ملخص
بعض المراقبين في إسرائيل يرون أن غضب اليمين المتطرف ليس سوى واجهة، وإعلان موقف لحفظ ماء الوجه.
أثار هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون على جنود في الضفة الغربية المحتلة يوم الأحد الماضي إدانة واسعة من مختلف ألوان الطيف السياسي، لكن الاستنكار الأبرز جاء بصورة غير معتادة من وزراء اليمين المتطرف، الذين يشكل المستوطنون القاعدة الانتخابية الأساسية لهم.
وقال وزير المالية بتسلئيل سموطريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهما من أكثر أعضاء الائتلاف الحاكم تطرفاً، إن “خطاً أحمر قد تم تجاوزه”، وطالبا بمساءلة الجناة.
وقال سيمون بيري، وهو خبير أمني وأستاذ في قسم علم الجريمة بالجامعة العبرية في القدس، “لقد تجاوز مثيرو الشغب الحدود، حتى بالنسبة إلى اليمين المتطرف”. وأضاف في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، “لقد بالغوا في الأمر”.
وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكن الهجمات التي يشنها المستوطنون ضد مواقع للجيش تعد نادرة.
غير أن بعض المراقبين في إسرائيل يرون أن غضب اليمين المتطرف ليس سوى واجهة، وإعلان موقف لحفظ ماء الوجه.
وقال نمرود غورين، الخبير في العلاقات الخارجية والمحلل المخضرم للسياسة الإسرائيلية، “لقد اكتفوا بالكلام من دون فعل حقيقي”.
وأشار غورين، وهو رئيس مركز “ميتفيم” الإسرائيلي لسياسات الشرق الأوسط، إلى أن الهجمات العنيفة من المستوطنين ضد الفلسطينيين أصبحت أمراً شائعاً في السنوات الأخيرة، من دون أن تلقى أي انتقاد من اليمين المتطرف. وتدارك “لكن عندما يتضرر الجنود، فجأة يستفيق الجميع”.
وقعت الحادثة يوم الأحد عندما تحولت تظاهرة نظمها عشرات الشبان خارج قاعدة عسكرية إلى أعمال شغب، إذ قام بعضهم بتخريب مركبات عسكرية ومنشآت أمنية.
وكان غضبهم موجهاً نحو قائد لواء بنيامين الإقليمي المتمركز في القاعدة، الذي وصفوه بـ”الخائن”.
ويشار إلى أن القائد حاول قبل يومين من الحادثة منع مجموعة من الشبان الإسرائيليين من دخول منطقة عسكرية مغلقة، قرب قرية كفر مالك الفلسطينية.
وبحسب خبراء إسرائيليين، فإن مثيري الشغب ينتمون إلى حركة غير رسمية تعرف باسم “شبيبة التلال”، هدفهم هو إقامة بؤر استيطانية غير مرخصة في الضفة الغربية وطرد السكان الفلسطينيين منها.
وقد تصادم أعضاء هذه المجموعة في الماضي مع نشطاء وصحافيين وقوات الأمن.
ودان عدد من منظمات حقوق الإنسان تصاعد العنف من جانب المستوطنين.
وتضم الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967 نحو 160 مستوطنة إسرائيلية، جميعها غير قانوني بموجب القانون الدولي.
ويعيش في الضفة الغربية نحو 500 ألف مستوطن إسرائيلي، إضافة إلى نحو 220 ألفاً في القدس الشرقية، وهم في غالبيتهم الساحقة من التيار اليميني.
وقال عوديد رفيفي، الرئيس السابق لمستوطنة “إفرات” وإحدى الشخصيات البارزة في الحركة الاستيطانية، “أكثر من نصف مليون مستوطن يلتزمون القانون، ومن يرغب في الاحتجاج يجب أن يفعل ذلك وفق القانون، وليس بمواجهة الجيش، دعوا الشرطة تتعامل معهم”.
منذ اندلاع الحرب في غزة، أعيد نشر آلاف الجنود الإسرائيليين من الضفة الغربية، مما أدى إلى ترك المهمة لقوات الاحتياط لمواجهة المقاتلين الفلسطينيين والفصل بين المستوطنين العنيفين والمدنيين الفلسطينيين.
ويقول خبراء إن “شبيبة التلال” استغلوا أجواء الحرب وعدد القوات المحدود على الأرض للمضي قدماً في تحركهم، خصوصاً مع تلقيهم دعماً من الجناح الأكثر تطرفاً في الحكومة.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بعد فترة قصيرة من توليه منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وقف اللجوء إلى الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية، وهي آلية كانت تتيح للسلطات الأمنية اعتقال المشتبه فيهم من دون توجيه تهم، لكن هذا الإجراء لا يزال سارياً في حق الفلسطينيين.
وجدد كاتس الثلاثاء تأكيده أنه لن يعيد العمل بهذا الإجراء ضد المستوطنين، على رغم معارضة جهاز الأمن العام (الشاباك).
وتوقع غورين أن يؤدي هذا القرار إلى تشجيع الجماعات الأكثر تطرفاً، وقال “الوزراء اليمينيون المتطرفون يدعمونهم فعلياً، وينتقدون الجيش لمحاولته وقفهم”.
كما أعلن كاتس الثلاثاء تشكيل قوة مشتركة بقيادة الشرطة وبمشاركة الجيش والشاباك، للتعامل مع عنف المستوطنين.
ووفق بيانات صادرة عن السلطات الفلسطينية، قتل 947 شخصاً في الأقل بينهم مقاتلون، بنيران جنود إسرائيليين أو مستوطنين في الضفة الغربية. وخلال الفترة نفسها، قتل ما لا يقل عن 35 إسرائيلياً، بينهم مدنيون وجنود، في هجمات فلسطينية أو خلال مداهمات عسكرية إسرائيلية، بحسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية.