ملخص
من المتوقع أن يواصل البابا الفاتيكان الجديد لاوون الـ 14 نهج البابا فرنسيس في دعم الفقراء والتقارب بين الشعوب، في خطوة تعكس تزايد تأثير لاهوت أميركا اللاتينية، وتضعه في مواجهة محتملة مع توجهات ترمب والمحافظين.
هل تذكرون الصورة التي أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي ونشرها دونالد ترمب على موقع “تروث سوشيال” في مطلع مايو (أيار) الجاري لحبر أعظم أميركي؟
حسناً، لدينا يا جماعة الآن بابا، ومن حسن الحظ فإنه ليس ترمب ولا من مدرسة جيه دي فانس الذي تحول [عن مذهبه السابق إلى] الكاثوليكية، و[هو بمثابة] اللعنة بالنسبة إلى المسيحيين الذين يعتقدون أن محبة الجار تعني محبة الجار، كائناً من كان، وليس فقط من يفكر ويتحدث ويسير مثلك، إنه الكاردينال روبرت بريفوست والذي اتخذ اسم البابا لاوون الـ 14، ويبدو أن العالم قد حصل على بابا جديد من نسيج سلفه البابا فرنسيس.
عندما اُنتخب البابا فرنسيس عام 2013 اختار الكرادلة المجتمعين في كنيسة سيستين أرجنتينياً وصف نفسه بأنه “من أقاصي الأرض”، أما البابا الجديد لاوون فهو ليس كذلك تماماً بل من شيكاغو، إلا أنه يعرف شيئاً عن الفقر والظلم، فلقد عمل في بيرو مبشراً لرهبنة الأوغسطينيين ثم خدم أسقفاً هناك، وقبل بضعة أسابيع أعاد حساب تابع لروبرت بريفوست على تويتر نشر انتقادات لسياسات ترمب وفانس المتعلقة بالهجرة، متسائلاً عما إذا كان لديهما ضمير.
ويمكن فهم كيفية رؤية بريفوست لدوره كزعيم لـ 1.4 مليار كاثوليكي في أنحاء العالم من خلال اختياره للاسم البابوي، ففي العالم الكاثوليكي يُنظر إلى لاوون على أنه بابا إصلاحي، ولا سيما أن آخر بابا [سبقه إلى حمل الاسم نفسه]، أي لاوون الـ 13، كتب رسالة عامة شهيرة أو وثيقة تعليمية عام 1891 حول حقوق العمال وأهمية النقابات العمالية.
وعلى رغم أن اسم بريفوست لم يذكر مرشحاً لمنصب البابا بقدر لويس تاغلي الذي أطلق عليه لقب “فرانسيس الآسيوي”، أو بييترو بارولين، أمين سر دولة الفاتيكان، بيد أنه ورد ذكره مراراً في قوائم طويلة من المرشحين المحتملين لتبوأ مركز البابا، وقد عادت عليه تجربته كمبشر وأسقف أبرشي، وكونه خبيراً في شؤون الفاتيكان يترأس مكتب تعيين الأساقفة، بالمهارات والخبرات التي ستكون بالغة الأهمية له كقائد للكنيسة الكاثوليكية، وتشمل هذه الخبرات فطنة إدارية وصفات رعوية وفهماً للعالم المترامي خارج حدود الفاتيكان، وبعيداً من الولايات المتحدة، وفي المناطق التي يسود فيها الفقر والظلم.
اقرأ المزيد
حكاية عشق ما بين البابا لاوون وسانت أوغسطين الجزائري الأمازيغي
داخل كواليس “الكونكلاف”… هكذا انتخب البابا لاوون الرابع عشر
انتقادات من أنصار ترمب بعد اختيار بابا الفاتيكان الجديد
ما نقاط الاختلاف والاتفاق بين البابا ونائب ترمب؟
يزعم الناس من مختلف المشارب في الوقت الحالي أن لاوون الـ 14 هو واحد منهم، ولقد أطلق عليه جو بايدن، الكاثوليكي المتدين، لقب لاوون الـ 14 من إلينوي، وأعلن باراك أوباما الذي دخل العمل السياسي في شيكاغو، أن البابا الجديد لاوون “واحد من أبناء شيكاغو”، بينما زعمت رئيسة بيرو، دينا بولوارتي، أنه من مواطنيها البيروفيين.
إن ما قالته بولوارتي عن البابا لاوون الذي أصبح على ما يبدو مواطناً بيروفياً قبل 10 أعوام، يتمتع بأهمية خاصة من أجل فهم هوية هذا البابا الجديد، وسبب اختيار الكرادلة الناخبين له بهذه السرعة هو أنه قد “زرع الأمل في بلادنا وسار جنباً إلى جنب مع أكثر المحتاجين”.
هذه هي نسخة الكنيسة الكاثوليكية التي جسدها البابا فرنسيس، أي الكنيسة التي تتضامن مع الفقراء والتي تأثرت بشدة بأتباع لاهوت التحرير في أميركا اللاتينية، وقد تسببت بمشكلات في الماضي، وكما قال عالم اللاهوت البرازيلي هيلدر كامارا ذات مرة “عندما أعطي الطعام للفقراء ينادونني قديساً، وعندما أسألهم عن سبب فقرهم ينادونني شيوعياً”.
خلال بابوية يوحنا بولس الثاني وبندكتس الـ 16 سادت شكوك عميقة حول تأثير أميركا اللاتينية في الكنيسة، والآن مع فرانسيس ولاوون الـ 14 يبدو أن النسخة اللاتينية من الإيمان الكاثوليكي قد بدأت تبرز، ومع ذلك فمن الواضح أن فريق البابا الجديد أراد أكثر من هذا التركيز على الفقراء، فقد تحدثوا عن الحاجة إلى حبر أعظم قادر على أن يكون جسراً للتواصل، شخصاً قادراً على أن يوفر للعالم وللكنيسة نفسها وسيلة لسد الفجوات، وستكون هذه أصعب مهمة منوطة بالبابا الجديد على الإطلاق.
© The Independent