دعا الجيش الإسرائيلي الإثنين سكان مناطق في شرق رفح بأقصى جنوب غزة، الى “الإخلاء الفوري” والتوجه نحو وسط القطاع، وذلك في ظل التلويح بشنّ هجوم بري على المدينة المكتظة بالسكان.
وقال الجيش إنه “بناء على موافقة المستوى السياسي”، فهو “يدعو… السكان المدنيين القابعين تحت سيطرة حماس الى الإجلاء المؤقت من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح الى المنطقة الإنسانية الموسعة” في المواصي.
وأشار الجيش الإسرائيلي الى أنه قام بتوسعة “المنطقة الإنسانية في المواصي والتي تشمل مستشفيات ميدانية وخيماً وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات”، مؤكدا أنه يسمح بالتعاون مع أطراف دولية ”بتوسيع رقعة المساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها إلى القطاع”.
وأكد متحدث باسم الجيش أن عملية الإخلاء هذه ستكون ”محدودة النطاق”.
وقال المتحدث خلال إيجاز للصحافيين عبر الانترنت “هذا الصباح… بدأنا عملية محدودة النطاق لإخلاء مدنيين بشكل موقت من الجزء الشرقي من رفح”، مضيفا “هذه عملية محدودة النطاق”.
ورداً على سؤال بشأن عدد من سيتمّ إخلاؤهم، قال المتحدث إن “التقديرات هي نحو 100 ألف”.
“حماس” تعلّق
في أوّل تعليق، اعتبر قيادي كبير بحركة “حماس” لـ”رويترز” أن أمر الإخلاء الإسرائيلي من رفح “تطوّر خطير وسيكون له تداعياته”.
وأضاف أن “الإدارة الأميركية تتحمّل المسؤولية إلى جانب الاحتلال عن هذا الإرهاب”.
وبقيت مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع قرب الحدود مع مصر، في منأى عن العمليات البرية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع الفلسطيني المحاصر في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). لكن المدينة تتعرض غالبا لغارات جوية وقصف مدفعي.
وتلوّح إسرائيل منذ أسابيع بشنّ هجوم برّي على رفح. وكرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القول إن هذا الهجوم ضروري لتحقيق الهدف المعلن لإسرائيل من الحرب في غزة، وهو “القضاء” على حركة حماس.
وأكد الجيش في بيانه الإثنين أنه “سيواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب، ومنها تفكيك حماس وإعادة جميع المختطفين” الذين احتجزوا خلال الهجوم الذي شنته الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
وفي وقت سابق، أفادت محطة إذاعة إسرائيلية اليوم الاثنين بأن القوات الإسرائيلية بدأت إجلاء المدنيين الفلسطينيين من منطقة رفح قبل هجوم محتمل على المدينة الواقعة بجنوب قطاع غزة.
عملية الإخلاء تشمل 100 ألف شخص
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن عملية إخلاء المناطق الشرقية لرفح تشمل نحو 100 ألف شخص، وذلك بعد دعوته السكان لمغادرتها تمهيدا لعملية برية محتملة في المدينة الواقعة بجنوب قطاع غزة.
وقال متحدث باسم الجيش ردّاً على سؤال بشأن عدد من سيتمّ إخلاؤهم، إن “التقديرات هي نحو 100 ألف”.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يصل عدد المقيمين في المدينة الى نحو 1,2 مليون شخص، نزحت غالبيتهم من مناطق أخرى في القطاع جراء الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي إن الإخلاء “جزء من خططنا لتفكيك حماس… تلقينا بالأمس تذكيرا عنيفا بحضورهم وقدراتهم العملية في رفح”، مضيفا أن الإخلاء هو ”لإبعاد الناس عن الخطر”.
وصباح الإثنين، أفادت لوكالة “فرانس برس” أن الجيش ألقى من الجو مناشير تدعو سكان شرق رفح الى الإخلاء.
بعض العائلات تغادر
وقال شهود في مدينة رفح الواقعة على حدود قطاع غزة مع مصر لوكالة “رويترز” إن “بعض العائلات الفلسطينية تغادر من مناطق شرق المدينة اليوم الاثنين بعد تلقي أوامر من الجيش الإسرائيلي بالإخلاء”.
وأوردت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن ” الجيش يعمل على عدم توجه سكان رفح نحو الحدود المصرية”.
وفقاً لهيئة البث الإسرائيلية، فإن الإجلاء سيتم إلى منطقة إنسانية تشمل مستشفيات ومخيمات للنازحين.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن “المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا مصر ببدء عملية إجلاء السكان من رفح”.
بدورها، اعتبرت “الأونروا” أن الهجوم يعني مزيداً من معاناة المدنيين والوفيات والعواقب ستكون مدمّرة على 1.4 مليون شخص.
وقالت: “لن نغادر رفح وسنحافظ على وجودنا لأطول فترة ممكنة وسنواصل تقديم المساعدات المنقذة لحياة الناس”.
معابر غزة
ولفتت إدارة معابر غزة الى أنه “حتى اللحظة لا يوجد إغلاق لمعبر رفح أمام حركة المسافرين”.
من جهّته، أكّد مصدر مصري رفيع المستوي لقناة “القاهرة الإخبارية”، أن “لا صحّة لما تداولته بعض وسائل الإعلام بشأن إغلاق معبر رفح البري وحركة دخول المساعدات إلى غزة مستمرة”.
نداء عاجل للسكان
وكان المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي وجه، في منشور على منصة إكس، “نداء عاجلا إلى كل السكان والنازحين المتواجدين في منطقة بلدية الشوكة وبالأحياء، السلام الجنينة، تبة زراع، والبيوك، في منطقة رفح بالبلوكات: 10-16، 28، 270″، وطالبهم “بالإخلاء الفوري إلى المنطقة الإنسانية الموسعة بالمواصي”.
وحذّر أدرعي من أن مدينة غزة ما زالت منطقة قتال خطيرة، وطالبهم بالامتناع عن الرجوع شمالا من وادي غزة، كما حذر السكان المدنيين من الاقتراب من السياج الأمني الشرقي والجنوبي.
غالانت لأوستن: التحرك في رفح ضروري
في هذا الاطار، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في بيان إن “التحرك العسكري الإسرائيلي في رفح ضروري بسبب رفض حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) مقترحات قدمها الوسطاء بشأن هدنة في غزة تطلق بموجبها الحركة سراح بعض الرهائن”.
وجاء في البيان أن غالانت نقل تلك الرسالة في اتصال خلال الليل مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.
وأثارت التهديدات الإسرائيلية بشنّ هجوم على رفح، قلقا دوليا واسعا في ظل اكتظاظ المدينة بنحو 1,2 مليون شخص، وفق منظمة الصحة العالمية، غالبيتهم نزحوا من مناطق أخرى في القطاع، بحسب الأمم المتحدة.
كما أبدت الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، معارضتها لهجوم على رفح ما لم يقترن بخطط موثوق بها لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي إن إسرائيل لم تقدّم “خطة موثوقة لتأمين حماية حقيقية للمدنيين” في رفح، محذرا من أنه “في غياب خطة كهذه، لا يمكننا دعم عملية عسكرية كبيرة في رفح، لأن الضرر الذي ستُحدِثه يتجاوز حدود المقبول”.
وتشكل رفح نقطة العبور البرّية الرئيسة للمساعدات الإنسانية الخاضعة لرقابة إسرائيلية صارمة والتي تدخل بكميات ضئيلة لا تكفي إطلاقا نظرا إلى الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع.
وحذرت الأمم المتحدة من أن هجوما على المدينة سيُسدّد ”ضربة قاسية” لعمليات إدخال المساعدات الإنسانية.
وكان الجيش أكد في بيانه الموجه الى سكان شرق رفح صباح الإثنين أنه سيعمل “بقوة شديدة ضد المنظمات الإرهابية في مناطق مكوثكم مثلما فعل حتى الآن”.
اندلعت الحرب في قطاع غزة مع شن حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة “فرانس برس” يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 35 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين.
وردت إسرائيل متوعدة بـ”القضاء” على حماس، وهي تنفذ حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بسقوط 34683 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.