تتوجّه الأنظار الإثنين المُقبل إلى العاصمة الأميركيّة واشنطن، حيثُ سيحُطّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو رحاله في البيتِ الأبيضِ للقاء الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب.
هو اللقاء الأوّل بين الرّجلَيْن بعدَ مواجهة الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران، وقصف الولايات المُتّحدة للمنشآت النّوويّة الإيرانيّة الـ3: فوردو، نطنز وأصفهان. وصفَ ترامب اللقاء بأنّه سيكون “احتفالاً صغيراً” بضربِ المنشآت النّوويّة الإيرانيّة. لكنّ واقِعَ الحال يقول إنّ اللقاء سيكون أوسع وأشمل من ذلك.
كثيرةٌ هي الملفّات الحاضرة على طاولة البحثِ بين ترامب ونتنياهو: إيران وغزّة والملفّ القضائيّ لرئيس الوزراء الإسرائيليّ.
تتوجّه الأنظار الإثنين المُقبل إلى العاصمة الأميركيّة واشنطن، حيثُ سيحُطّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو رحاله في البيتِ الأبيضِ للقاء الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب
هكذا أنقذ ترامب خامنئي
يعتبِرُ الرّئيس الأميركيّ أنّ الولايات المُتّحدة قضَت على البرنامج النّوويّ الإيرانيّ. وهو حين يُصرّحُ بذلك، فهوَ يعني أنّ بلاده استطاعت تدمير قُدرة إيران النّوويّة التي تستطيع من خلالها إنتاج قُنبلةٍ نوويّة، ولا يعني بالضّرورة إخراج البرنامج النّوويّ الإيراني من الخدمة بشكلٍ نهائيّ.
لا يلتقي الرّجلان على ما يُريده نتنياهو من ضربِ إيران حتّى إسقاط نظامها. وهذا ما تُؤكّده خطوة ترامب بوقفِ هجومٍ إسرائيليّ بعدَ ساعتيْن من وقفِ إطلاق النّار بين طهران وتل أبيب. إذ تُؤكّد مصادر “أساس” أنّ الطّائرات الإسرائيليّة التي انطلقت ظُهر 24 حزيران كانت تتّجه لاستهداف شخصيّة إيرانيّة قياديّة رفيعة المُستوى، يُرجّح أنّها المُرشد علي خامنئي.
لذلكَ صرّح الرّئيس الأميركيّ بعدها بأيّام قليلة أنّه “أنقذَ خامنئي من موتٍ مُشين ومُؤكّد”. فالرّئيس الأميركيّ عَلِمَ أنّ إيران لم تُطلق صواريخ بعدَ وقف إطلاق النّار على إسرائيل، وأنّ ما حصلَ كانَ ذريعةً إسرائيليّةً لإحباط وقف إطلاق النّار واستكمال مهمّة إسقاط النّظام التي أوقفها ترامب. وهذا ما دفعهُ لأن يطلبُ من الطّائرات الإسرائيليّة العودة من حيث انطلقَت، وأن يُصرّح لاحقاً أنّه غاضبٌ من إيران لكنّه غاضبٌ أيضاً من إسرائيل.
يسعى ترامب إلى اتّفاقٍ مع إيران يُقوّضُ جهودها النّوويّة أو أيّ محاولة لإعادة نشاطها النّوويّ “غير السّلميّ”. لكنّ ضيفهُ نتنياهو له أهدافٌ أبعدُ من ذلك، وعلى الرّغم من طموحاتهِ لا يستطيع المُضيّ قُدماً من دونِ ضوءٍ أخضر من البيت الأبيض.
يعتبِرُ الرّئيس الأميركيّ أنّ الولايات المُتّحدة قضَت على البرنامج النّوويّ الإيرانيّ
غزّة: وقفُ الحربِ.. ولكن
تعتبرُ الإدارة الأميركيّة ومعها إسرائيل أنّ ضربَ إيران سيجعلُ من إمكان التّوصّل إلى اتّفاقٍ بشأن الرّهائن الإسرائيليّين في غزّة أكثر سهولةً. وهذا ما سهّلَ على نتنياهو أن يُضيفَ مسألتيْن غير قابلتيْن للنّقاش لديْه إلى أيّ اتّفاقٍ بشأنِ غزّة:
نزع سلاح حركة “حماس” وبقيّة الفصائل في قطاع غزّة.
أن لا يكونَ لـ”حماس” أيّ دورٍ في إدارة القطاع بعد الحرب.
المُتغيّر في كلام نتنياهو أنّه للمرّة الأولى يذكرُ عبارة “إنهاء الحربِ” بعدما غابت هذه الجُملة عن كُلّ خطاباته وتصريحاته منذ السّابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023. لكنّ “إنهاء الحرب” بأدبيّات “بي بي” يرتبطُ بالشّرطَين المذكورَين، وبالسّماح لمن يرغب من سُكّان غزّة بمُغادرة القِطاع.
لا يبدو أنّ “حماس” تُبدي ليونةً بشأنِ نزعِ سلاحها، على الرّغم من إبلاغها الوسطاء أنّها لا تطمحُ لإدارة القِطاع بعد الحربِ. لكنّ المُفاوض الإسرائيليّ وزير الشّؤون الاستراتيجيّة رون ديرمر طلبَ من الأميركيّين أن يبقى في أيّ اتّفاقٍ أو هُدنةٍ بندٌ للتفاوض يُتيحُ لإسرائيل تجديد عمليّتها العسكريّة ضدّ القطاع في حال لم تتجاوب “حماس” مع المطالبِ الإسرائيليّة.
في المُقابل يريد ترامب الانتهاء من ملفّ الحربِ على غزّة، وذلكَ لبحثِ مسألة اليوم التّالي في القطاع. إذ تعلو أصواتٌ داخل فريق ترامب تدعو إلى أن يكونَ للدّول العربيّة دورٌ في إدارة القطاع أمنيّاً وسياسيّاً إلى حينِ إنتاج سلطة فلسطينيّة قادرة على إدارته وإعادة إعماره بشراكةٍ مع الأميركيّين.
تعتبرُ الإدارة الأميركيّة ومعها إسرائيل أنّ ضربَ إيران سيجعلُ من إمكان التّوصّل إلى اتّفاقٍ بشأن الرّهائن الإسرائيليّين في غزّة أكثر سهولةً
يتسلّحُ ترامب بهديّتَين سيُقدّمهما لنتنياهو في حال وقف الحرب في غزّة والتجاوبِ مع سياستهِ تجاه إيران:
البدء بمسارٍ للسّلامِ مع عدّة دولٍ عربيّة، تشترطُ جميعها وقفَ الحربِ ووقف تهجير الفلسطينيّين وإقامة دولةٍ فلسطينيّة.
أن يضغطَ ترامب على القضاء الإسرائيليّ للعفو عن نتنياهو في قضايا الفساد، وما يعنيهِ ذلكَ من مساعدةٍ سياسيّةٍ ومعنويّةٍ لرئيس حزب الليكود قبل عامٍ من الانتخابات التشريعيّة الإسرائيليّة في تشرين الثّاني 2026. وقد وعدَ ترامب نتنياهو بأنّه قد يلجأ إلى فرضِ عقوبات على القُضاة الإسرائيليّين لمُساعدته في نيل العفو إذا ما استجابَ لتسهيل مهمّته السّياسيّة في الشّرق الأوسط.
لبنان… هديّة قرار الحكومة؟
في اليوم الذي سيدخل فيه نتنياهو البيت الأبيض، يُتوقّع أن يزورَ مبعوث ترامب إلى سوريا توماس بارّاك العاصمة اللبنانيّة بيروت. طلبَ الموفد الأميركيّ من المسؤولين اللبنانيين في زيارته الأخيرة قبل أيّام أن تُصدِرَ الحكومة موقفاً واضحاً قبل 7 تمّوز من مسألة “حصر السّلاح بيد الدّولة”، أي سلاح “الحزبِ” والفصائل الفلسطينيّة.
يُريدُ الأميركيّون أن يكونَ هذا القرار على طاولة ترامب – نتنياهو، التي يُريدها رئيس الولايات المُتّحدة أن تشهدَ احتفالاً بضربِ إيران و”حماس”، وقرار الحكومة بشأن “الحزب” في لبنان. وهنا يمكنُ قراءة استعجال بارّاك إصدار القرار قبل زيارته في 7 تمّوز.
إقرأ أيضاً: الرّدّ الإيرانيّ على “العديد”: تفاصيل السّاعات الأخيرة
قبل قُرابة سنةٍ من اليوم، ألقى نتنياهو خطابه أمام الكونغرس الأميركيّ في 24 تمّوز الماضي. يومها وعدَ نتنياهو بتغيير الشّرق الأوسط والانتصار على المحور الإيرانيّ وسطَ تصفيق غير مسبوق من أعضاء الكونغرس.
يعودُ نتنياهو اليوم إلى واشنطن وقد ضربَ إيران وقبلها “حماس” و”الحزب”، وسطَ مُتغيّرٍ جوهريّ في سوريا عنوانه سقوط بشّار الأسد وقطع طريق البوكمال – بيروت وسيطرة إسرائيل على قمم جبل الشّيخ السّوريّة. فهل تكون زيارة الاحتفال هي الخطوة الأولى في إغلاق ملفّ الحربِ والتّفرّغ للانتخابات التشريعيّة؟ أم لنتنياهو مهمّتان لم يُتممهما بالكامل في اليَمَن ولبنان؟