اليوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) الذكرى السنوية الأولى لانطلاق عملية “طوفان الأقصى”، والتي اندلعت من جرائها حرب إسرائيلية – فلسطينية دامية إلى حد بعيد.
وغداً 8 تشرين الأول (أكتوبر)، يوم قرر “حزب الله” في لبنان إطلاق “حرب الإسناد” لغزة وأهلها في مواجهة العدو الإسرائيلي.
لعلّ ذكرى السنة تدفع إلى إعادة النظر في تداعيات القرار السيئ الذكر، والذي فُرض على اللبنانيين وحوّل بلادهم، في غضون سنة، أشبه بغزّة المدمّرة، وربما أسوأ منها.
لم يتحقّق للبنانيين إلا الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات. ويكفي التذكير بأن لبنان، وخصوصاً “حزب الله” خسر خلال 11 شهراً، نحواً من 500 مقاتل، وخسر في الشهر الثاني عشر نحو 1500، إضافة إلى نحو 6000 مصاب، ستلازم العدد الكبير منهم الإعاقات الدائمة.
لعلّ الذكرى تنفع في التواضع والاعتراف بالخطأ، وذلك ليس استسلاماً لعدوانية إسرائيل، ولكن رفضاً لقتل مزيد من الأبرياء وتدمير لبنان كما يحصل حالياً، من دون أي سؤال أو محاسبة.
في ذكرى السنة، كتبت الأسبوع الماضي مقالاً بعنوان “متى إسناد الضاحية والجنوب وبيروت؟”، وذلك قبل أن تضرب العاصمة بيروت لمرتين متتاليتين، وقبل أن تقصف منطقة سوق الغرب، ويتكرر قصف المعيصرة في كسروان.
بعد هذه السنة، أجرؤ على القول، كما كثيرون غيري، ولا ندّعي أننا نمثل أكثريات، كما أننا لسنا أقلية بالطبع، أجرؤ على القول إن غزة لم تعد تهمّني، ولا أريد أن يموت مواطنيّ من أجل القطاع الفلسطيني، فأهل غزة وفلسطين مسؤولون عن تحرير بلادهم، ولا ضرورة لإسنادهم دون غيرنا من الأكثر قدرة، إذ تكفينا المصائب والويلات، ويكفينا دفع الأثمان.
أؤيد القضية الفلسطينية حقوقياً وأخلاقياً وإنسانياً، لكني لم أعد أشعر بالتعاطف الكبير، إذ بسببها تنهمر علينا الويلات.
أجرؤ على القول إني لا أريد أن يموت وطني دفاعاً عن أي بلد آخر، وعن أي شعب آخر، وربما عن قضايا إقليمية لا علاقة لنا بها، أو قضايا باعها أهلها منذ زمن بعيد، وبقيت محصورة في فقرائها، وكذلك في تجارها، تجار الحروب.
لا أريد أن أنتصر لغزّة، وأتمنى ألا تكون كل الأثمان التي دفعت والدماء التي هدرت، وهي غالية، قد ذهبت سدىً، عندما يجلس المتخاصمون إلى طاولة تفاوض، ويصبح الضحايا مجرّد صورة وذكرى سنوية.