مع تزايد الاحتقان في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في ما يتعلق بالملف النووي الايراني وتدهور مسار التفاهمات بين واشنطن وطهران، سلط مقال في موقع “تايم” (TIME) الأميركي الضوء على تنامي المخاوف داخل الدوائر الغربية من احتمال تنفيذ إسرائيل ضربة عسكرية وشيكة ضد إيران. يأتي ذلك في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة بإجلاء موظفي سفاراتها غير الأساسيين من العراق ودول أخرى في المنطقة، في خطوة احترازية تشير إلى جدية التهديدات.
ووفقاً للمقال، ليست إمكانية تنفيذ هجوم إسرائيلي على إيران “وشيكة بالضرورة، لكنها أمر محتمل بقوة”، حسب ما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريحات أمام الصحافيين يوم الخميس. ويأتي هذا الترقب القلق في ظل تعثر المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، بحيث عبّر ترامب في لقاء إذاعي نُشر الأربعاء عن تراجع ثقته بإمكان التوصل إلى اتفاق يحد من قدرات إيران النووية، قائلاً إنه “أقل ثقة” من ذي قبل بإمكان تحقيق تفاهم.
وفي تناقض جزئي مع هذا الموقف، عاد ترامب في اليوم التالي ليصف الاتفاق مع إيران بأنه “قريب إلى حد ما”، محذراً في الوقت ذاته من أن ضربة إسرائيلية محتملة “قد تنسف فرص التفاهم”. وأضاف: “طالما أعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق، لا أريد أن تتدخل إسرائيل عسكرياً”.
يُذكر أن ترامب سبق وأن هدد علناً بـ”قصف” إيران إذا فشلت المفاوضات النووية، بينما صرّح وزير الدفاع الايراني عزيز ناصر زاده بأن بلاده سترد باستهداف القواعد الأميركية في حال اندلاع مواجهة. كما كشفت تقارير حديثة أن إسرائيل بدأت فعلياً بالتحضير لسيناريوهات هجوم على منشآت نووية إيرانية.
من جانبه، صرح دانيال شابيرو، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، لموقع “جيروزاليم بوست” أن إدارة ترامب “تبدو وكأنها تقوم بتحضيرات لمواجهة محتملة، قد تنفذها إسرائيل ضد إيران”. وأضاف أن التحرك الأميركي لإجلاء بعض الموظفين لا يعني بالضرورة أن هناك ضربة وشيكة، لكنه إشارة إلى أن واشنطن تتعامل مع الاحتمال بجدية وتسعى الى تقليل المخاطر.
وبالفعل، بدأت وزارة الخارجية الأميركية بإجراءات تقليص طاقم بعثتها الديبلوماسية في بغداد، إلى جانب سحب موظفين غير عسكريين من دول مجاورة مثل البحرين والكويت. وفي هذا السياق، أوضحت الخارجية الأميركية في بيان رسمي: “الرئيس ترامب ملتزم بحماية الأميركيين في الداخل والخارج. وبناءً على تقييماتنا الأمنية الأخيرة، قررنا تقليص وجودنا الديبلوماسي في العراق”.
وفي حين أكدت مصادر أميركية وعراقية هذه المعلومات لوكالة “رويترز”، نفت الحكومة العراقية وجود مؤشرات أمنية داخلية تستدعي هذا الإجراء، ووصفت عمليات الإجلاء بأنها جزء من ترتيبات تتعلق بالوجود الديبلوماسي الأميركي في المنطقة ككل، وليس العراق فقط.
في موازاة ذلك، قالت القيادة المركزية الأميركية إن وزير الدفاع خوّل “المغادرة الطوعية” لعائلات العسكريين في المنطقة، في ظل مراقبة دقيقة للتصعيد المحتمل. وأكدت القيادة في بيان أن “سلامة وأمن القوات الأميركية وعائلاتهم تبقى أولوية قصوى”.
في المقابل، نقلت شبكة CBS عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل “جاهزة بالكامل” لتنفيذ ضربة على إيران، وأن طهران قد ترد باستهداف مواقع أميركية في العراق. بينما أوردت شبكة NBC أن إسرائيل تفكر في التحرك منفردة، من دون دعم أميركي مباشر.
في خضم هذا التصعيد، أعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي عبر منصة “أكس” أن الجولة المقبلة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة ستُعقد يوم الأحد في مسقط، على الرغم من مخاوف من تأجيلها.
كما أصدرت وكالة بريطانية معنية بالتجارة البحرية تحذيراً للسفن التجارية في المنطقة، مشيرة إلى أن “التوترات المتصاعدة قد تؤدي إلى تصعيد عسكري ينعكس مباشرة على سلامة الملاحة البحرية”.
وفي ردها على كل هذه التهديدات، أكدت البعثة الايرانية لدى الأمم المتحدة أن “التهديد باستخدام القوة الساحقة لن يغيّر الحقائق: إيران لا تسعى الى امتلاك سلاح نووي، والنزعة العسكرية الأميركية لا تزيد إلا عدم الاستقرار في المنطقة حدة”.