أثار خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله الأربعاء وتهديده بقصف قبرص ردود فعل متباينة في إسرائيل، وظهر التخبط جلياً في استوديوات الأخبار وفي أوساط المحللين والخبراء العسكريين، ولدى المستويين العسكري والسياسي.
ووصف محللون في هيئة البث الإسرائيلية “كان” الخطاب بأنه “من أقوى خطابات الأمين العام لحزب الله”، ورأوا أنه مصمم على الاستمرار في المعركة الحالية، وغير متأثر بتهديدات المستويين العسكري والسياسي الإسرائيليين.
وكان لافتاً في التحليلات ما كتبته صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن أن “قبرص في خطر” بعد التهديد المباشر الذي أطلقه نصرالله ضدها في حال استخدام القواعد العسكرية الغربية فيها في أي حرب ضد الحزب.
ورأى المحللون العسكريون للقناة “12” الإسرائيلية أن التهديد بقصف أهداف في قبرص يعود إلى وجود هدف مهم ومركزي فيها هو قاعدة أكروتيري بالقرب من ليماسول جنوباً، التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
والقاعدة هي الوحيدة شرق البحر المتوسط، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة للنشاط العسكري البريطاني في الشرق الأوسط، بما في ذلك العمليات في أفغانستان والعراق وليبيا، وكذلك في تنفيذ الهجمات ضد الحوثيين في اليمن على مدار الأشهر الماضية.
وتطرقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى توعد نصرالله بأن اجتياح الجليل ما زال على الأجندة وقبرص في خطر”، ثائلة إنه “بعد أكثر من ثمانية أشهر من القتال ضد إسرائيل، يتفاخر بأنه لا يخشى الحرب، وأنه في حالة توسع الهجمات الإسرائيلية في لبنان، لن يكون هناك مكان لن تصل إليه صواريخنا”. ونقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير أن “العد التنازلي لرد قوي بدأ”.
بعد أكثر من ثمانية أشهر من الحرب على غزة والعجز غن تحقيق أهدافها المعلنة والقضاء على حركة “حماس”، بات الإسرائيليون يدركون، بحسب الصحيفة، أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على إعادة لبنان إلى العصر الحجري، وأن أي ضربة عسكرية محدودة لتجديد قوة الردع، وفرض وقف إطلاق النار على “حزب الله”، وإبعاده عن الحدود هي مشكلة، وما يمكن أن يبدأ كضربة محدودة النطاق، لن يبقى بالضرورة كذلك، كما أنه لا ضمانات بتحقيق أهدافها. ولهذا لن يحظى هذا الخيار بموافقة أميركية”.
ويتحدث الخبراء والمحللون الإسرائيليون عن عدم تأثر “حزب الله” بتهديدات إسرائيل أو تحذيرات الوسطاء “فهو جاهز وقدراته تتعاظم بصورة مستمرة منذ نحو عقدين، والمواجهة الواسعة النطاق كما يبدو ليست سوى مسألة وقت”.
ويرى هؤلاء أنه بالنسبة إلى إسرائيل فإن أي تأجيل آخر لحرب تشبه “يوم القيامة” على الحدود الشمالية ربما ينتهي بمواجهة مستقبلية بعد أن تمتلك إيران السلاح النووي.
وفي ظل تزايد الحديث عن اشتعال توسع المواجهات مع “حزب الله” الى حرب شاملة، كتبت صحيفة “هآرتس” أن “الجيش غير مستعد لأي سيناريو في لبنان”، لافتة إلى أن الشمال يحترق، وخطر الحرب الواسعة والمتعددة الجبهات يتصاعد يومياً، بينما لا تزال إسرائيل غارقة في وحل غزة.
الافتراض السائد كان أن “حزب الله” غير معني بتصعيد كبير، ويسعى لوقف إطلاق النار، لكن قدرة “حماس” على الصمود والتدهور الشامل للمكانة الاستراتيجية الإسرائيلية زادا بحسب الصحيفة “من ثقة محور المقاومة ومن استعداده للمخاطرة بمواجهة شاملة”.
وباتت إسرائيل، بحسب الصحيفة، أمام بضعة بدائل، يجب النظر إليها في ضوء إمكان تطبيقها عسكرياً وسياسياً، ومفاعيلها الداخلية، و”علينا بصورة أساسية أن نسأل ما إذا كانت تنطوي على إمكانات إحداث تحسن كبير في مكانتنا الاستراتيجية، أو إذا كنا سنضطر إلى دفع الفاتورة، والعودة إلى نقطة البدء”.
وذهب الجنرال والكاتب الإسرائيلي عميت ياغور إلى التحريض على استغلال اختراق “حزب الله” الاجواء الاسرائيلية بمسيرة “الهدهد” لخلق معادلة جديدة.
وحرض على إدراج الدولة اللبنانية في الخطاب المتعلق بالساحة الشمالية في كل فرصة، لا كلاعب ثانوي، ولكن كلاعب رئيسي يوفر التكيف ويتيح النشاط المسلح ضد إسرائيل من أراضيه.