هناك جرائم وانتهاكات (تفجير معبد ديني، إشعال حرائق، تكسير تمثال… إلخ) تحدث في الواقع أحيانًا، وأمامها نكون أمام ثلاثة أنواع من المقاربات:
1- مقاربة تحليلية: وهذه لها أنواع لا حصر لها، وغالبًا ما تتأثر بانتماء الفرد “المحلِّل” من الناحية الدينية أو الطائفية أو العشائرية أو الأيديولوجية أو … إلخ، وقد تتأثر أيضًا بطبيعة موقفه السياسي أو مصالحه الشخصية أو بدرجة وعيه وقراءاته، فقد يستند إلى مقولات سطحية امتلأ عقله بها على شاكلة المقولة الساذجة “ابحث عن المستفيد من الجريمة”: هذه مقاربة خطية وحيدة البعد، لأن المستفيدين من جريمة ما يمكن أن يكونوا كثيرين فيما مرتكبها الحقيقي هو شخص واحد أو جهة واحدة.
مع ذلك، هناك مقاربات تحليلية عقلانية وهادئة تتحدث بصيغة الاحتمالات والسيناريوهات المحتملة لا بصيغة الجزم والحسم والاتهام المباشر، وهذه يمكن الاستماع إليها لكن من دون الجزم بها.
2- مقاربة تحريضية: وهذه أصبحت موجودة بكثرة في الواقع، فمع كل جريمة تحصل نكون أمام محاولات تحريضية تأخذ الجريمة المرتكبة مباشرة إلى سياق اتهام جماعات أو فئات كاملة؛ اتهام طائفة بأكملها أو اتهام عرق بعينه أو اتهام جماعات سياسية كاملة.
هذا النوع من المقاربات تحديدًا هو جريمة كاملة الأوصاف أيضًا، وقد تكون أخطر كثيرًا من الجريمة المرتكبة.
3- مقاربة جنائية: وهي المقاربة الوحيدة التي يمكن اعتمادها كونها ترتكز على أدلة جرمية واضحة ومحدَّدة، ويشترط هنا حياديتها واستنادها إلى الأدلة العلمية والعيانية.
الخلاصة: في حال وجود جريمة أو انتهاك محدد في الواقع، ينبغي لنا الإنصات إلى ما يقوله التحقيق الجنائي المستقل أولًا، وفي حال غيابه يمكن اللجوء إلى المقاربات التحليلية المستقلة والنزيهة والعقلانية والهادئة الخالية من أي تحريض ضد أي طائفة أو إثنية أو أي جماعة أخرى.
أستغرب حقًا الثقة التي يتحدث بها بعضنا عن معرفته للمجرم الذي ارتكب جريمة ما، من دون أي تحقيق أو دلائل دامغة، وأستغرب أكثر وجود كثير من البشر جاهزين للسير مباشرة وراء أي محرِّض من دون حد أدنى من التفكير.