يكشف تحقيق “أسرار قبرص” الذي يقوده الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ) كيف قامت قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، بدعم وتمكين القطاع المالي للكرملين، وتحويل أموال الأوليغارشية والمستبدين والمجرمين، لا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.
لطالما كانت جزيرة قبرص الواقعة على البحر الأبيض المتوسط مفترق طرق جيوسياسي، وجائزة تنافست عليها الإمبراطوريات، ونقطة التقاء الشعوب والأديان والأموال. شهدت الجزيرة على مدى عقود تدفقاً مذهلاً من الأموال الأجنبية، معظمها من روسيا، الأمر الذي جعل البعض فاحشي الثراء، لكن ذلك أكسب قبرص سمعة بوصفها مركزاً مالياً مشبوهاً.
الآن، تكشف التحقيقات التي قادها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ) بالتعاون مع منصة “بيبر تريل ميديا” (Paper Trail Media) الاستقصائية الناشئة، و67 منصّة صحفية شريكة، عن الدور الكبير، (الذي لم يكن شائعاً من قبل) الذي تلعبه قبرص التي تقع في الطرف الشرقي من البحر الأبيض المتوسط بالقرب من تركيا وسوريا ولبنان، في نقل الأموال المشبوهة لصالح نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وغيره من الحكام الدكتاتوريين والجهات الفاعلة المناهضة للديمقراطية.
يتصدر المستفيدين: النظام السوري، الذي حاول استغلال شركة النفط المملوكة للدولة، للتهرب من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على التعامل معها، وذلك باستخدام وسيط في قبرص لإخفاء طلبات شراء من شركة لتوريد معدات النفط في هيوستن؛ وعملاء الكرملين الذين قاموا بتحويل مبالغ مالية من خلال قبرص إلى صحفي ألماني بارز معروف بتقديم تغطية يثني فيها على الزعيم الروسي.
“أسرار قبرص”… فشل أوروبيّ وانتصار روسيّ
مشروع “أسرار قبرص” نتاج عمل وتحقيقات استمرت ثمانية أشهر، ويكشف الهيمنة الروسية الطويلة على عوالم قبرص المتشابكة بشكل كبير في مجالي السياسة والمال، إذ يشرح المشروع كيف فشل البنك المركزي الأوروبي في ممارسة السلطة على قبرص، الدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، أو في السيطرة على نظام مصرفي تضخّم بفعل الأموال غير المشروعة.
يوضح “أسرار قبرص” أيضاً كيف ساعد فرع شركة PwC في قبرص، واحدة من أكبر أربع شركات محاسبة وخدمات مهنية في العالم، الأوليغارشية الروسية على تحويل ثرواتهم وتقويض العقوبات الغربية المصممة لقطع التمويل عن حرب بوتين عندما غزت روسيا أوكرانيا عام 2022. ومع لجوء الدول الغربية على نحو متزايد إلى استخدام العقوبات المالية لمنع تدفق الأموال التي تستخدمها حكومات أخرى لأغراض عدائية، أصبحت قبرص ساحة معركة مالية تفيض بالمؤامرات والتكتيكات السرية.
قام الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وشركاؤه بتحليل 3.6 مليون وثيقة مسربة من ست شركات قبرصية لتقديم الخدمات المالية وشركة في لاتفيا كجزء من المشروع. الشركات القبرصية، وهي شركة “كونكتد سكاي” (ConnectedSky)، وشركة “سيبكودايركت” (Cypcodirect)، وشركة “دي جي سي أكونتانتس” (DJC Accountants)، وشركة “كالياس آند أسوشياتس” (Kallias & Associates)، وشركة “ميريت كابيتال” (MeritKapital)، وشركة “ميريت سيرفيس” (MeritServus). أما الشركة اللاتفية فهي “داتاسيت إس آي أيه” (Dataset SIA)، وهي تمتلك الموقع الإلكتروني “i-Cyprus” تبيع من خلاله معلومات حول الشركات القبرصية، بما في ذلك وثائق تسجيل الشركات القبرصية.
تم الحصول على سجلات شركتي “ميريت كابيتال”، و”ميريت سيرفيس” من منظمة “رفض الأسرار الموزعة” (Distributed Denial of Secrets)، أما الوثائق المسربة من شركات “سيبكودايركت”، و”كونكتد سكاي”، وموقع “i-Cyprus” و”كالياس آند أسوشياتس”، فحصلت عليها منصة “بيبر تريل ميديا”. وفيما يتعلق بشركة “كالياس آند أسوشياتس”، فقد تم الحصول على السجلات من منظمة “رفض الأسرار الموزعة”، والتي شاركتها مع شركة “بيبر تريل ميديا” والاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين. وتم الحصول على سجلات شركة “دي جي سي أكونتانتس” من مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد (OCCRP). وقد شاركت المنظمات المتعاونة جميع السجلات المسربة في المشروع مع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، الذي قام بتنظيمها وتخزينها وترجمتها من عدة لغات قبل مشاركتها مع المجموعة الأوسع من الشركاء.
شكل الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين فريقاً من أكثر من 270 صحافيًّا من 55 دولة وأتاح لهم إمكانية الاطلاع على الوثائق المسربة من خلال منصة “داتاشير” (Datashare) الآمنة للبحث في الوثائق. وقد قام الاتحاد بالتعاون مع منصّة “بيبر تريل ميديا” بتجهيز وتنسيق المشروع من خلال منصة “آي هب” (iHub) للاتصالات الآمنة التابعة للاتحاد. وكجزء من مشروع “أسرار قبرص”، قام فريق البيانات والبحوث التابع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بالبحث في الوثائق مع الشركاء للعثور على الأوليغارشية الروسية، والمليارديرات والأشخاص ذوي الثقل السياسي، والكشف عن ممتلكاتهم في الخارج.
تتضمن الوثائق الداخلية المسربة، التي يرجع تاريخها إلى منتصف التسعينيات حتى نيسان/أبريل 2022، عمليات تحقق سرية في خلفية أشخاص وشركات، وهياكل تنظيمية، وبيانات مالية، وطلبات حسابات مصرفية، ورسائل بريد إلكتروني.
تقدم هذه الوثائق مجتمعةً نظرة ثاقبة داخل النظام المالي الفاسد الذي ساعد في تمكين بعض الشخصيات السياسية النافذة. ويقول المنتقدون إن اعتماد قبرص على الأموال الروسية والأجنبية الأخرى كان له عواقب وخيمة لم تُدرك خطورتها إلا الآن.
يقول بوريس ديماش، روسي مقيم في قبرص منذ فترة طويلة وناقد لنفوذ الكرملين، “عندما جاء الروس إلى قبرص، لم يجلبوا الفساد الروسي فحسب، بل جلبوا معهم أيضاً الجريمة المنظمة الروسية، وجلبوا معهم العملاء الروس من أجهزة الاستخبارات الروسية”.
وفي الوقت نفسه، يقول المؤرخ الاقتصادي المقيم في قبرص، أليكساندر أبوستوليديس، إن الشركات المتخصصة التي لها أواصر سياسية في قبرص “التي من المفترض أن تخضع للتنظيم والمفترض أن يكون لها وجود هنا، يبدو أنها تجد طرقاً لتفادي ذلك، وتضطلع بأشياء إما غير قانونية أو على الأقل غير أخلاقية”.
ورداً على أسئلة من شركاء الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، أشار مسؤول في وزارة المالية القبرصية إلى دراسة حديثة أجراها صندوق النقد الدولي تُظهر تناقص استثمار المؤسسات القبرصية المباشر في روسيا. وبالإضافة إلى ذلك، حتى قبل غزو أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، انخفضت الودائع الروسية في النظام المصرفي القبرصي إلى 4%، وفقاً للدراسة.
تم توثيق جهود قبرص في مكافحة غسل الأموال من قبل في هذا المجال، والبلاد “تحظى بتقدير إيجابي في المجتمع الدولي”، حيث تحتل مرتبة في الـ 25% الأعلى دولياً، وفقاً لبيان منفصل صادر عن الوزارة.
وفي مؤتمر صحفي عقد مؤخراً، أعلن متحدث باسم الحكومة القبرصية عن تكثيف الجهود لتنسيق إنفاذ العقوبات على الصعيد الدولي، وقال إن هذه الجهود تظهر “نية الحكومة المعلنة لإظهار عدم التسامح مطلقاً بشأن القضايا المتعلقة بالتهرب من العقوبات وانتهاك القانون، وبالتالي، حماية اسم البلاد بوصفها مركزاً مالياً موثوقًا به، الأمر الذي يُعد ذا أهمية بالغة”.
“نموذج قبرص”…قوانين ضعيفة وبنك مركزي متساهل
أصبحت الأمور المالية الغامضة من اختصاص أعلى مستويات الحكومة والتمويل في قبرص، مثلما توضح “أسرار قبرص”. إذ يعتمد النظام الاقتصادي في الجزيرة، المعروف باسم “نموذج قبرص”، على قطاع مالي ضخم يتسم ببعض أضعف قوانين الإفصاح المالي في الاتحاد الأوروبي، وبنك مركزي متساهل، وموجة هائلة من الاستثمارات الروسية تجاوزت قيمتها 200 مليار دولار مكنت الأوليغارشية من شراء نفوذاً هائلاً.
تُظهر “أسرار قبرص”، أن نيكوس أناستاسيادس واحد من أبرز الأمثلة التي مهدت الطريق أمام هذه الروابط والأواصر وجعلت كل ذلك ممكناً. شغل أناستاسيادس، وهو محام أسس شركة متخصصة في تقديم الخدمات الخارجية الرئيسية للعملاء الروس، منصب رئيس قبرص منذ عام 2013 حتى بداية عام 2023. وفي عام 2019، كشف تحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد (OCCRP)، الشريك الإعلامي للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، عن أنه قبل تولي أناستاسياديس المنصب، كان شركاؤه يعملون مسؤولين في شركات وهمية مرتبطة بعمليات غسل أموال ضخمة مشبوهة، بما في ذلك صفقات مرتبطة بحلفاء بوتين.
وعند توليه المنصب، ترك أناستاسيادس إدارة الشركة لابنتيه وشركاء آخرين وسافر بشكل متكرر إلى موسكو، حيث التقى مع بوتين وعقد اتفاقيات تعزز توثيق العلاقات الاقتصادية والمالية.
قالت منظمة OCCRP أن وثائقها لا تتضمن أي دليل محدد على أن الشركة أو موظفي الشركة انتهكوا أي قوانين أو ارتكبوا أي جرائم. وأصدرت الشركة بيانًا للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، جاء فيه: “نود بشكل قاطع أن نعلن أنه لم يتورط أي من أعضاء مكتب المحاماة لدينا في أي مخالفة. وهذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة على الإطلاق ولا تقوم على أسس موضوعية”.
أضافت الشركة أنه في أعقاب صدور تقرير OCCRP، أجرت وكالة مكافحة غسل الأموال القبرصية “تحقيقاً شاملاً، تضمن فحصاً دقيقاً وتحليلاً للبيانات المقدمة إليها”، وأصدرت تقريراً عام 2019، يبرئ شركتنا بالكامل ويؤكد أنه لا توجد مؤشرات على أي تورط في أنشطة غير قانونية أو مشبوهة”. كجزء من رسالة بلغت سبع صفحات إلى ICIJ، قال أناستاسياديس إنه لم يكن لديه “أي مشاركة فعالة على الإطلاق” في الشركة منذ عام 1997 وقد نقل جميع حصصه إلى ابنتيه عند توليه المنصب في عام 2013.
يرتكز المشروع على تحليل البيانات الذي أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، مع الاكتشافات الأصلية التي توضح دور قبرص الحيوي في تحويل ثروات الأوليغارشية إما لإخفائها خارج روسيا في صورة يخوت، وعقارات وصكوك مالية، أو إعادة استثمارها في روسيا، أو استخدامها لتقويض المؤسسات الديمقراطية في الغرب.
اكتشف الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن الشركات المتخصصة في تقديم الخدمات في قبرص كانت تعمل نيابة عن 25 روسياً خضعوا لعقوبات غربية أو أوكرانية بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 والحرب في دونباس.
وقد وجد تحليل البيانات الذي أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، الذي يقارن بين الأسماء الموجودة في الملايين من الوثائق مع السجلات العامة وقواعد البيانات الخاصة، أن 71 عميلاً روسياً إضافياً خضعوا لعقوبات منذ فبراير/شباط 2022، ليصل العدد الإجمالي إلى 96 شخصاً فرضت عليهم عقوبات.
ومن بين العملاء الروس الخاضعين للعقوبات، حدد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين 44 من الأشخاص ذوي الثقل السياسي، أو المسؤولين الحكوميين، أو أقاربهم، أو غيرهم ممن لهم صلة بالشركات أو المنظمات المملوكة للدولة التي يعتقد أنها تستحق مزيداً من التدقيق بسبب زيادة المخاطر التي تنطوي على الفساد أو غيره من الأنشطة غير المشروعة. علاوة على ذلك، من بين 104 من المليارديرات الروس الذين حددتهم مجلة فوربس عام 2023، يظهر ثلثيهم – ما مجموعه 67 شخصاً- أيضًا في “أسرار قبرص” مع أفراد عائلاتهم كعملاء للشركات المتخصصة في تقديم الخدمات في الجزيرة.
إجمالاً، وجد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في هذه الوثائق المسربة ما يقرب من 800 شركة وصندوق استثماري مسجل في ملاذات سرية مملوكة أو خاضعة لسيطرة الروس الذين فرضت عليهم عقوبات منذ عام 2014. (الملاذات السرية هي دول ومناطق توفر نظاماً ضريبياً منخفضاً، وتحمي هوية أصحاب الشركات، وتقيد الوصول إلى وثائق الشركات وتكون أكثر تساهلاً فيما يتعلق بالجرائم المالية).
أظهر التحليل أيضاً أن الشركات المتخصصة عملت لصالح شركات تسيطر عليها روسيا مسجلة في جزر فيرجن البريطانية وجزيرة جيرسي وجزيرة مان وليختنشتاين وهونغ كونغ وأماكن أخرى. وعلى الرغم من أن الكثير من هذه الكيانات المسجلة هي شركات وهمية ليس لديها موظفين أو عمليات، فإن بعضها فروع تابعة لشركات صناعية عملاقة – مثل شركة الصلب العملاقة إيفراز، التي تنتج معظم قضبان القطارات التي تستخدمها روسيا لنقل الأسلحة والذخيرة إلى قواتها في أوكرانيا.
يرجع تاريخ أحدث “أسرار قبرص” المسربة إلى أبريل/نيسان 2022 (مع بعض السجلات الفرعية بتاريخ لاحق)، لذا فإنها لا تظهر ما إذا كان أي من مقدمي الخدمات استمروا في العمل مع العملاء الذين تعرضوا لعقوبات غربية منذ ذلك الحين.
تكشف وثائق المشروع مجتمعةً، البالغ عددها 3.6 مليون وثيقة – على الرغم من أنها تمثل جزءاً صغيراً من سجلات قطاع الشركات الخارجية في قبرص – أن الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي كانت مركزاً مالياً ضخماW لروسيا في عهد بوتين. تقدم الوثائق أيضاً نظرة ثاقبة على أسلوب حياة الأوليغارشية الفاخر – اليخوت الضخمة الفاخرة، ومجموعاتهم الفنية الثمينة من لوحات ماتيس ومونيه ولوسيان فرويد، وحفلاتهم الخاصة التي تضم المغنية إيمي واينهاوس، وفرقة ريد هوت تشيلي بيبرز، وغيرهم من نجوم موسيقى الروك المشهورين.
من يدعم لـ”الأوليغارشيين الروس” ؟
تكشف التحقيقات، على سبيل المثال، كيف وضعت شركة المحاسبة العالمية العملاقة PwC، مكتبها في قبرص، وموظفيها البالغ عددهم 1100، في خدمة حلفاء بوتين في خضم غزو روسيا الدموي لأوكرانيا. يقدم المشروع نظرة عميقة على الكيفية التي قدمت من خلالها شركة PwC المساعدة إلى أليكسي مورداشوف، أحد أغنى رجال الصناعة في روسيا، في تحويل استثمارات بقيمة 1.4 مليار دولار لكيلا تكون مرتبطة باسمه مباشرة في اليوم التالي لفرض العقوبات الغربية عليه. وزارة المالية القبرصية على علم بتحويلات الحصص، وهناك تحقيق جنائي قائم، وفقًا لمسؤول في الوزارة أبلغ ICIJ في نوفمبر.
قالت أناستاسيا ميشانينا، المتحدثة باسم مورداشوف، في بيان مكتوب: “تم الإفصاح بشكل سليم عن جميع المعلومات والإخطارات التنظيمية المتعلقة بنقل الحصص إلى السلطات المعنية وجعلها عامة بقدر اللازم من الناحية القانونية”. وأضافت: “لم يخترق السيد مورداشوف أو أي من الشركات التي يديرها في مسيرته الطويلة أي قوانين، سواء في أوروبا أو روسيا أو أي بلد آخر”.
وفي الوقت نفسه تقريباً، ساعد مكتب شركة PwC في قبرص في تحويل 100 مليون دولار أخرى لصالح اثنين من الأوليغارشية الروس الذين ستعلن المملكة المتحدة في وقت لاحق أنهما جزء من “عصابة النخبة المختارة” التي تساعد بوتين في حربه على أوكرانيا.
إجمالاً، وجد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن مكتب شركة PwC في قبرص عمل مع ما لا يقل عن 12 من بين 25 روسياً خضعوا بالفعل لعقوبات من قبل الحكومات الغربية أو أوكرانيا بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 والحرب في دونباس.
بيد أن الأمر استغرق من شركة PwC بضعة أشهر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 للإعلان عن توقف أعمالها في روسيا وأمر الشركات التابعة لها بالتوقف عن العمل مع العملاء الخاضعين للعقوبات. وأعلنت شركة المحاسبة على موقعها الإلكتروني، “أن أي عقوبات تُفرض على كيانات أو أفراد روس معينين في أي مكان في العالم ستُطبق في كل مكان في العالم”.
ويكشف المشروع أيضاً أن شركاء مكتب شركة PwC في قبرص الذين غادروا الشركة لتأسيس شركة جديدة لتقديم الخدمات تولوا أيضاً إدارة الشركات التي يسيطر عليها اثنين من الأوليغارشية واللذان وردا في قائمة “عصابة” بوتين التي وضعتها المملكة المتحدة.
كانت الشركة، التي تسمى “كيتسيرف” (Kiteserve)، لديها مقر في المبنى نفسه الذي يضم مكاتب شركة PwC في منطقة ليماسول، قبرص. وقد قطعت شركة “كيتسيرف” العلاقات فقط بعد أن فرضت المملكة المتحدة عقوبات على الرجلين في العام الماضي.
توضح “أسرار قبرص” كيف استفادت شركة PwC وغيرها من شركات المحاسبة، من انتشارها العالمي بينما تنأى بنفسها، عند الحاجة، عن الشركات المحلية التابعة لها المستقلة إلى حد كبير أو فروعها.
مستشهدة بضرورة الحفاظ على السرية، رفضت PwC التعليق على أعمالها مع العملاء الفرديين. وأضافت أنها امتثلت للعقوبات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة قبل غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022 وقد قطعت العلاقات مع 60 عميلاً نتيجةً لسياسة الشركة الجديدة المتعلقة بالعقوبات ضد روسيا. وقال مايك ديفيز، المتحدث باسم PwC، في بيان: “تتم مراجعة وتحديث معايير PwC الداخلية لتعكس الدروس المستفادة والتغيرات في الظروف”، وأضاف: “ونحن لا نتردد في اتخاذ إجراء عندما لا تتم موافاة معاييرنا. يُعتبر أي اتهام بعدم الامتثال للقوانين واللوائح ذات الصلة بجدية كبيرة، ويتم التحقيق فيه واتخاذ الإجراءات اللازمة إذا كان ذلك ضروريًا”.
وأشارت الشركة إلى أن فرعها في قبرص قد “تحول إلى نموذج اقتصادي جديد يتناسب مع المستقبل، عبر اعتماد نظام عمل جديد” وأشارت إلى تقريرها السنوي لعام 2022. وفي تقريرها السنوي لعام 2023، الذي صدر في سبتمبر/ أيلول، أشارت PwC قبرص إلى “انكماش كبير” في الأعمال المتعلقة بتنفيذ سياسة العقوبات العالمية. ولم يمض وقت طويل بعد غزو أوكرانيا حتى انضمت PwC إلى هجرة الشركات الغربية، معلنة أنها تفصل نفسها عن فرعها الروسي.
لندن تنادي
يكشف تحقيق “أسرار قبرص” أن شركة قبرصية أخرى تدعى شركة “أباكوس المحدودة” – أسسها شركاء سابقون في شركة PwC – هي محور نزاع قانوني يتعلق بالملياردير الروسي بيتر أفين. تتهم الدعوى المدنية التي رفعتها الوكالة الوطنية للجريمة في المملكة المتحدة (NCA) – والتي تشرف على التحقيقات المالية الدولية – أفين بالتهرب من العقوبات باستخدام “أباكوس” والبنوك الأوروبية لتهريب ثروته بحيث تكون خارج طائلة العقوبات الغربية.
بعدما قدمت التماساً للمحكمة، حصلت مؤسسة “سبوتلايت أون كوروبشن| Spotlight on Corruption” غير الربحية -التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها – على سجلات من المحكمة لم يُكشف عنها سابقاً، وشاركتها مع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين. ويوفر هذا التسريب السري المنفصل والأكبر من نوعه الذي قدمته “أسرار قبرص”، رؤية واسعة لثروة أفين والدور المركزي الذي لعبته شركة “أباكوس” في إدارتها.
ورد اسم أفين – الذي ساهم في بناء مجموعة “ألفا بنك” لتصبح واحدة من أكبر التكتلات المالية في روسيا – في تقرير مولر لعام 2019 حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، وكان ذكره في سياق عرضه لعب دور الوسيط بين فريق بوتين وفريق دونالد ترامب الانتقالي الرئاسي لعام 2016.
كان أفين من بين أفراد الأوليغارشية الذين تلقوا دعوة للقاء بوتين في الكرملين في 24 فبراير/شباط 2022؛ وهو اليوم الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا. وظهر في وقت لاحق أن مجموعة “ألفا” كانت توفر التأمين لشركة تصنيع أسلحة الكلاشينكوف والقوات المسلحة الروسية خلال الحرب.
كما وجد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن شركة “أباكوس” قدمت خدمات إلى 60 شركة أخرى مسجلة في قبرص مملوكة أو خاضعة لسيطرة أفراد الأوليغارشية الروسية الآخرين على مر السنين، وغالباً ما كان ذلك بالتعاون مع شركة PwC.
حلال المشاكل!
اتهمت المملكة المتحدة مزود خدمات الشركات القبرصي الشهير، ديميتريس يوانيدس، “بتقديم مساعدات عن عمد لأفراد من الأوليغارشية الروسية الخاضعين للعقوبات من أجل إخفاء أصولهم في شبكات مالية معقدة”.
ويظهر تحليل بيانات الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن شركة يوانيدس، MeritServus، قامت بالمهام اليومية لأكثر من 100 شركة قبرصية وصناديق استثمارية مملوكة أو خاضعة لسيطرة الأوليغارشية الروسية، ومن بينهم المروج الدعائي للكرملين كونستانتين مالوفييف، الذي كان بالفعل خاضعاً للعقوبات الغربية.
الآن، تكشف وثائق تحقيق “أسرار قبرص” عن وجود علاقة وطيدة بين شركة MeritServus، ورومان أبراموفيتش، أحد أبرز رجال الأعمال في روسيا. أبراموفيتش هو ملياردير مقيم في المملكة المتحدة منذ فترة طويلة، وهو من بعض النواحي رمزٌ لأفراد أوليغارشية بوتين الذين تحتضنهم النخب الغربية. كان أبراموفيتش – الذي تبلغ ثروته 9 مليارات دولار – عضواً في الدائرة المقربة من بوتين منذ أواخر التسعينيات، ثم أصبح معروفاً على نطاق واسع في الغرب بأسطوله من اليخوت وباعتباره مالك نادي تشيلسي لكرة القدم في المملكة المتحدة منذ فترة طويلة.
ووجد تحليل الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن شركة MeritServus ساعدت في إدارة ما لا يقل عن 14 صندوقاً استثمارياً مسجلاً في قبرص يملكها أو يسيطر عليها أبراموفيتش. وفي بعض الأحيان، كانت الأعمال تُنفّذ بالتعاون مع فرع قبرص لشركة المحاسبة العملاقة ديلويت، والتي أسسها يوانيدس في وقت سابق من حياته المهنية. كما قدمت MeritServus خدمات لشركات أبراموفيتش المسجلة في ولايات قضائية سرية، منها جزيرة مان وجيرسي، والكثير منها يقع في جزر فيرجن البريطانية والتي تضم الجزء الأكبر من الشركات المملوكة لأبراموفيتش – ما يقرب من 100 شركة – حسبما توصل إليه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين.
تُظهر تحقيقات “أسرار قبرص” أيضاً أن كياناً يسيطر عليه أبراموفيتش باع حصة مربحة للغاية في شركة إعلانات إلى كيان يسيطر عليه سيرجي رولدوجين. وقد كُشفت هوية رولدوجين – عازف تشيلو كلاسيكي وصديق قديم لبوتين – في وثائق باعتباره شخصية رئيسية في شبكة نقلت أكثر من ملياري دولار عبر البنوك والشركات الوهمية. وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رولدوجين في يونيو/حزيران 2022، ووصفته بأنه “الوصيّ على الثروة الخارجية للرئيس بوتين”.
أثار المشروع تساؤلات حول نادي تشيلسي لكرة القدم في المملكة المتحدة تتعلق بكيفية قيام أبراموفيتش، مالك النادي السابق، بتمويل نجاح النادي.
تكشف الوثائق عن نمط من المدفوعات دام عقداً من الزمن بقيمة عشرات الملايين من الجنيهات، موجهة عبر شركات الأوف شور التابعة لأبراموفيتش، ويبدو أنها حُذفت من الحسابات المالية لنادي تشيلسي.
وقال أربعة محامين رياضيين بارزين لصحيفة “الغارديان” – شريك الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين – إن تلك المدفوعات ربما تكون قد انتهكت قواعد الدوري الإنجليزي بشأن اللعب المالي النظيف، والتي تهدف إلى منع الإنفاق المتهور الذي قد يعرض مستقبل الأندية للخطر. تم تكييف القوانين أيضًا استجابة لاتجاه للمحسنين الأثرياء، مثل أبراموفيتش، الذين يعوقون المنافسة عن طريق حقن أموالهم الخاصة في الأندية لشراء النجاح، وهي ممارسة وصفها أحد المدراء السابقين في الدوري الإنجليزي الممتاز بأنها “تعاطي مالي محظور”.
ويجري بالفعل التحقيق في الوضع المالي لتشيلسي من قبل إدارة الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد أن أفاد المالكون الجدد للنادي الواقع في غرب لندن طوعاً أنهم “لم يحصلوا على معلومات مالية كاملة” خلال فترة إدارة أبراموفيتش. إن تلك “الإمبراطورية الرومانية (نسبة إلى اسمه الأول: رومان)” – كما أطلق عليها بعض المعجبين – لم تسقط إلا عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 إلى فرض المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على أبراموفيتش، مما أجبره في النهاية على بيع النادي.
وقال المحامون لصحيفة “الغارديان” إن المعاملات التي كُشفت في “أسرار قبرص” يُرجح أنها غطت التكاليف التي كان ينبغي احتسابها ضمن حدود إنفاق تشيلسي، وهو ما سمح للنادي فعلياً بإنفاق أكثر مما كان مسموحاً به.
وقالوا إن بعض المعاملات ربما تكون قد انتهكت أيضاً قواعد الدوري الإنجليزي الممتاز التي تتطلب تقديم حسابات دقيقة، وهو بند يطالب الأندية بالتصرف بحسن نية، بالإضافة إلى قواعد اتحاد كرة القدم التي تتطلب الكشف عن المدفوعات للوكلاء. الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم هو الهيئة الرسمية المسؤولة عن إدارة كرة القدم في إنجلترا.
وذكرت صحيفة “الغارديان” أن الوثائق تشير أيضاً إلى أن أبراموفيتش قام سراً بتمويل الجهود الرامية لإلغاء بعض القواعد من خلال المحاكم، بيد أن كل تلك الجهود باءت بالفشل.
المخالفات قد تدفع الدوري الإنجليزي الممتاز إلى فرض عقوبات على تشيلسي، مثل خصم نقاط، كما أشار الخبراء. يمكن لسلطات كرة القدم خصم نقاط من إجمالي نقاط الفريق بسبب انتهاكات القوانين بناءً على قرارات لجنة مستقلة.
لم يرد ممثلو رومان أبراموفيتش على طلبات التعليق.
التعامل مع الطغاة
لعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن مشروع “أسرار قبرص” يبين كيف ساهم النموذج الاقتصادي للجزيرة بطرق خفية – ولكنها مؤثرة – في إحداث بعض الأضرار التاريخية الكبرى التي شهدها هذا القرن.
كشف التحقيق عن مناقشات تفصيلية بين الشركة السورية للنفط المملوكة للدولة، ووسيط مسجل في قبرص حول شراء معدات الحفر التي تصنعها شركة “ناشونال أويل ويل فاركو”، ومقرها هيوستن.
ويقدم هذا المشروع دليلاً على أن شركة النفط السورية ووسيط قبرصي كانا على استعداد لإجراء خمس معاملات على الأقل بين عامي 2014 و2019 للحصول على معدات “ناشونال أويل ويل فاركو”.
الشركة السورية للنفط (SPC) مملوكة للدولة، وتسيطر عليها حكومة بشار الأسد، الذي اتهمت الولايات المتحدة نظامه بارتكاب إبادة جماعية، وفي عام 2011، فرضت حظراً صارماً على الصادرات إلى سوريا، وذكرت على وجه التحديد الشركة السورية للنفط في العقوبات.
ذكرت شركة NOV المدرجة في بورصة نيويورك في ملف الأوراق المالية لعام 2017 أنها توقفت عن أعمالها مع سوريا قبل ثلاث سنوات على الأقل. بيد أن الوثائق تظهر أن شركة H.A. Cable Export Co. Ltd، والشركة السورية للنفط واصلتا مناقشة شراء معدات NOV واستقدامها إلى سوريا بعد ذلك التاريخ. حصلنا على الوثائق من شركة “Demetrios A. Demetriades LLC”، وهي شركة محاماة قبرصية ظهرت في مشروع “وثائق باندورا” عام 2021 التابع للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، ويعاد النظر فيها الآن باعتبارها جزءاً من تحقيق “أسرار قبرص”.
في مراسلات يونيو/حزيران 2014، كتبت الشركة السورية للنفط إلى HA Cable أنها كانت على اتصال لشراء قطع غيار “أميركية الصنع” بناءً على اقتراح من “ناشونال أويل ويل فاركو”. وبعد ذلك بعامين، قالت شركة النفط السورية إن استفسارها كان بخصوص الحصول على معدات “ناشونال أويل ويل فاركو” لشركة HA Cable وذلك “بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا”. وفي عام 2019، حثت الشركة السورية للنفط شركة HA Cable على شراء مضخات ومعدات سحب من “ناشونال أويل ويل فاركو” “في أسرع وقت ممكن”.
وقال برنت بينوا – كبير مسؤولي الامتثال في شركة NOV – للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الشركة راجعت معاملاتها ولم تجد أي دليل على تورط “ناشونال أويل ويل فاركو” في أي مبيعات لشركة H.A. Cable Export، خلال الفترة التي دارت فيها المناقشات بين H.A. Cable Export، وشركة النفط السورية. ولم يُجِب على سؤال حول الرسالة التي قالت شركة النفط السورية إنها تلقتها من “ناشونال أويل ويل فاركو” في عام 2014، وأحالتها إلى H.A. Cable Export.
وبمساعدة روسيا وإيران والتدفق المستمر لعائدات النفط، نجح الأسد منذ ذلك الحين في تحويل دفة الحرب الأهلية في سوريا لصالحه.
ومن بين الاكتشافات الأخرى، تُظهر وثائق “أسرار قبرص” كيف حولت الجزيرة نفسها إلى نقطة جذب لمجموعة متنوعة من الأثرياء وذوي النفوذ الذين يسعون إلى استغلال وجودهم في مناطق محايدة أخلاقياً. ومن بين العملاء الذين كشف عنهم مشروع “أسرار قبرص”: محامٍ متورط في بيع برامج تجسس لبعض الأنظمة الأكثر وحشية في العالم؛ سياسي أوروبي بارز سابق، ذهب للعمل لدى حكومة الأوليغارشية الروسية الخاضعة للعقوبات الآن، وفقًا لتقارير الموقع الإخباري المحلي “Reporter.lu”؛ كذلك كشف التحقيق عن أحد أفراد الأوليغارشية الروسية الخاضعة للعقوبات والذي ساعد سراً في تمويل فيلم عن الهولوكوست، بجانب عدد من دافعي الضرائب الأوروبيين، وفقاً لتقارير Reporter.lu وKnack.be وLe Soir وDe Tijd.
الكاتب المُقرّب من بوتين
من بين الكثير من الغربيين الذين أوجدوا لأنفسهم مهنة تلميع روسيا وزعيمها الدكتاتوري، هوبير زايبل، صحافي ومؤلف وشخصية تلفزيونية ألمانية. استطاع زايبل تشكيل صيته الذائع وعلامته التجارية اللامعة من خلال علاقته الاستثنائية مع الرئيس الروسي، عبر الترويج لصورهما وهما يصطادان الغزلان معاً في سيبيريا ويتجولان عبر موسكو في الجزء الخلفي من سيارة ليموزين. كان الغرض من الصور التي نشرها زايبل (73 عاماً) هو جلب التعاطف بالتأكيد، وفي الوقت نفسه حصدت صوره الكثير من الجوائز والأوسمة لتقديمه صورة لروسيا مغايرة لتلك التي تظهرها على أنها تهديد عالمي.
تكشف الوثائق المسربة من أحد مقدمي الخدمات المالية القبرصية الآن أنه في عامي 2018 و2019، تلقت شركة زايبل دفعتين يبلغ مجموعهما حوالي 700 مليون دولار أميركي على شكل “رعاية” من شركة وهمية مرتبطة بأليكسي مورداشوف، وهو رجل أعمال روسي يخضع حالياً للعقوبات في روسيا من قبل الولايات المتحدة وأوروبا بسبب ما يتردد عن علاقته الوثيقة مع الكرملين. وتظهر السجلات أن محامياً يعمل لدى مجموعة مورداشوف للصلب “سيفرستال” كان شاهداً على الاتفاقية نيابة عن الراعي.
وتقول مذكرة مكتوبة بخط اليد على وثيقة تعود لعام 2018 إن الرعاية كانت “لتأليف كتاب عن البيئة السياسية في الاتحاد الروسي”. وتشير ملاحظة أخرى في الوثيقة نفسها إلى اتفاق عام 2013 بشأن كتابة “السيرة الذاتية لبوتين”. وبعد عامين نشر المؤلف كتاباً باللغة الألمانية بعنوان “بوتين: وجهات نظر داخلية للسلطة | Putin: Inner Views of Power”.
الترتيب، الذي كشف عنه في تسريب جديد للسجلات المالية من قبل صحفيين ألمان يعملون لحساب Paper Trail Media و Der Spiegel و ZDF، يُقدم مثالًا بارزًا على نطاق وتطور آلية الدعاية الروسية في الخارج.
وعلى مر السنين، أشادت صناعات الإعلام والنشر في ألمانيا بزايبل وصنفته أحد أبرز محللي الشؤون الروسية في البلاد. من جانبه، نفى زايبل بشدة أن يكون على جدول رواتب الكرملين؛ وعندما سئل عن هذا الأمر خلال مقابلة إذاعية عام 2021، أجاب جازماً: “لا!”
ورداً على أسئلة شركة “بيبر تريل ميديا”، اعترف زايبل “بدعم” مورداشوف لكتبه، لكنه دافع عن عمله ووصفه بأنه غير متحيز. وقال: “لم يُعثر على أي أخطاء واقعية محددة في أي من الكتب”. تظهر السجلات أن الأعمال المكتبية التي أُسندت إلى الصحفي، كانت من إعداد شركة “سيبكودايركت” وشركة “بي دبليو سي في قبرص| PwC Cyprus”.
المشاركون: سبنسر وودمان، ماتي روسكا، ديفيد كينر، دين ستاركمان، تانيا كوزيريفا، ديفيد رويل، ويتني جوينر، فيرغوس شيل، دلفين رويتر، كاري كيهو، جيلينا كوسيتش، جيسوس إسكوديرو، أوغستين أرمنداريز، ميغيل فياندور، دينيس أجيري، إميليا دياز- ستروك، وسيلا أليتشي، وبريندا مدينا، وإيف سامبسون، وريتشارد إتش.بي. سيا، كاثلين كاهيل، أنجي وو، توم ستيتس، هاميش بولاند رودر، جوانا روبن، كارمن مولينا أكوستا، هانز كوبيرستينز (ZDF)، باستيان أوبرماير، فريدريك أوبرماير وتيمو شوبر (بيبر تريل ميديا/Der Spiegel)، كيرا زالان (OCCRP)، لوك كاريغاري (موقع؛ Reporter.lu)