ملخص
ستحاول إيران العمل على زيادة أمنها وقدراتها الرادعة مرة أخرى بدلاً من حال الضعف الاستراتيجي التي تعانيها حالياً، لذا بدلاً من أن تعلن تغيير العقيدة الدفاعية الذي قد يكون ذريعة لشن ضربات استباقية عليها مرة أخرى ربما تتنازل للتوصل إلى اتفاق يمنحها وقتاً لتطوير سلاح جوي وأنظمة دفاع فاعلة.
أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيستمر حتى ضمان أمن العلماء والمراكز النووية الإيرانية، كما أعلن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور سريان قرار التعليق.
من جانب آخر، أكدت عمان مجدداً استئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، فشدد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي على ضرورة تقديم تنازلات لاستئناف المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، وقال إن “رفع سقف الشروط والمطالب يصعب استئنافها سريعاً”.
ووفقاً لتصريح بزشكيان فإن إيران تريد التفاوض ولكنها تحاول أن تضغط قبيل المفاوضات وتعليق التعاون مع الوكالة مشروط بحصول طهران على ضمانات في شأن علمائها ومنشآتها النووية، مما ستسعى إلى الحصول عليه خلال الجولة المقبلة مع واشنطن، بل إنها ستضطر إلى قبول تشديد الرقابة الدولية على برنامجها النووي وتقييده، في سبيل رفع العقوبات الأميركية ومعالجة الملف النووي قبيل موعد “آلية الزناد” (سناب باك)، فضلاً عن رغبتها في الحصول على ضمانات بعدم مهاجمة إسرائيل مرة أخرى لمنشآتها النووية، لكن في ظل عدم تحقق الأهداف الإسرائيلية الخاصة بتدمير القدرات النووية والصاروخية الإيرانية.
وعلى رغم تعرض منشآتها للهجمات الأميركية والإسرائيلية لم تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي، ولم تغير عقيدتها النووية، بل أعلنت فقط تعليق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية.
وتحاول إيران من الآن استعراض القوة وتصرح بضعف الضربات الأميركية عليها، لكن التساؤل في حال عودة المفاوضات مرة أخرى ما الذي ستركز عليه هذه المفاوضات من المنظور الأميركي؟ وإذا جرت محادثات، فما هي التنازلات التي ستفكر فيها إيران والولايات المتحدة؟
بالطبع تريد الولايات المتحدة تغييرات جوهرية في السياسة الإيرانية، بخاصة سياستها الخارجية، لكن هل تستطيع واشنطن التفاوض في شأن البرنامج الصاروخي، ولا سيما أنه تهديد لأمن إسرائيل ودول المنطقة؟
من جهة أخرى أعلنت إيران أنها لن تتفاوض في شأن برنامجها الصاروخي، ومن ثم هل تصل المفاوضات إلى مسألة خلافية على غرار ما حدث قبيل الهجمات الإسرائيلية.
إيران مضطرة إلى تقديم تنازلات لتفادي أية هجمات أميركية أو إسرائيلية في المدى القريب، كما أنها تريد رفع العقوبات، فضلاً عن ضعف وكلائها الإقليميين، لذا ربما تحتاج إلى التوصل لاتفاق ليكون هدنة تمنحها مدى زمنياً يمكنها من إعادة بناء أوراق الضغط مرة أخرى مثل دعم الميليشيات الإقليمية وإعادة بنائها عسكرياً وتنظيمياً.
كذلك ربما تعمل طهران على بناء قدراتها الصاروخية مرة أخرى والتعامل مع الإخفاقات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية التي أثبتت انكشاف البلاد من الداخل، خصوصاً أنه من المرجح عودة المواجهات بينها وإسرائيل مرة أخرى، ولا سيما أن إسرائيل حينما وجهت ضرباتها لإيران ردّت طهران على نحو قصدت منه استخدام صواريخ أكثر تقدماً من تلك التي تمد بها وكلاءها الإقليميين وضربت أهدافاً حيوية داخل إسرائيل، لذا فإن تل أبيب ستقوم بالرد على نحو يسقط الردع الإيراني.
وستحاول إيران العمل على زيادة أمنها وقدراتها الرادعة مرة أخرى بدلاً من حال الضعف الاستراتيجي التي تعانيها حالياً، لذا بدلاً من أن تعلن تغيير العقيدة الدفاعية الذي قد يكون ذريعة لشن ضربات استباقية عليها مرة أخرى، ربما تتنازل للتوصل إلى اتفاق يمنحها وقتاً لتطوير سلاح جوي وأنظمة دفاع فاعلة.