لا شكّ في أن هناك شعوراً بملكية عائلة الأسد لسوريا، وهو بنظرهم أمر لا يحتاج الى تبرير، وهو أيضاً ما دفعهم إلى تغيير الدستور بعد وفاة حافظ الأسد الجد، بهدف وضع بشار الأسد على كرسي الحكم. والأمر لا يتعلق بإعادة تدوير الحكم، بقدر صنع “الرئيس الأسد”؛ بغض النظر عما إذا كان الجد أو الأب أو الابن أو الحفيد.
يقال إن التاريخ يكرر نفسه، لكن هل يكرر رئيس دولة نفسه؟ أفكر في هذا بينما أشاهد مقطع فيديو يظهر فيه ابنا بشار الأسد حافظ وزين، يزوران جامعة دمشق، يتحدثان بثقة، ويلتفُّ الناس حولهما، ثم تسقط عبارة مثل الصاعقة من أحد الحضور: “ما شالله عليه صوتو نفس صوت البابا”.
يعود الضمير في مفردة “صوتو” إلى حافظ الأسد جونيور، أما “البابا” فهو بشار الأسد، يضحك الجميع ربما لأنهم اعتقدوا أن العبارة نكتة! لكني وجدت العبارة مخيفة بالفعل وتركتني أفكر فيها أياماً عدّة.
ليس صادماً أن يحمل ابن بشار اسم جده، فهذا تقليد متوارث، لكنه في حالة عائلة الأسد يذكرنا بزمن الحكم الملكي والخلافة، إضافة إلى أنه يثير فينا القلق، ولسبب بسيط، هو أنك تجد نفسك في دائرة من الأسماء والأصوات المتشابهة، إذ إن حافظ الأسد ابن بشار الأسد، وبشار الأسد ابن حافظ الأسد، واسم الحفيد على اسم الجد وصوت الابن كصوت أبيه، فهل هذا تشابه في الشخصيات والأسماء والأصوات أم متاهة؟
ولأنني أحب الغوص في المفارقات، وجدت أن عبارة “ما شالله عليه صوتو نفس صوت البابا” تستحق أن تدرّس لشدّة ارتباطها بالبلد وبالواقع السوري، إذ من المتوقع أن يكون حافظ ابن بشار هو رئيس سوريا القادم، لكن فلنتخيل الواقع مع صوتيهما المتشابهين، بعد عشرات السنين. ففي حال كنتَ تسمع حافظ يتكلم، لن تميز بينه وبين بشار، وكأن بشار ما زال في سدّة الحكم، كذلك إن سمعت اسم حافظ الأسد، سيبدو لك أن حافظ الجد عاد من القبر ليحكم البلاد، لكن بصوت ابنه، نعم، الأمر شديد التعقيد إلى هذا الحد!
تسمية الأبناء بأسماء الأجداد ليست أمراً جديداً، بخاصة في الأُسر الحاكمة في دول الخليج والأردن، حيث من المثير حقاً تكرار الأسماء، وربما آخرها كانت تسمية ابنة حسين بن عبدالله، ولي العهد الأردني إيمان، وهو اسم عمتها واسم عمة والدها، وهكذا يغدو تكرار الأسماء جزءاً أساسياً من المنظومة، وكأن الهدف هو استنساخ شخص واحد في أجساد متعددة.
أشكّ في أن يكون تكرار الأسماء بقصد تذكّر عزيز، بما أن كل الأعزاء الذين يحملون الاسم ذاته أحياء!
وهنا يُطرح سؤال أساسي حول هوس تكرار اسم الحاكم أو أحد أفراد العائلة الحاكمة. لماذا تُسمى طفلة باسم يوجد منه اثنان بالفعل في العائلة؟ هل هناك سبب سوى الرغبة القوية في استنساخ أفراد الأسرة الحاكمة؟