تسيطر النقاشات حول قضيتي الدستور الجديد وحلّ «حزب العمال الكردستاني» على الساحة السياسية التركية، وسط هجوم مكثف على المعارضة من جانب «تحالف الشعب» بقيادة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم.
وكشفت التصريحات التي صدرت خلال الزيارات المتبادلة بين الأحزاب للتهنئة بعيد الأضحى عن استهداف «تحالف الشعب»، المؤلف من حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم و «الحركة القومية»، زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل.
وهاجمت نائبة رئيس حزب «العدالة والتنمية»، بيلجين أويغور، التي ترأست وفد الحزب خلال زيارة حزب «الحركة القومية»، أوزيل بشدة، قائلة: «إننا نتحدث عن زعيم معارضة فقد توازنه».
وقالت أويغور إنه «بفضل تأكيد الرئيس رجب طيب إردوغان على تعزيز الجبهة الداخلية، ودعوة رئيس حزب (الحركة القومية)، دولت بهشلي، التاريخية أحرزنا تقدماً ملموساً نحو هدف (تركيا خالية من الإرهاب)»، في إشارة إلى المبادرة التي أطلقها بهشلي واستجاب لها زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بالدعوة من سجنه في إيمرالي إلى حلّ الحزب وإلقاء أسلحته.
وأضافت: «سنواصل مناقشة قضايانا بقوة أكبر على الساحة السياسية، وتقييمها وحسمها، ومع دستور جديد يجمع المجتمع بأسره، وتساهم فيه جميع الأحزاب السياسية».
وهاجمت أويغور موقف أوزيل الرافض للمشاركة في أعمال الدستور الجديد بسبب عدم التزام الحكومة بالدستور الحالي، قائلة: «نحن نتحدث عن زعيم معارضة فقد توازنه، وتبدو مواقفه ومنهجياته وسلوكياته بعيدة كل البعد عن النضج والمنطق السليم اللذين يتحلى بهما الشخص العادي؛ إذ يُقسّم المجتمع، ويُثير الشباب ضد بعضهم، ويدفعهم إلى المواجهة مع الشرطة».
هجوم مستمر
بدوره، انتقد نائب رئيس حزب «الحركة القومية» صدر دورماز، أوزيل بسبب الاحتجاجات والتجمعات المستمرة منذ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة، أكرم إمام أوغلو، بشبهة فساد. وقال دورماز: «بدلاً من دعوة الناس إلى الشوارع، وإرهاب المجتمع، وتهديد مسؤولي الحكومة، كان ينبغي على أوزغور أن يقول إن (إمام أوغلو لم يرتكب أي جريمة)، كما يقضي القانون،». وتابع: «إذا كنت واثقاً من نفسك، فلماذا أنت قلق للغاية؟ لماذا أنت سريع الانفعال؟».
من جانبه، انتقد كبير مستشار الرئيس التركي للشؤون القانونية، محمد أوتشوم، موقف أوزيل عقب اعتقال إمام أوغلو ورؤساء بلديات آخرين تابعين لحزبه بدعوى التوسط في جرائم فساد، قائلاً عبر حسابه في «إكس»، الأحد: «اليوم، يهيمن أسلوبٌ يوحي بأنه مُختار عمداً، ويمكن وصفه بأنه أسلوب متنمر في الخطاب السياسي لحزب الشعب الجمهوري».
وأضاف: «المهم حقاً هو أن يفي حزب الشعب الجمهوري بمسؤوليته التاريخية تجاه تركيا خالية من الإرهاب ودستور جديد، بلا شروط. لكن ما نراه هو أن المعارضة تعمل ضد الديمقراطية… لا يمكن المعارضة من خلال ارتكاب الجرائم والدفاع عنها».
خطّة بهشلي
ولفت المحلل السياسي مراد يتكين إلى تلميحات رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، في رسالته بمناسبة العيد، حول الاستراتيجية التي سيتبعها «تحالف الشعب» بعد العطلة، والتي كشفت عن أن الهدف ليس الدستور فقط، بل أيضاً نظام الانتخابات، وقانون الأحزاب السياسية، واللوائح الداخلية للبرلمان.
ووعد بأن بهشلي سيُصمّم «جمهورية ثانية» في القرن الثاني للجمهورية التركية، وفق يتكين، الذي أوضح أنه «لا توجد عملية واحدة في هذا التصميم، بل عمليتان معاً، إحداهما دمج القومية الكردية رسمياً في النظام البرلماني، بعدما كان هو أشدّ معارضيها، والثانية هي عملية إرساء الأساس الدستوري لذلك».
وقال يتكين: «يجب أن نتذكر أن أهمّ ما يشغل بال بهشلي هو خفض نسبة (50 في المائة+1) للفوز بالرئاسة المعمول بها في الدستور الحالي، الذي أقر إردوغان وبهشلي التعديلات الواسعة عليه معاً عام 2017 لتطبيق النظام الرئاسي، والآن يصفانه بالدستور الانقلابي».
وأرجع ذلك إلى أن بهشلي يريد أن يبقي حزب «الحركة القومية» في نظر حزب «العدالة والتنمية» مُحفّزا ومُيسرا للعمليتين، كما ظهر في الرسائل التي خرجت خلال الزيارات المتبادلة بين الأحزاب بمناسبة العيد، والتي لم يشارك فيها حزب «الشعب الجمهوري» بسبب اعتقال إمام أوغلو والضغوط عليه.
بدوره، دافع الكاتب ألبر غورموش عن الموقف المبدئي لزعيم المعارضة، أوزغور أوزيل، قائلاً إنه يقف «حجر عثرة» في مواجهة موجة «خيانة الديمقراطية». ولفت إلى أن أوزيل «لم يتعنت أو يرفض أن يجلس مع ممثلي الحكومة، إذا كان ذلك سيؤدي إلى تعزيز الديمقراطية والتضامن بين الأتراك والأكراد وحل مشاكلهم».