في اللحظات الأخيرة..يفشل..ينهار..يأكل نفسه..
كم هي مأساوية هذه النهاية برأيكم؟
من كان يجلس ومن هيأ نفسه للمشاركة: وائل، علي، علي، عبد. مازن، فادي..قلنا لهما بصوت عالٍ: موافقون..و ننتظر العرض..
نحن القاطنين القدامى كان المسرح بالنسبة إلينا طموح ورغبات من الصعوبة أو الاستحالة بمكان تحقيقها؛ رغم أنه بفرع التحقيق وظلامية الشفاط في المهجع الرابع، حاول وائل ومعه البعض (علي، منصور، عبدو، سلمان أمون، أيمن ، طلال) العمل على مقاطع مسرحية.
تم الاختيار لنصين مهمين : مسرحية عطيل / شكسبير. ومسرحية الممثلون يتراشقون الحجارة/ للمسرحي السوري فرحان بلبل..تلك المحاولات اعتمدت على ذاكرة وائل. دون أي مرجع مكتوب.
لكن مع مرور السنوات، تنحى هذا الاهتمام؛ ليس هناك من شخص “يوسوس في الصدور” كما فعل بدر.
عداكَ عن “تلصص الدولاب” حال معرفته أن هناك “وشوشة” بين المعتقلين خارج “السرب”..
لطالما كانت تشغلنا نشاطات من “هوسٍ” آخر:
قراءة وحوارات ومستلزمات التواصل لتجديد النحت على خفايا الأيديولوجيا.
تعرفَ بدر على علي الكردي، ومن “الباب للطاقة” بعد سيرة قصيرة:
ما رأيكَ باعتبار لديك تجارب سابقة بالعمل الصحفي، وربما أطلت على نافذة للسيناريو، أن نشتغل سويا بمسرحة رواية اللجنة؟
فكرة جميلة يقول له علي.
أُعلنت ساعة البدء بالتزامن مع اختيار متطوعين من ممثلين ولوازم العرض المسرحي على ندرتها.
يشارك في العرض:
بدر مخرجا وشخصية الدكتور: بدر زكريا.*
أعضاء اللجنة : علي الكردي، مازن ربيع (راوي 2)، عبد الكريم درويش.
مساعد مخرج وممثل راوي 1: وائل السواح.
صوت بشري بديلا عن الموسيقى: سمير عبدو.
-وكنا نحن المتحمسين بانتظار العرض. نتشوق الايام ونسأل بدر وصحبه: متى العرض يا “جماعة الخير”؟-
أتى اليوم الموعود..كان الوقت بعد ظهر قبل السابعة مساء بقليل؛ السابعة تغلقُ المهاجع أبوابها.
فُرّغ المهجع الخامس كي يقام به العرض..جزءا من المهجع احكموا الستارة عليه (بطانيانتنا الحنونة). وكانت جانب زاوية “البخشة” المطبخ..
دخلنا أفرادا وشلل حسب الصداقات القريبة والبعيدة أحياناً.
تفاعلنا مع العرض..لهفة ترقب عشناها مع الشخصية الرئيسية (بدر) وكيف تسخر منه اللجنة..
لا يقلل ذلك من الآخرين (علي، وائل، مازن، عبد. سمير)، هم لأول مرة يصعدون “خشبة ما مسرحية”، أجادوا أدوارهم بحالة مسرحية غير متوقعة!
وكان المشهد الأخير: يأكل نفسه بدر بعد الفشل والشعور أنهم استطاعوا النيل منه..أحدنا (أبو أمجد) من شدة تأثره وتصديقه للمشهد، بعد انتهاء العرض يسأل بدر: كيف أنت متت وأكلت نفسك، وتقف “قدامي” وكأن شيء لم يكن..
كانت لحظات ترفيهية، كنا جميعا نحتاجها: خروج عن مألوف طنين السياسة وحلقات القراءة ، أو نشاطات أخرى..
تعود أدراج الرياح إلى “العوازل” وحميمية الملتقى المهجعى.
وقفَ عبد درويش في المهجع -كان معنا بالمهجع السادس- مخاطباً تلك الشبابيك المعلقة خلف الباب؟
يستعيد كلمات رابعة العدوية -التي قرأناها من كتاب حسين مروة/ النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية:
“إلهي أنارت النجوم، ونامت العيون، وغلقت الملوك أبوابها، وخلا كل حبيب بحبيبه..وها أنذا بين يديك..”
مضى على خبر وفاة أمه ومغادرة زوجته “عقد الزواج”، أشهر قليلة.
علق عليه موفق: خيا عبد صدعت راسنا، كل يوم بتعيد نفس الكلمات، حفظناها عن ظهر قلب، عالاقل من كثرة تردادك لها.
“غير العّيار”؟
يدخل ياسر على الخط:
بعدين (رابعة) تناجي عشقها ومعشوقها الصوفي لله، الغائب الحاضر. أنت يا مسكين تخاطب الأبواب المغلقة؟
“عمَّ تبحثُ يا (عبد) في مركب الأوديسة المكسور”؟
بذكائه المعهود يرد عبد:
“وما الحب إلا للحبيب” الذي أتخيله وأعيش معه رحلة الليل. والاهم هو ليس بينكم ويرفقها بضحكة عالية.
ساد صمتٌ قليلٌ.. عبد ينهي الصمت، فتها خيا: لعبة ورق شدة طرنيب اسمها 41.
تعال أبو رزق . نادى عليه موفق منشان تلعب شريكي..لعبت أنا معهم وكنت شريك عبد.
مزحة تتكرر عندما يلعب أبو رزق -لعبه متواضع- شريكه موفق مغامر باللعب، دائما بيضمن (14) يحتاج لتأمين سبع “ضروب”.
وطبيعي أن يستند على شريكه:
تبدأ اللعبة: أبو رزق يؤمّن على “التنين تبعو”. ويترك “الشقى عمن بقى”.يصرخ بوجهه موفق شريكه: معقول أبو رزق التنين تبعك أهم من 14..كل المهجع يضحك..وضُربتْ مثلاً: اهم شي تنين ابو رزق..
انتهينا من اللعبة، هُزم أبو رزق وموفق..
يعود الاسترخاء..يتسلل صوت غناءٍ، بحة عراقية من المهجع الثامن..
وقفنا نحن الستة عشر سكان المهجع السادس -اعتقد ايضا بقية المهاجع كذلك- نصغي بحنين لهذا الصوت.
إنه نادر يغني، ويعزف على عود من صناعة السجن “بيدون بلاستيكي”، تحول بقدرة محمد عيسى لعود، يجيد النغمات الموسيقية..:
“يا حسافة كنت أحسبك نبع ريحان وسقيتك
يا حسافة يا حسافة
تبعثر أيام العمر..
تهدم الحلم البنيته..
نسيت عمري و ما نسيتك ..”
محمد ونادر في نفس المهجع، يقول له محمد:
عندي لك مفاجأة..عود من خشب وله ظهر وبطن مسطح وصدر..
معقول..رائع..وين مخبيه..وكيف حصلت عليه باستغراب؟
راح احكيلك ..بالتفصيل الممل..نادر ينادي لمنصور تعال اسمع قصة عود حقيقي -بيننا في المهجع- من محمد..وبطبيعة الحالة عزت جار محمد يشارك بالقعدة..
تربع على عازله:
أهم شيء في العود كيف نصنع “القصعة” أو ظهر العود؛ في ظل الندرة المتوفرة.
هكذا بدأ محمد السيرة، ثم أردف:
هو الان شبه جاهز.. في الزاوية ينتظر بعض “الأيدي الناعمة” حتى يرى النور.
طيب احكيلنا كيف ظبط معك؟
يسأله منصور.
كما قلت لكم القصعة هي مفتاح الشغل، فصّلت الخشب ريش من عند رقبة العود، حيث النحافة المطلوبة، يزيد عرضها شيئا فشيئا، تعود تضيق عند الأسفل..
اي وبعدين صارت قصة قصيرة، يقول عزت محمود جاره في العازل.
طول بالك أبو العز.دخن سيجارتك الناعورة رفيقة يومك. يخاطبه محمد.
لففتُ الريش بقطعة قماشية، نقعتهم في الماء لثلاثة أيام، بذلك ساعدني على ثني الريش كما بطيخة..والأهم انها لن تنكسر لانها صارت طرية جداً..
جميل يردد نادر
وصار عندي قصعة ” ظهر للعود”:
ثبتت قطع الخشب الى بعضها بعد التنشيف..استعملت هنا خيطان وغراء..
الصدر عتب علي وقال لي: أين أنا ياظالم؟
جايك الدور يتمتم محمد:
هناك خشب سحاحير بيضاء رقيقة، منها صنعتكَ يا صدرُ..
عجبك هيك ..تمام يردد الصدر الصدى..
ثم فتحت لكَ ثلاث فتحات “للتهوية”..أهم شيء الفتحات لولاهن كنت قد أختنقتُ..
قمتُ بعد ذلك بتثبيت زند العود و علبة المفاتيح..
لهون احنا معك..كيف جبت الأوتار وعلبة مفاتيح..يسأله نادر؟
طلبت من الأهل بالزيارة، بصعوبة مرروها مع الأغراض، لم ينتبه حارس البوابة لهما.
لاتنسوا أنني اعتمدت كثيراً على “شفرة” براية (مبراة) أقلام الرصاص. هي من ساعدني بكل الخطوات!
ألا ترون معي الآن انه عود حقيقي كما صناعة معمل خاص بالاعواد..
الكل أجاب نعم..يالله يانادر جود بنغماتك وسمعنا.قال له محمد..وانا سوف أدندن عليه..**
في صباح على غير عاداته: أتى نزيه -مساعد انضباط السجن- وقف على الباب العريض للجناح، نادى على رئيس الجناح (علي صقر). معه تعليمات ان يتم نقل كل المعتقلين الجدد (حملة 87) إلى طابق آخر؛ سنعرف لاحقا أنهم في الثالث ج يسار.
خلال نصف ساعة رحلوهم، سادَ حزنٌ..البعض اعتبر الرحيل كما أيام الاعتقال الأولى.
هي غربةٌ جديدة بنظرهم و بنظرنا نحن من اعتاد على تواجدهم، خاصة من عاشوا معنا بنفس المهاجع: بدر. محمد. كاسر. أكرم.
كذلك من صاحبَ يومياتنا في القراءة وجلسات السمر: نضال. مالك. فيصل. يحيى. أيمن..
رفرفت الأجفان أغصانها
همستْ الريح عتاباً لاوراق تنثر بعض الدموع
لم يتهجّد سراج الليل:
كانت هناك “مزامير” مركونة على الجدار
تلطم صدى الريح
مع ترحيلهم:
سكنتْ الأبواب على مصراعيها..
تأتيني زيارة الأهل المعتادة، ومعي علي وعادل ومن هناك من نفس الطابق ب يسار، أخي علي مع معتقلي (حزب البعث الديمقراطي)؛ اعتقل بداية كانون الثاني 80.
/شن الأمن العسكري حملة على التنظيم استهدفت الكادر الاول، كان أخي عقاب -أمين تنظيم قطري- في أحد بيوتاتهم للتخفي..تمكن من النجاة..بعد أشهر سيذهب إلى الجزائر (منفى قيادتهم القومية /ابراهيم ماخوس وبعض القياديين الآخرين)../
عندما لم يتمكنوا من اعتقال عقاب. قرروا الانتقام منه باعتقال أخي علي -مساعد أول في الجيش، لم ينتمِ إلى أي تنظيم معارض- وضعوا بجانب اسمه منظم وبعلاقة خاصة مع أخيه عقاب..كان التحقيق سريع جداً. كانت الهجمة الاخوانية حامية الوطيس..
يحضرون قوائم كي يفرجوا عن تنظيمات اليسار بشكل عام: يخرج بعد أقل من شهر 4 شباط معتقلين الرابطة والتنظيمات الاخرى الصغيرة.
لذلك كان من المستهجن والمستغرب تلك الحملة على البعث الديمقراطي؟!/
على جدار الشبك الاول التقينا -بعد ثماني سنوات أو أكثر- يفصل بيننا ممر حراس الزيارة، عيونهم تتلصص الهمسات ووضع الايادي، ويلٌ لها إن اقتربت أو لعبت بأصابعها..
في نهاية الزيارة، يقف بنا (المساعد نزيه): مدير السجن سمح للقرابة من الدرجة الأولى -أب. أخ- أن يكونوا في مهجع واحد..
وأكمل: انت فيك تروح لعنده أو هو يأتي لعندك:..سألت أخي علي: شو رأيك انت تنتقل الى عندنا، مثل مابتعرف علي وعادل معي بنفس المهجع؟
وافق على الفور..أبلغ المساعد نزيه..خلال ساعات كان عنا في المهجع..عائلة من أربع: علي وأنا..علي وعادل..ماحدا بيطلعلوا معكم، هكذا قال إبراهيم بمزحاته الجميلة..
سيجد أن هناك فروق في تفاصيل حياتنا اليومية، بين “سكنه” القديم مع البعث الديموقراطي، ونحن “الفوضويون” مع هذه التفاصيل..
عندما ينتقلوا إلى “حيينا” بالجوار، في الألف يسار بعد أشهر، سنتعرف إلى “النظام الصارم” الذي يرافقهم: الساعة الواحدة ظهرا قيلولة لمدة نصف ساعة..هدوء في الجناح ارمِ الابرة بترن وبتعن، بتسَمعك نغم الصمت!!
النوم مساءً العاشرة ليلا: يحق لبعض “القلقين” السهر عبر “لمبة صغيرة فوق رأسه تشبه الكلوب مصنوعة من تعب الايام وقلق القواعد..
كنا نقول لهم: هذه سجنة ثانية..يقولون: أنتم حارة كل مين ايدو الو و بايعينها..
لايعني ذلك أننا لم نتفاعل مع بعض. على العكس تماما بعد أن قدموا تغيرت ملامح الحياة “السجنية”.
هم ملأوا ثمانية مهاجع وكنا نحن خمسة في هذه الاثناء..زيارات متبادلة..سهرات عندهم أو بأحد المهاجع: بعد إغلاق الأبواب يمكنك أن تذهب لعندهم وتنام هناك، حيث التفقد فقط مرة واحدة وأثناء النهار.
ايضا كانت هناك حلقات قراءة مميزة مع البعض منهم..ونشاطات أخرى سياسية متبادلة لمن تستهويه هذه “التداعيات”:
صدى صوت المسامير الاولى للنعش (المنظومة الاشتراكية).
سيتم الدفن مع سقوط جدار برلين (تشرين الثاني 89).
لطالما كان الحنين لمجلة ثقافية تحاكي “همهماتنا الثقافية”؛ غادرتنا مجلة رؤى دون كلمة وداع.
نقرأ كثيراً أعداد مجلة الفكر العربي المعاصر/ مطاع الصفدي ونخبة من “المشاغبين” على صعيد محاولة الخروج من النمط التقليدي. يحاولون الصدى لما سمي آنذاك في الفكر الغربي، فكر ما بعد الحداثة..
هل يمكننا مجاراة هكذا اشتغال على التفكير وآلية الابتعاد عن النمط القديم؟
الاجابة عليه ستحتاج للكثير من الجهد والبحث عن مرآة، غير التي ترينا أنفسنا “كحراس للحقيقة”، الظافرين باليقين!!
التقينا مجموعة كبيرة، لمن يرغب أو يهتم (قرابة العشرين شخصاً)، للتشاور وممكنات الخروج من الحالة الراهنة – العودة للكتابة إنما ليس عبر مجلة جديدة- والهدف منها حالة من “البروفات”، كي لاتبقى هذه الأفكار حبيسة الذاكرة.
كان حوارٌ ملفتاً للانتباه بين ثنايا اللقاء.
اقترح فادي: أن يتم كتابة مقال، موضوع ما يختاره صاحبه، يمرره علينا، كي تتم كتابة الملاحظات، ثم يأتي اللقاء للحوار..
طلبوا مني -مازن، موفق، ياسر، علي- أن تكون الفاتحة عندي..
أن تكون متحمساً لهكذا مشروع عليك أن تكون أول الصاعدين خشبة الكتابة..هذا هو لسان “تمتمة” المقترحين..
قلت لهم: سأحاول قدر المستطاع، لملمة بعض الخيوط من هذا الضخ “لما بعد الحداثة”..
اخترتُ عنوان: لمن نكتب وكيف نكتب..
استغرقت الكتابة عشرة أيام؛ علينا أن نلتقي كل اسبوعين.
في سياق المقال/ الموضوع، تسللت من تلقاء ذاتها “متعة القراءة” مما ينقلنا لحالة جديدة، ردا على سؤال لمن نكتب؟
تكتبَ لي أنا القارئ المشاغب والمشارك في إعادة إحياء همسات وسرنمات الفراغ..
جرى حوار غني جدا، شارك الكل بشكل متفاعل. خاصة لجهة القول: هل يمكننا أن نكتب ونقرأ بعيداً،عن السياقات التي تأتي من خارج النص، مثل السياق التاريخي أو النفسي أو الاجتماعي، بما هي إسقاط من الخارج إلى داخل النص..
لم تكن الأفكار بهذا الوضوح من حيث التخوم بين السياق “الخارجي” ونسق النص “الداخلي”..
هي خطوات أولى، نحو ثنائية الكتابة ومتعة القراءة. ربما “الهسهسة” للقطيعة التامة مع الطريقة السابقة: أنتَ تقرأ كي تجد إجابات لأفكاركَ المسبقة، وإلا ترميه فى أقرب حوض للمخلفات!!
تكرر اللقاء مرة أخرى ومضى في حال سبيله كما غيره من “السيرورة السجنية” التي تسلّط “وصاياها الحديدية” على شتى يومياتنا.
أشد الوصايا: حالة الإرهاق العام والشعور بالخواء واللاجدوى؟
من الطبيعي أنه بعد سنوات طوال من السجن (المعدل الوسطي ست سنوات)، نتكلم عن عام نهاية 88. أن يرخي التعب ظلاله على الحياة اليومية..مما سيجعل النشاطات ذات الطابع الحركي مثل الرياضة ولعب ورق الشدة، او اجترار الكلام السياسي المحفوظ عن ظهر قلب، لها الأولوية في تسيير التفاصيل..
هذه الحالة العامة تركتْ آثارها على الجميع بدرجات متفاوتة، استطاعت أن تحبط هذا المشروع الكتابي..
/أشعل شموع هذا الموقد
الدفء حنين
ليس هناك هودجاً
للقاطنين بين الضباب/
يختلج الجسد، يزداد الظمأ، استطال غياب الشهوات..إلى متى يبقى الجسد مسكوناً بهذه “العفة” الاكراهية..؟؟
هل يمكن أن تحضر تلك المرأة المشتهاة بين دفات الأدب و طيات الذاكرة..؟
كثيرون ممن غادرتهم زوجاتهم، حبيباتهم: “منهن من سافرت، منهن من تفكر الرحيل، ومنهن من تنتظر على جمر من المشتهى”.
هل يمكن لبعض الصداقات الثنائية، بين شخصين أن تروي -قد لاتستمر- العطش للبوح والاصغاء؟
أيها الوجدان تعال هنا الآن “عازلك”..
أسئلة كثيرة باتت تطرح..
يقول لي القارئ هنا -الآن وهو يصغي- خرجتَ عن مألوف الحكايا. أيضاً غاب السرد عن نسج وشائجه؟
دعني أستريح وأدعو “الأنا الجمعية الغائبة” كي تتكلم:
لطالما هتفَ الحنين لرقصة امرأة حقيقية، ليست من ورق الروايات وشطح الكتابة..
لجسدٍ ينشدُ الصبابة بين غمازات المساء.
لم ترتطمْ الأمواج صحارى “العوازل” عند شطآن البطانيات..
* تم ذكر اسماء من اشتركوا بمسرحية اللجنة، عبر الصديق بدر مع الشكر .. بدر زكريا
** مراسلة جرت بيني وبين الصديق محمد عيسى..ارسل لي رسالة فيها هذه التفاصيل، قمت أنا بصياغتها كحوار بينه وبين بقية الشباب: نادر، منصور، عزت.
ألف شكر للصديق محمد عيسى

Continue Reading

Previous: نوري الجراح: الشعر آخر معجزات العالم يعتبر قصيدته أفقا جماليا وسردية مضادة للتوحش..هدى سليم المحيثاوي..المصدر: المجلة .
Next: مجلس النواب الأميركي يقرّ بأغلبية ساحقة حظر «تيك توك» وسط تحذيرات من انتهاك حرية التعبير وتشكيك بـ«قابلية» التنفيذ…..واشنطن: رنا أبتر…..المصدر: الشرق الاوسط.

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

إسرائيل ضمّت الضّفّة… بانتظار إعلان السّيادة عليها أحمد الصادق- رام الله…..المصدر : اساس ميديا

khalil المحرر يوليو 9, 2025
  • مقالات رأي

بارّاك: ضرورة سدّ ثغرات اتّفاق وقف إطلاق النّار ملاك عقيل…….المصدر : اساس ميديا

khalil المحرر يوليو 9, 2025
  • مقالات رأي

برّي لحمادة: اذهب لشعيتو وأخبره بمنصبه الجديد.. زياد عيتاني…..المصدر : اساس ميديا

khalil المحرر يوليو 9, 2025

Recent Posts

  • المبعوث الأميركي لرووداو: هناك طريق واحد أمام قسد يؤدي إلى دمشق سولين محمد أمين….المصدر :رووداو ديجيتال
  • إسرائيل ضمّت الضّفّة… بانتظار إعلان السّيادة عليها أحمد الصادق- رام الله…..المصدر : اساس ميديا
  • بارّاك: ضرورة سدّ ثغرات اتّفاق وقف إطلاق النّار ملاك عقيل…….المصدر : اساس ميديا
  • برّي لحمادة: اذهب لشعيتو وأخبره بمنصبه الجديد.. زياد عيتاني…..المصدر : اساس ميديا
  • بارّاك للّبنانيّين: تعلّموا من الحدث السّوريّ! خيرالله خيرالله…المصدر :اساس ميديا

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يوليو 2025
  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • المبعوث الأميركي لرووداو: هناك طريق واحد أمام قسد يؤدي إلى دمشق سولين محمد أمين….المصدر :رووداو ديجيتال
  • إسرائيل ضمّت الضّفّة… بانتظار إعلان السّيادة عليها أحمد الصادق- رام الله…..المصدر : اساس ميديا
  • بارّاك: ضرورة سدّ ثغرات اتّفاق وقف إطلاق النّار ملاك عقيل…….المصدر : اساس ميديا
  • برّي لحمادة: اذهب لشعيتو وأخبره بمنصبه الجديد.. زياد عيتاني…..المصدر : اساس ميديا
  • بارّاك للّبنانيّين: تعلّموا من الحدث السّوريّ! خيرالله خيرالله…المصدر :اساس ميديا

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • الأخبار

المبعوث الأميركي لرووداو: هناك طريق واحد أمام قسد يؤدي إلى دمشق سولين محمد أمين….المصدر :رووداو ديجيتال

khalil المحرر يوليو 9, 2025
  • مقالات رأي

إسرائيل ضمّت الضّفّة… بانتظار إعلان السّيادة عليها أحمد الصادق- رام الله…..المصدر : اساس ميديا

khalil المحرر يوليو 9, 2025
  • مقالات رأي

بارّاك: ضرورة سدّ ثغرات اتّفاق وقف إطلاق النّار ملاك عقيل…….المصدر : اساس ميديا

khalil المحرر يوليو 9, 2025
  • مقالات رأي

برّي لحمادة: اذهب لشعيتو وأخبره بمنصبه الجديد.. زياد عيتاني…..المصدر : اساس ميديا

khalil المحرر يوليو 9, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.