كشف توماس باراك، أحد أبرز مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، أن سوريا وإسرائيل تجريان محادثات “جدية” بوساطة أميركية تهدف إلى إعادة الهدوء إلى حدودهما المشتركة وفتح الباب أمام تسوية أوسع.
وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، أوضح باراك، الذي يتولى منصب السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، أن واشنطن تسعى الى انضمام سوريا إلى “اتفاقيات أبراهام”، التي أفضت خلال ولاية ترامب الأولى إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية. إلا أنه أقر بأن هذا الهدف لن يتحقق سريعاً، نظراً إلى التحديات التي قد يواجهها الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع داخلياً.
وقال باراك: “لا يمكن للشرع أن يظهر أمام شعبه وكأنه خاضع للإملاءات أو الضغوط. عليه أن يسير بخطوات مدروسة وبطيئة”.
ووصف السياسة الأميركية الجديدة بأنها تحوّل جذري عن سياسات “بناء الدول” السابقة التي اعتبرها فاشلة، وعن محاولات فرض أنماط حكم على دول المنطقة. ورأى أن “هذه المنطقة لا تحترم سوى القوة، والرئيس ترامب أعاد تثبيت قوة الولايات المتحدة كشرط أساسي لتحقيق السلام”.
وفي أول تجربة ديبلوماسية له عن عمر 78 عاماً، اعتمد باراك على شبكة علاقاته الواسعة مع رؤساء الدول وقادة النفوذ. وأشار إلى أن تواصله المباشر مع البيت الأبيض ووزير الخارجية ماركو روبيو، إضافة إلى نفاد صبر الادارة حيال تقاعس دول المنطقة عن إصلاح أوضاعها، ساعد في دفع الأمور إلى الأمام.
وفي خطوة لافتة، وقّع ترامب هذا الأسبوع مرسوماً تنفيذياً يضع الأسس لرفع تدريجي للعقوبات الأميركية المفروضة على سوريا. وأوضح باراك أن الادارة الأميركية، بدلاً من فرض مطالب مشددة، حددت أهدافاً لسوريا للعمل عليها، مع إبقاء واشنطن في موقع المراقب لتقدّم هذه العملية. وتشمل هذه الأهداف التوصل إلى تسوية سلمية مع إسرائيل، دمج القوات الكردية المدعومة من واشنطن والتي تسيطر على شمال شرق سوريا ضمن المنظومة السورية، والتحقيق في مصير المواطنين الأميركيين الذين فُقدوا خلال الحرب.
وأكد باراك أن قضايا الديموقراطية والحكم الشامل ليست حالياً على جدول أولويات واشنطن، وأن تحقيقها يحتاج إلى وقت طويل.
كما عبّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من آلاف المقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا خلال الحرب، معظمهم من الجماعات الجهادية. وقال باراك إن واشنطن تدرك أن دمشق لا تملك القدرة على ترحيل هؤلاء، وأن استبعادهم قد يشكل خطراً على الحكومة الجديدة، لذا تطلب الادارة الأميركية الشفافية بشأن الأدوار التي سيتولونها.
ورأى باراك أن رفع العقوبات بصورة مشروطة أكثر فاعلية من إبقائها حتى تنفيذ كل المطالب، معتبراً أن “هذه طريقة ذكية لتحقيق النتائج نفسها. العقوبات المتدرجة لم تحقق نجاحاً في السابق”.
ولا تزال العلاقات بين الحكومة السورية الجديدة وإسرائيل مشوبة بالتوتر، إذ تواصل الأخيرة تنفيذ عمليات عسكرية في جنوب سوريا. وتسعى المحادثات الحالية إلى تهدئة الوضع الحدودي وخلق أرضية مشتركة لعلاقات أفضل في المستقبل.