لا يبدو أن إعلان حزب “العمال” الكردستاني في النصف الأول من أيار/مايو الجاري، إلقاء السلاح، سيؤدي إلى وقف العمليات العسكرية التركية ضده بالكامل، نظراً لوجود حالة من الانقسام في أروقة الحزب حيال الالتزام بالإعلان الذي صدر عن مؤتمر الحزب مؤخراً.
سلاح بالعراق وتسرب إلى سوريا
وفقاً لما تؤكده المعلومات فإن مجموعات تتبع لحزب العمال الكردستاني، تسعى للاحتفاظ ببعض الأسلحة في مناطق وجودها ضمن جبل قنديل وسهل سنجار شمال العراق، على الرغم من إعلان القائد المؤسس عبد الله أوجلان في وقت سابق، التخلي عن العمل المسلح.
وتسعى هذه المجموعات لاستغلال بعض المزايا التي تتوفر لها من الانفتاح الإيراني عليها، حيث يبدو أن طهران لا ترغب بخسارة دورها وإمكانية توظيفها ضد الجانب التركي عند اللزوم، وهذا يوفر لها هوامش للبقاء.
من جهة أخرى فضلت بعض المجموعات التابعة للحزب، التوجه إلى سوريا للاستقرار ضمن مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي لديه ارتباط وثيق مع “العمال”، وهذه المجموعات من جنسيات غير سوريا ومن ضمنها تركية، لا ترغب بالعودة إلى بلادها وإنما الاستمرار بالنشاط العسكري ولكن ضمن صيغة جديدة تحت غطاء قوة تحظى برعاية أميركية حتى اللحظة.
من الواضح أن قسد تعمل أيضاً على تعزيز موقفها الميداني عبر هذه المجموعات، قبل الدخول في مفاوضات جديدة مع الإدارة السورية من أجل تحديد آليات اندماج قسد ضمن الدولة السورية.
ترتيبات تركية
ينشط الجانب التركي إقليمياً من أجل ترتيب الأجواء لما قد يكون مواجهة فاصلة ضد المجموعات التابعة لـ”العمال” الكردستاني والرافضة لإلقاء السلاح، وتركز أنقرة على إجراء اتصالات مكثفة مع الجانبين العراقي والسوري لضمان الحصول على التفويض اللازم لعمليات عسكرية يلوح بها المسؤولين الأتراك الذين يؤكدون على مراقبتهم لمدى التزام “العمال” بإعلان إلقاء السلاح.
ولا يبدو أن التقارير الغربية التي أكدت تأسيس قناة اتصال بين إسرائيل وتركيا في سوريا، منفصلة عن جهود الترتيبات السياسية والأمنية التي توفر الأرضية اللازمة لتنفيذ عمليات عسكرية ضد مجموعات “العمال”، حيث من المحتمل أن تكون سوريا هي الساحة الرئيسية لهذه المواجهة في ظل انتقال كوادر الحزب بشكل كثيف إلى الأراضي السورية مؤخراً.
ستساهم قناة الاتصال التركية-الإسرائيلية بتهدئة مخاوف الأخيرة من النشاط التركي في سوريا، وبالتالي ضمان عدم عرقلة أي نشاط عسكري تركي في سوريا.
من غير المستبعد أن توافق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب هي الأخيرة على عملية عسكرية تركية دقيقة تستهدف تفكيك ما بقي من مجموعات “العمال” الكردستاني، حيث ظهرت واشنطن مؤيدة ضمنياً لتفكيك الحزب الذي تحول تدريجياً إلى أحد أدوات النفوذ الإيراني في العراق وسوريا، خصوصاً أن مثل هذه العملية ستسهل على التيار الآخر ضمن “قسد” الاندماج ضمن ترتيبات الحل السوري، لأنه سيتخلص من الضغوطات التي تمارسها عليه كوادر الحزب.