وفقاً لمعلومات “النهار”، فإنّ الخطّة التي لم تُفصح القاهرة عن تفاصيلها بعد، ستكون مطروحة للنقاش في الرياض، وهي ترتكز على ثلاثة مراحل أساسية يجري تنفيذها خلال خمس إلى ست سنوات.
يلتقي زعماء دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن اليوم الجمعة في الرياض، في قمّة عربيّة مصغرة دعا إليها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وتسبق القمّة الطارئة التي تُعقد في 4 آذار / مارس المقبل في القاهرة. ومن المقرر أن تبحث الدول المشاركة خطة مضادة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تقضي بنقل الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى والاستيلاء على القطاع، عشية انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار في غزة وبدء المحادثات بشأن المرحلة الثانية.
وتكمن أهمية القمّة التي تُعقد في ظلّ إجماع عربي على رفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، والإصرار على “حلّ الدولتين” كشرط أساسي للسلام في الشرق الأوسط، بأنّها ستُناقش خطة إعادة إعمار غزّة التي أعدتها مصر خلال الأسبوعين الماضيين، والجهات التي ستشارك في التمويل، إضافة إلى “توفير الآليات الخاصة لتنفيذ الاقتراح العربي، وخلق موقف فولاذي تجاه طرح ترامب، واحتضان الموقفين المصري والأردني”، بحسب مدير تحرير صحيفة “الأهرام” المصرية أشرف العشري.
ماذا تتضمّن الخطة؟
ووفقاً لمعلومات “النهار”، فإنّ الخطّة التي لم تُفصح القاهرة عن تفاصيلها بعد، ستكون مطروحة للنقاش في الرياض، وهي ترتكز على ثلاثة مراحل أساسية يجري تنفيذها خلال خمس إلى ست سنوات:
المرحلة الأولى ترتبط بتثبيت الغزّيين بأرضهم، من خلال نقلهم إلى مناطق آمنة يجري تحديدها داخل القطاع، وتوفير منازل متنقلة جاهزة للاستخدام ومستشفيات ميدانية ومدارس موقتة، وتزويدهم بالمساعدات الإنسانية اللازمة لصمودهم. وكذلك السماح لذوي الأمراض المزمنة والمستعصية والجرحى بالعلاج في دول عربية والعودة بعدها إلى غزّة. وفي الوقت ذاته يجري إدخال آليات ومعدات ثقيلة لإزالة الركام في المساحات الشاسعة المتضررة جراء الحرب. ومن المتوقع أن تستمر هذه المرحلة من 6 أشهر إلى 8 أشهر.
المرحلة الثانية تتطلّب عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزّة، يتشارك فيه العرب والعالم هذه المسؤولية التي تُقدّر تكلفتها بأكثر من 53 مليار دولار بينها أكثر من 20 ملياراً خلال الأعوام الثلاثة الأولى، وفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة الثلاثاء. وتشمل أعمال البنية التحتية أولاً، ومن ثم بناء الوحدات السكنية وتوفير الخدمات التعليمية والصحية. ولخفض التكلفة، ستتضمّن الخطة إعادة تدوير الأنقاض لاستخدامها كجزء من خرسانة البناء، وذلك بمشاركة شركات غربية، ومنها أميركية.
المرحلة الثالثة أساسها إطلاق مسار سياسي لتنفيذ “حلّ الدولتين”، الذي تعتبره الدول العربية شرطاً أساسيّاً للتهدئة المستدامة وللسلام العادل والشامل.
عقبات أساسية
ومن الممكن أن تواجه هذه الخطة عقبات أساسية، في مقدمها مسألة تمويل إعادة الإعمار، فحتى اللحظة عرضت مجموعة من الدول العربية المشاركة بنحو 35% من القيمة الإجمالية للإعمار، ويمكن أن ترتفع هذه النسبة خلال قمتي الرياض والقاهرة، لكن ذلك يرتبط بملف سياسي شائك وهو الجهة التي ستحكم غزّة بعد الحرب.
وبهذا الخصوص، ثمة قناعة راسخة لدى الأكثرية العربية بضرورة ألا تشارك “حماس” مطلقاً بحكم غزة، على أن يتم تشكيل إدارة مدنيّة لإدارة القطاع بقيادة السلطة الفلسطينية، وتشكيل جهاز شرطة جديد معزّز بعناصر عربية لضبط الأمن. لكنّ الأمر ليس بهذه السهولة، فلا ضمانة حتى الآن بقبول “حماس” شرط انكفائها، ولا لموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية.
وفي ظلّ هذه الصعوبات، تبرز أيضاً الضغوط الأميركية – الإسرائيلية التي تحتاج إلى درجة عالية من الوحدة العربية لمواجهتها وإعطاء فرصة لهذه الخطة، التي ستغدو غير مقبولة بالمطلق بالنسبة لواشنطن وتل أبيب إن تضمّنت بقاء “حماس” في الحكم.
انقسام في “حماس”؟
في السياق، تضاربت المعلومات بشأن موافقة “حماس” على التنازل عن الحكم، من دون أن تُصدر بياناً صريحاً بهذا الشأن رغم بعض التسريبات التي أكدت تنازلها سياسياً، ما يوحي بإمكانية وجود آراء متعددة داخل الحركة وانقسام بين تيارين رئيسيين فيها.
وتواصلت “النهار” مع أربعة مصادر في “حماس”، تقاطعت إجاباتها على نقطة أساسية وهي مشاركة السلطة الفلسطينية في حكم غزة، إلا أنّها اختلفت بخصوص شكل الحكم والمشاركة فيه، فمقابل موافقة تيار سياسي داخل الحركة على تسلّم السلطة وأجهزتها لحكم القطاع بالكامل، مقابل ضمانات بشأن الموظفين والأجهزة الأمنية، تحدّث تيار آخر عن استحالة الموافقة على هذا الطرح.
وقال مصدران إنّ الحديث عن تخلي “حماس” عن الحكم “لا أساس له” وأنّ ما طُرح هو “الشراكة في ترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي بالتشارك مع جميع المكوّنات”، في حين أكّد مصدر آخر أنّ “غزّة لن تكون نموذجاً عن الضفّة الغربية بأيّ حال من الأحوال”.
ويؤكد العشري، لـ”النهار”، أنّ “حماس وافقت على أن تنسحب من المشهد السياسي دون أن يكون هناك نزع لسلاح الحركة”.
ويضيف أنّه سيكون هناك مشاورات خلال الأيام المقبلة بين مصر و”حماس” لإقناعها بـ”التخلي عن موقفها والخروج من المشهد لثلاث أو أربع سنوات”، حتى تستطيع القاهرة “إقرار خطة إعادة إعمار غزة بالتعاون من العرب والأوروبيين والأميركيين، والتسويق لها، وقطع الطريق على ذرائع نتنياهو والجانب الأميركي”.
بالمحصلة، ستتجه الأنظار اليوم إلى الرياض لاستشراف التوجه العربي حيال مصير غزّة وأهلها، ومسار الخطة العربية ومدى الالتفاف حولها والوحدة التي ستحققها. وكذلك إلى موقف “حماس” وقدرة الوسيطين، قطر ومصر، على إقناع الحركة بضرورة الانكفاء لسنوات عن السلطة.