باشرت الشرطة العسكرية في وزارة الدفاع السورية التحقيق في الجريمة التي ارتكبها أحد عناصر وزارة الدفاع السورية في قرية البرجان بريف اللاذقية أول من أمس، والتي أدت إلى خروج احتجاجات ضد تهاون السلطات الحكومية إزاء الانتهاكات التي تسجل من قبل عناصر أمنية، وسط دعوات لاتخاذ إجراءات رادعة ومقاربة أمنية مغايرة لتجنب تهديد السلم الأهلي ومنع تكرار الانتهاكات.
وقَتل عنصر ينتمي إلى وزارة الدفاع السورية الشاب عامر أمون، فيما أصاب شقيقه بيهس أمون بإطلاق النار عليهما قرب جسر البرجان أثناء عملهما في أرض زراعية في قطاف ورق العنب. وخلال تشييع جثمان الشاب، شهدت قرية البرجان احتجاجات طالبت بتوفير الحماية للأهالي ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات. كما شهدت قرية رأس العين بريف جبلة احتجاجات مماثلة على عمليات القتل والخطف التي قالوا إنها وقعت في اليومين الأخيرين.
مهيار بدرة: هناك ضرورة ملحة لمقاربة أمنية جديدة في محافظة اللاذقية
وعقب انتشار أنباء الجريمة، قال قائد الشرطة العسكرية العميد علي الحسن، لوكالة الأنباء السورية (سانا)، أول من أمس، إن دورية تابعة للشرطة العسكرية توجهت على الفور إلى موقع الحادثة، وتابعت التحقيقات بالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي. وأضاف الحسن: “بعد التحقيقات الأولية واستجواب عدد من المشتبه بهم، تم التعرف على القاتل، واعترف خلال التحقيق بإقدامه على قتل شخص وإصابة آخر بعد مشاحنة ونقاش جرى بينهم، وتم تحويله إلى القضاء العسكري لينال جزاءه”. وأكد أن “مثل هذه الحوادث لن تمر دون محاسبة وإنزال أشد العقوبات بحق المتسببين”.
ارتفاع منسوب التوتر في اللاذقية
وزادت حادثة خطف شابة (19 عاماً) والاعتداء بالضرب على شقيقها قبل يومين في منطقة رأس العين بريف جبلة من قبل مسلحين مجهولين من التوتر في المنطقة. وأكدت مصادر في القرية أن الخاطفين، وهم مجهولون، طالبوا بفدية مالية بعد الحادثة وسط انتقادات لحالة الانفلات الأمني في قرى الريف. على الصعيد نفسه، ذكرت مواقع محلية أن مجموعة مسلحة اقتحمت منزل عصام أحمد حسن في مساكن الديماس بريف دمشق في الثاني من الشهر الحالي، واقتادته معها بعد تثبيت زوجته وابنته، وقد عثر على جثته في اليوم التالي إضافة الى جثة شاب يدعى باسل شفيق سعود، مشيرة إلى أن الضحيتين تنتميان إلى قريتي حمام واصل وبستان الفندارة في ريف محافظة طرطوس.
قوات الأمن السوري في اللاذقية، 8 مارس 2025 (فرانس برس)
أخبار
إحالة منتسب لوزارة الدفاع السورية على القضاء لتورطه بحادثة “البرجان”
دعوات إلى وزارة الدفاع السورية لمقاربة جديدة
ورأى الناشط في مجال السلم الأهلي باللاذقية مهيار بدرة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن هناك ضرورة ملحة لمقاربة أمنية جديدة في محافظة اللاذقية يتم فيها إبعاد العسكريين عن التعامل اليومي مع أهالي المنطقة لمنع تولد أي حساسيات ونقلهم إلى ثكنات عسكرية. وشدد على ضرورة تفعيل المخافر الشرطية في ريف جبلة وتحميلها مسؤولياتها، مؤكداً أهمية مشاركة عناصرها من أبناء ريف جبلة. وطالب بوضع حواجز تتبع للأمن العام وإشراك الأهالي في العملية الأمنية. وأشاد بدرة في حديثه باعتراف مسؤولي اللاذقية بالأخطاء التي وقعت وتعاملهم مع احتجاجات الأهالي، والموافقة على إزالة حاجز البرجان الذي تسبب بالمشكلة، لكنه أكد وجوب محاسبة حقيقية لجميع المتسببين بأي انتهاك، بما في ذلك الضباط من الرتب العالية.
من جانبها، قالت ميس فارس، وهي محامية من قرى ريف جبلة لـ”العربي الجديد”، إنه لا حل لتهدئة الأوضاع في جبلة وريفها ووقف التوتر المتصاعد إلا في إزالة وزارة الدفاع السورية لحواجز الجيش من المنطقة ووقف تعديات عناصر الفصائل المنضوية في الجيش تجاه الأهالي. وأضافت: “كنت شاهدة على عمليات سلب تحت تهديد السلاح وتهديد بالقتل من بعض عناصر الجيش، وهناك خوف كبير من تعدياتهم. هذه التصرفات هي المسبب الأول لنزع الثقة بين الحكومة والشعب… والمشكلة أن الغليان الشعبي بدأ يتصاعد تجاه هذه التصرفات التي لا تمكن تسميتها حالياً بحالات منفردة لأنها باتت سياسة ممنهجة”، وفق تعبيرها.
أما في ريف حماة الغربي، فسجل أمس السبت مقتل شخص ومعه طفلة، إلى جانب إصابة طفلة أخرى، جراء هجوم مسلح في محيط قرية عين الكروم. وقال مصدر محلي، لـ”العربي الجديد”، إن القتيل يدعى أحمد الخالد وهو من عناصر الأمن الداخلي، وقد كان خارج وقت الخدمة حين تعرض لإطلاق نار من جانب مسلحين ينتمون الى “فلول” النظام السابق، وفق المصدر. وكان قد قُتل ثلاثة عناصر من الجيش السوري، مساء الجمعة الماضي، في هجوم نفذه مجهولون على طريق أثريا – خناصر في ريف حماة الشرقي، حيث استهدف سيارة تابعة للفرقة 86 في وزارة الدفاع السورية على طريق أثريا شرقي حماة.
فضل عبد الغني: مثل هذه العمليات تحصل في كل المناطق وليس في الساحل فقط
وفي تعقيبه على هذه التطورات، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إن مثل هذه العمليات تحصل في كل المناطق وليس في منطقة الساحل فقط، الذي يتم التركيز الإعلامي عليه بسبب خصوصيته. وأضاف، في حديث مع “العربي الجديد”، أن مسؤولية الحكومة ضبط العناصر غير المنضبطة، وعليها أيضاً أن توضح التحديات التي تواجهها في ضبط هذه العناصر، بمعنى ألا تعلن عن استكمال عمليات دمج الفصائل في الجيش السوري الجديد، من دون التزام كافٍ من جانب بعض العناصر بتوجيهات القيادة. واعتبر أنه إذا كانت الحكومة تواجه صعوبة في دمج هؤلاء بهذا الجيش، تجب مصارحة المجتمع بذلك وطلب مساعدته، مطالباً الحكومة بالملاحقة الجدية لمرتكبي الانتهاكات.
وفي تقرير لها صدر مطلع الشهر الحالي، وثقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 2818 شخصاً في سورية في النصف الأول من عام 2025. وأشار التقرير إلى أنَّه على الرغم من سقوط نظام بشار الأسد، إلا أنَّنا ما زلنا نوثق مقتل مواطنين على يد قوات الأسد بأشكال مختلفة، إما بسبب المليشيات الموالية له، أو بسبب انفجار مخلفات الحرب والذخائر العنقودية من قصف سابق، أو وفاة مواطنين أصيبوا بجراح خلال قصف سابق لقوات الأسد وتوفوا لاحقاً. ووثَّق التقرير مقتل 2818 شخصاً، بينهم 201 طفل و194 سيدة في النصف الأول من عام 2025، منهم 50 مدنياً، بينهم طفلان وسيدتان قتلوا على يد قوات الحكومة الانتقالية، و8 مدنيين بينهم 5 أطفال وسيدة على يد قوات نظام الأسد، كما سجل مقتل 40 مدنياً بينهم 11 طفلاً و9 سيدات على يد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، كما قتل “الجيش الوطني السوري” 5 مدنيين بينهم طفلان وسيدة. وسجل مقتل 1217 شخصاً، بينهم 51 طفلاً و63 سيدة على يد القوى المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية في الساحل (آذار/مارس الماضي).
كما وثق التقرير مقتل 445 شخصاً، بينهم 9 أطفال و21 سيدة على يد المجموعات المسلحة خارج إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد، بالإضافة إلى طفل واحد قتل على يد التحالف الدولي. ووثق التقرير مقتل 27 مدنياً بينهم سيدة على يد القوات الإسرائيلية، و5 مدنيين على يد حزب الله اللبناني، و1020 مدنياً، بينهم 120 طفلاً و96 سيدة على يد جهات لم يتم تحديدها. وأوضح أن محافظة اللاذقية بلغت نسبة ضحاياها ما يقارب 22% من إجمالي حصيلة الضحايا، تلتها محافظة طرطوس بنسبة تقارب 13% جلهم قضوا على يد الجهات المشتركة في عملية الساحل. كما سجل التقرير مقتل 17 شخصاً تحت التعذيب في النصف الأول من 2025، منهم 10 على يد الحكومة الانتقالية، و5 على يد “قسد”، وشخص تحت التعذيب على يد الجيش الوطني، إلى جانب شخص واحد على يد فلول قوات الأسد.
عند أحد الحواجز في الساحل السوري، إبريل 2025 (عامر السيد علي)
تقارير عربية