أكثر من 22 ألف قتيل… فرق الانقاذ منهكة بعد أربعة أيام من زلزال تركيا وسوريا  المصدر: النهار العربي، رويترز، ا ف ب

الجرافات تعمل وسط أنقاض المباني المنهارة في أديامان بتركيا (أ ف ب)
رفع إنقاذ العديد من الناجين من أنقاض المباني في تركيا معنويات فرق البحث المنهكة اليوم الجمعة، بعد أربعة أيام من الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسوريا المجاورة وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 22 ألف شخص.
وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ في تركيا (أفاد) ارتفاع عدد القتلى في البلاد جراء الزلزال المدمر الذي وقع هذا الأسبوع إلى 18342، إلى جانب ارتفاع عدد المصابين إلى 74242.

وذكرت أنه تم إجلاء 75780 من ضحايا الزلزال من المنطقة التي ضربها في جنوب تركيا وأن أكثر من 121 ألفا يشاركون في جهود الإنقاذ والإغاثة.

أما في سوريا فقد وصل عدد القتلى إلى نحو 4 آلاف شخص، كما أصيب نحو 5300 آخرين.

واجتاح البرد والجوع واليأس مئات الآلاف من الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب الهزات الأرضية التي تسببت في سقوط أكبر عدد من القتلى في المنطقة منذ عقود.
وتم إنقاذ العديد من الأشخاص من تحت أنقاض المباني أثناء الليل، من بينهم صبي يبلغ من العمر عشرة أعوام مع والدته بعد 90 ساعة من الزلزال في منطقة سامانداج في إقليم هاتاي.
وفي هاتاي أيضا، أفادت وكالة أنباء الأناضول التي تديرها الدولة أنه تم إنقاذ فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات تدعى آسيا دونمز بعد 95 ساعة ونُقلت إلى المستشفى.
لكن الآمال تتلاشى في العثور على المزيد من الناجين بين أنقاض الآلاف من المباني المنهارة في البلدات والمدن في جميع أنحاء المنطقة.
وقال مسؤول تركي إن الكارثة تشكل “صعوبات خطيرة للغاية” لإجراء الانتخابات المقررة في 14 أيار (مايو) والتي من المتوقع أن يواجه الرئيس رجب طيب أردوغان فيها أصعب تحد له منذ عقدين قضاهما في السلطة.
ومع احتدام الغضب بسبب التأخير في إيصال المساعدات وبدء جهود الإنقاذ، من المرجح أن تلعب الكارثة دوراً في التصويت إذا أجريت الانتخابات.
وأصبح مئات الآلاف من الأشخاص في كلا البلدين بلا مأوى في منتصف الشتاء. وأقام الكثير من الناس في ملاجئ بدائية في ساحات انتظار السيارات التابعة لمتاجر السوبر ماركت أو في المساجد أو على جوانب الطرق أو وسط الأنقاض.
وغالباً ما يكون الناجون في أمس الحاجة إلى الطعام والماء والتدفئة.
وتضرر حوالي 40 في المئة من المباني في مدينة كهرمان مرعش التركية، مركز الزلزال الرئيسي يوم الاثنين، وفقا لتقرير صادر عن جامعة بوغازيتشي (البسفور) التركية.
نيران على جانب الطريق
وفي محطة بنزين بالقرب من مدينة كمال باشا التركية جمع الناس صناديق من الورق المقوى بها ملابس تم التبرع بها . وفي مدينة الإسكندرونة الساحلية، رأى صحفيو “رويترز” أشخاصاً يتجمعون حول النيران على جوانب الطرق وفي المرائب والمستودعات المحطمة.
وتقول السلطات إن نحو 6500 مبنى في تركيا انهار، بينما تضرر عدد لا يحصى من المباني.
ويقول مسؤولون أتراك إن نحو 13.5 مليون شخص تضرروا في منطقة تمتد على مسافة 450 كيلومترا من أضنة في الغرب إلى ديار بكر في الشرق. وفي سوريا، قُتل أشخاص حتى حماة في الجنوب، على بعد 250 كيلومترا من مركز الزلزال.
وعرضت محطات تلفزيونية تركية لقطات لفرق الإنقاذ التي تعمل في الظلام وفي درجات حرارة شديدة البرودة بحثا عن ناجين في مبنى منهار في مدينة أديامان.
ودعت الفرق إلى التزام الصمت وطالبت جميع المركبات والمولدات بالتوقف والصحافيين بالصمت وهم يستمعون إلى أي صوت للحياة من الأنقاض الخرسانية.
وقد اشتكى الكثير في تركيا من نقص المعدات والخبرة والدعم لإنقاذ المحاصرين، وكان هذا في بعض الأحيان بينما يسمعون صرخات طلب المساعدة.
وأرسلت اليونان آلاف الخيام والأسرة والبطاطين، وقال الجيش الإسرائيلي إن المخابرات الإسرائيلية عبر الأقمار الصناعية تساعد في رسم خريطة مناطق الكوارث في تركيا باستخدام التكنولوجيا المستخدمة في الغالب في العمليات الخاصة.
ويقدم البنك الدولي لتركيا 1.78 مليار دولار في شكل تمويل للإغاثة والتعافي، سيتوفر منها 780 مليون دولار على الفور. وستقدم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 85 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة لتركيا وسوريا.
سوريا منهكة
وفي سوريا، التي دمرتها بالفعل حرب أهلية استمرت قرابة 12 عاما ، لقي أكثر من 4000 شخص مصرعهم، وفقا للحكومة وخدمة إنقاذ في الشمال الغربي الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة.
وفي بلدة جنديرس المدمرة، سار إبراهيم خليل منكاوين في الشوارع المليئة بالأنقاض ممسكا بكيس أبيض للجثث. وقال إنه فقد سبعة من أفراد عائلته، بما في ذلك زوجته وشقيقيه.
وفي محافظة إدلب السورية، قالت منيرة محمد، وهي أم لأربعة أطفال فرت من حلب بعد الزلزال “كلهم أطفال هنا، ونحن بحاجة إلى تدفئة وإمدادات. الليلة الماضية لم نتمكن من النوم لأن الطقس كان شديد البرودة. الوضع سيئ للغاية”.
وتعقدت جهود الإغاثة بسبب الصراع الذي مزق أوصال البلاد ودمر بنيتها التحتية.
ودخلت قافلة مساعدات الأمم المتحدة إلى سوريا من معبر باب الهوى، شريان الحياة للوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، حيث كان حوالي أربعة ملايين شخص، كثير منهم نزحوا بسبب الحرب، يعتمدون بالفعل على المساعدات الإنسانية.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على توصيل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، قائلاً إنه سيكون “سعيدا للغاية” إذا تمكنت الأمم المتحدة من استخدام أكثر من معبر حدودي لتقديم المساعدة.
وتنظر الحكومة السورية إلى وصول المساعدات من تركيا إلى المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة على أنه انتهاك لسيادتها ووحدة أراضيها.
وترأس الرئيس بشار الأسد اجتماعات طارئة بشأن الزلزال، وزار مستشفى حلب الجامعي برفقة عقيلته أسماء لتفقد الجرحى.
المخزون ينفد
إلى ذلك، أعلن برنامج الأغذية العالمي أنّ مخزونه ينفد في شمال غرب سوريا وطالب بفتح المزيد من المعابر الحدودية من تركيا بعد الزلزال التي ضربت البلدين.

وقالت المديرة الإقليمية للبرنامج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية كورين فلايشر للصحافيين  إنّ “شمال غرب سوريا، حيث يعتمد 90 في المئة من السكان على المساعدات الإنسانية، يمثل مصدر قلق كبير. نصل للناس هناك، لكننا بحاجة لإعادة تعبئة مخزوننا”.

وأضافت: “مخزوننا ينفد ونحتاج لطريقة لجلب مخزونات جديدة. المعبر الحدودي مفتوح الآن، لكننا بحاجة إلى فتح معابر حدودية جديدة”.

تعليق موقت للعقوبات
وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدّم مساعدة بقيمة 85  مليون دولار إلى تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب البلدين الاثنين، وتعليق بعض العقوبات المفروضة على دمشق موقتا.

وقالت إن التمويل سيُسدّد لشركاء على الأرض “بهدف تقديم المساعدة الطارئة الضرورية إلى ملايين الأشخاص”. وأضافت ان التمويل سيدعم أيضًا تأمين مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي لمنع تفشي الأوبئة.

وقررت وزارة الخزانة الأميركية رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا موقتا بهدف إيصال مساعدات إلى السكان المتضررين في أسرع وقت ممكن.

وأوضحت الوزارة أن هذا الإجراء “يسمح لمدة 180 يوما بجميع الصفقات المتعلقة بمساعدة ضحايا الزلزال، التي كانت محظورة” بموجب العقوبات المفروضة على سوريا.

وأشارت وزارة الخزانة الأميركية أيضاً إلى أن برامج العقوبات الأميركية “تتضمن أساسا استثناءات متينة للعمليات الإنسانية”.

وأفاد مسؤولون بأن الولايات المتحدة أرسلت فرق إنقاذ إلى تركيا، فيما تقدم المساعدة في سوريا عبر شركاء محليين لأن واشنطن ترفض التعامل مع الرئيس بشار الأسد وتطالب بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال الحرب الأهلية.