لا تزال معظم المناطق السورية تشهد انتهاكات بحق مواطنين، ولا تزال معظم تلك التجاوزات تنسب لعناصر غير منضبطين يتبعون لوزارة الدفاع، ولا تزال الأخيرة تتعاطى مع هذه الانتهاكات التي يحدث بعضها على شكل جرائم قتل باعتبارها أحداثاً فردية تتوعد مرتكبيها بالحساب العسير كلما أثيرت ضجة إعلامية حولها، فيما يُعتَّم على المخالفات التي تمر من دون ضجيج. إلا أن تعدد هذه “الأحداث الفردية” حوّلها إلى ظاهرة تثير العديد من التساؤلات حول طبيعة الدور الذي تقوم به وزارة الدفاع في ضبط الأمن والذي أصبح يشكل تهديداً لحالة السلم الأهلي الذي تعمل الحكومة السورية على تعزيزها، ويخرّب عمل وزارة الداخلية التي يتمتع عناصرها بانضباط جيد في التعاطي مع المواطنين في كل المناطق.
كما تُطرح تساؤلات حول قدرة وزارة الدفاع على دمج الفصائل التي كانت منضوية ضمن الجيش الوطني المدعوم من تركيا فعلياً ضمن مؤسسة وزارة الدفاع، والتحكم بأداء عناصر تلك الفصائل، وحول مدى قدرة الوزارة على محاسبة المخالفين من عناصر تلك الفصائل التي تؤدي دور “الولد السيئ” ضمن تركيبة الحكومة السورية من دون أن تتمكن الحكومة من ضبطها بشكل مقبول. كما أنه ورغم المطالبات الكثيرة والاحتجاجات من قبل سكان المناطق التي تنتشر فيها الفصائل التي تتبع لوزارة الدفاع باستبدال تلك الفصائل بعناصر من الأمن العام، لم تتمكن وزارة الدفاع من اتخاذ خطوات فعلية بهذا الإطار، عدا بعض الإجراءات من قبيل نقل حاجز ارتكب عناصره انتهاكاً خطيراً، أو إطلاق الوعود بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات. علماً أن خطر فلول النظام والأفراد أو المجموعات التي تقوم بأعمال خارج إطار القانون من سلب ونهب وتجارة مخدرات قد قل إلى حدود تسمح بالاستعانة فقط بعناصر الأمن العام لضبط الأمن الداخلي.
وما يثير الاستغراب تمسك وزارة الدفاع بقادة الفصائل الأشد ارتكاباً للانتهاكات وترقيتهم وتسويقهم قادةً من الصف الأول ضمن تشكيلة وزارة الدفاع، رغم وضعهم على قوائم العقوبات الغربية، ورغم سجلهم الحافل بالانتهاكات في شمال غرب سورية، ما يدل على احتمال من ثلاثة: إما أن قادة تلك الفصائل قد فُرضوا من دول إقليمية ضمن تشكيلة وزارة الدفاع، أو أن الحكومة غير قادرة على دمج تلك الفصائل فعلياً بحيث تتحكم بأدائهم، فيما الاحتمال الأسوأ هو أن تلك الفصائل تُستخدم فزاعةً لفئات من السوريين ويُربط ما يقومون به بالأعمال الفردية لعناصر غير منضبطين تطلق الحكومة وعوداً بمحاسبتهم كلما شعرت بإحراج.
google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News