قوات أميركية في حالة اشتباك (الجيش الأميركي)

أصبحت القوات الخاصة على مستوى جيوش العالم، من أهم المتطلبات في الآونة الأخيرة، بل ربما الأداة المفضلة للتعامل مع مهددات الأمن القوم

لا تقتصر القوات الخاصة على جيش بعينه، أو دولة بذاتها، بل إننا نجد كافة جيوش العالم، تسعى سعياً حثيثاً لأن تكون لها فرق قواتها الخاصة، التي تتعدد أسماؤها، وتتنوع صفاتها، لكن يجمعها أمر واحد، وهو كونها “السيف البتار”، الذي يتم اللجوء إليه في أوقات الأزمات الكبرى، لا سيما إذا كانت حياة مواطنين أو أهداف أمن قومي في خطر.

ولعله من المؤكد أنه خلال أوقات الأزمات السياسية والعسكرية الكبرى، يتم رفع حالة استعداد قوات العمليات الخاصة نظراً لكونها ذات تأثير كبير وقدرة على تنفيذ عمليات غالباً ما تسهم في حسم الصراع، إن لم تكن ستحسمه بشكل نهائي أو أن تقوم بالتصدي لأزمة بصورة تحتويها، وتسهم الفرق الخاصة في منعها من التفاقم.

يمثل عمل “القوات الخاصة” عادة، نوعاً من أنواع التصعيد المحدود، وكأن الهدف من وجودها إجراء عملية عسكرية بسرعة ونفاذ، وقبل أن يستفيق العدو، الأمر الذي يوقع في قلب العدو حالة من الرعب، ويحقق النصر المؤزر للطرف صاحب تلك القوات.

يعن للقارئ أن يتساءل: لماذا الحديث عن القوات الخاصة بنوع منفرد في هذه القراءة؟

يمكن للجواب أن يمضي في اتجاهات متعددة، لا سيما في ضوء الجبهات المفتوحة عسكرياً، ومنها الشرق الأوسط، حيث تردد طويلاً أن قوات أميركية خاصة لعبت أو حاولت أن تلعب دوراً معيناً في حرب غزة الأخيرة، وفي كل الأحوال تبقى هناك الحاجة لمثل تلك القوات، لمجابهة التوترات المحتملة من جانب إيران أو “حزب الله” و”الحوثي”، وغيرهم من الأطراف التي تحارب بالوكالة شرق أوسطياً.

عطفا على ذلك فإن القوات الخاصة الأميركية، بات منوط بها ملفات ساخنة عدة في الشرق الأوسط والخليج العربي، ومن غير أن ننسى الواقع الحاجة إليها من جديد في شرق آسيا حيث نقاط ساخنة ملتهبة كما الحال في أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي.

ماذا عن القوات الخاصة الأميركية، تاريخها، فرقها، تدريبها وتسليحها، إدارتها وأهدافها.

“الرينجرز” الأميركية البداية من هنا

يمكن القطع بأن مواجهة الرجل الأبيض، المستعمر الجديد للأراضي الأميركية، مع أصحاب الدولة الأصليين من الهنود الحمر، كانت نقطة الانطلاق في تكوين القوات الخاصة الأميركية.

تبلورت النواة الأولى لتلك القوات والتي كانت تسمى “قوات الرينجرز” داخل صفوف القوات المسلحة الأميركية، في شكلها الأولي، في أوائل القرن السابع عشر، غير أنها اكتسبت هذا الاسم “رينجرز” الذي يعني “الحماة”، عام 1676 وذلك خلال ما عرف بحرب الملك فيليب.

تسمى هذه الحرب أيضاً باسم “الحرب الهندية الأولى”، أو “حرب ميتاكوم”، أو “حرب ميتاكوميت”، وقد كانت نزاعاً مسلحاً نشب عام 1675 واستمر ثلاث سنوات أي حتى عام 1678، بين السكان الأصليين في نيو إنغلاند والمستعمرين من البيض، وقد تبنى زعيم الهنود الحمر هناك اسم الملك فيليب بسبب العلاقات الودية التي كانت قائمة بين والده ورحالة سفينة “مايفلاور”.

أضحت قوات “رينجرز” الحاضنة والرحم الذي ولدت من خلاله قوات الصاعقة البرية الأميركية American Ground Forces، والتي تخدم في وحدات القوات البرية الأميركية، وتم استخدامها في الحروب الفرنسية والهندية الأربعة الكبرى في تاريخ أميركا الأولي، وكان لها أن شاركت تالياً في زمن الثورة الأميركية وحرب عام 1812، وكذا الحرب الأهلية.

ما السبب الذي أوجد تلك القوات في هذا الوقت المبكر أميركياً؟

الجواب نجده لدى العقيد بنجامين تشرش، العسكري الأميركي المولود في 1639 في مستعمرة بليموث، وتوفي في 17 أبريل (نيسان) 1718 في ليتل كومبتون في الولايات المتحدة.

في ذلك الوقت، أي القرنين السابع عشر والثامن عشر، لم يكن المجندون البريطانيون، معتادين على حروب الحدود، ومن ثم تم تشكيل جماعات “الرينجرز” هذه.

كانت تلك القوات تضم في البداية جنوداً بدوام كامل جندتهم الحكومات الاستعمارية لعمل دوريات بين التحصينات الثابتة على الحدود في عمليات استطلاعية، تقدم تحذيرات أولية بالغارات، وفي العمليات العنيفة كانت تلك الجماعة الخاصة من الجنود، تعمل كأدلة وكشافة يتمركزون في القرى والأهداف الأخرى.

حديثاً تعد كتيبة “الرينجرز 75″، مقدمة لقوات النخبة القتالية بقيادة العمليات الخاصة للجيش الأميركي، وتشتهر بأنها دائماً محمولة جواً، ونشرت ست كتائب منها خلال أوقات مختلفة في كوريا، وفيتنام، وأفغانستان، والعراق، إضافة إلى أنها شاركت في العديد من النزاعات في بنما وغرينادا.

شاركت قوات “رينجرز” في العديد من العمليات على مر التاريخ الحديث، بدءاً من عام 1980، عندما شاركت في عملية “مخلب النسر” لإنقاذ الرهائن الأميركيين في طهران، والتي منيت بالفشل. كما كانت قوات “الرينجرز”، وضباط وكالة الاستخبارات المركزية، أول من وضعوا أقدامهم على الأراضي الأفغانية عام 2001.

كان لقوات “الرينجرز” الفضل في عدة عمليات منذ الحرب العالمية الثانية، إذ شاركت في 16 حملة كبرى في المغرب، وصقلية، ونابولي، وأنزيو وويتي، وخلال حرب فيتنام، فازت “رينجرز” بجوائز وتقديرات واسعة.

هل تعبر كتائب “رينجرز” عن القوات الخاصة الأميركية دفعة واحدة؟

“المارينز” والـ”سيل”… وحوش البحر

على مقربة من تأسيس قوات “الرينجرز” زمانياً، تم إنشاء قوات “المارينز”، أو مشاة البحرية United States Marine Corps، وهي أحد الفروع الأربعة للقوات المسلحة الأميركية.

تخضع قوات “المارينز” جزئياً لقوات البحرية بخاصة في الأمور غير القتالية، ويعمل فيها قرابة 190 ألف جندي في الخدمة، و40 ألفاً في الاحتياط ، ويقع مركز قيادتها في أرلينغتون بولاية فيرجينيا وتضم مكاتب القيادة والتحكم.

في تقرير لها تشير مجلة “إنترناشيونال أنترست”، إلى أنه على رغم تأسيس قوات “المارينز” في عام 1775، إلا أن اسمها لم يظهر على السطح إلا أثناء الحرب العالمية الثانية، بعد انتصارات حققتها على القوات اليابانية في المحيط الهادئ، ما أدى إلى ارتفاع مكانتها في نفوس الأميركيين، ومنذ ذلك اليوم حافظوا على هذه المكانة.

تعتبر قوات “المارينز” الأفضل على الإطلاق، ولذلك يتجنب سلاح مشاة البحرية الأميركية إطلاق مصطلح “القوات الخاصة” التقليدي على أنفسهم، فهم يشكلون قوة الاستطلاع الأميركية والقوة القادرة على القيام بالمهام لمسافات طويلة، وكذلك يخضعون لاختبارات مكثفة على اللياقة البدنية.

لماذا تعد “المارينز” القوات الخاصة الأفضل في العالم بحسب المجلة الأميركية؟

باختصار غير مخل، مرد الأمر إلى التدريبات ودورات الاستطلاع الصارمة للغاية التي يقومون بها، وبسبب الطبيعة البرمائية لقوات “المارينز”، فإنهم يتدربون على الغوص والسباحة لمسافات طويلة.

والدليل على صعوبة تلك التدريبات أن أكثر من 50 في المئة من المنتسبين للقوات يفشلون في الاستمرار، كما ينسحب الكثير منهم لأسباب طبية ونحو ربع المشاركين يتركون التدريبات بسبب رفضهم الإقلاع عن التدخين.

على أن البحرية الأميركية تحتوي كذلك على فرع آخر أو جماعة أخرى للقوات الخاصة تعرف باسم SEAL، وهناك من يعتبرها أفضل قوة خاصة في العالم.

تم إنشاء قوات “السيل” عام 1962، وتمثل الأحرف الأولى من كلمات تدل على التدريب للعمل في جميع البيئات (البحر والبر والجو)، Air and Land especial Operation، حيث يقضي أفرادها سنوات من التدريب.

تتولى قوات السيل الأنشطة الخاصة السرية للغاية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، وبشكل أكثر تحديداً مجموعة النخبة للعمليات الخاصة.

وتعود العمليات المشتركة لـ”السيل” البحرية ووكالة الاستخبارات المركزية، إلى عملية MACV-SOG الشهيرة التي تمت خلال حرب فيتنام، ولا يزال هذا التعاون قائماً إلى اليوم ويتجلى في الحروب بالعراق وأفغانستان.

مثلت الحملة التي شنتها قوات “السيل” الأميركية في أفغانستان لقتل زعيم تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن نقطة فارقة خلقت توجهاً جنونياً في الولايات المتحدة نحو زيادة أعداد قواتها الخاصة في كل الوحدات بصفة عامة.

ولعل المثير في تصنيفات قوات “سيل” الداخلية، هو انقسامها إلى ثمانية فرق تبدأ من 1-2-3-4-5-7- 8- 10.

هنا يلاحظ أن “سيل -6” ليست ضمن الأرقام لأنه يطلق على وحدات أخرى تسمى “رينبو” أو قوس قزح وهي تضم 4 أقسام فرعية بـ 4 ألوان أزرق وأحمر وذهبي وفضي، في حين يتميز لون المجموعة العام بالرمادي، إضافة إلى كونها وحدات ذات طابع خاص تضم المتميزين من وحدات “السيل”.

كيف يجري تدريب هذه القوات؟

يأخذ تدريب هذه القوات قرابة ثلاثة أشهر، ويجري الإعداد في مدرسة تكتيكات الحرب البحرية، إضافة إلى اختبارات تستمر لمدة 3 أسابيع لتلقين أفراد المجموعة عقيدة القتال ضمن صفوفها.

وتمضي الاختبارات لمدة 25 أسبوعاً يتلقى فيها الأفراد تدريبات بدنية على مدى 135 ساعة متواصلة للوصول إلى اللياقة البدينة المطلوبة.

ثم 18 أسبوعاً من تدريبات التأهيل لإنتاج فرد لديه جاهزية للقتال بشكل عالٍ، أما الاختبار النهائي فيتمثل في قتل الأعداء والعودة من ثم إلى الوطن عندما يتم تكليفهم بمهمة معينة.

ماذا أيضاً عن القوات الخاصة الأميركية؟

“دلتا فورس” ومواجهة المهام الخطرة

من بين أهم أسماء الفرق الخاصة الأميركية التي يُسمع عنها بين الحين والآخر، يأتي اسم فرقة القوات الخاصة، “دلتا فورس” Delta Force وهي فرقة مكلفة بالمهام العالية الخطورة.

تأسست فرقة “دلتا فورس” عام 1977، على إثر ازدياد التهديد الإرهابي في العالم، وقد كانت الحرب الباردة في أوج اشتعالها، من هنا نشأ الشعور بالحاجة إلى قوة هجومية دقيقة داخل صفوف الجيش الأميركي.

كانت أعين القادة العسكريين الأميركيين مرفوعة لجهة الخدمة الجوية البريطانية الخاصة الشهيرة المعروفة باسم SAS أو Special Air Service.

تكمن المهمة الأساسية لـ”دلتا فورس” في تفكيك “الخلايا الإرهابية” والاستطلاع الاستراتيجي، والإعداد العملياتي لساحة المعركة، إضافة لمشاركتها في عمليات إنقاذ الرهائن والمهام السرية مع وكالة الاستخبارات المركزية، وفقاً لموقع وزارة الدفاع الأميركية.

ما الذي يميز وحدات “دلتا فورس”؟

الشاهد أنها تتسم بإطار واسع من السرية التامة والشاملة، وتخضع تنظيمياً لقيادة العمليات الخاصة للجيش الأميركي USAOC لكن يتم التحكم فيها من قبل قيادة وحدة العمليات الخاصة المشتركة JSOC.

يأتي معظم المجندين في قوة “دلتا” من مجموعات القوات الخاصة الأميركية الأخرى، وهناك نسبة صغيرة تأتي من فوج أو كتائب “الرينجرز 75”.

تنص أهم شروط الالتحاق بهذه القوة على أن يكون المتقدمون من الذكور، وبعد قبولهم من قبل لجنة خاصة يخضعون لتدريبات رياضية وقتالية ولوجستية لمدة ستة أشهر، تعتمد على اكتساب القدرة على مواجهة سيناريوهات خطيرة، كما يشترط في عناصرها تعلم لغة أجنبية كالعربية أو الفرنسية أو العبرية أو الأردية.

ومن أهم التدريبات التي يتحصل عليها أفراد قوات دلتا، إجراءات الحماية، وتقنيات التجسس، وإجادة الرماية، وصناعة المتفجرات، ومحاكاة إنقاذ الرهائن، والاشتباك مع الإرهابيين في المباني والطائرات المخطوفة.

كما يتم تدريب قوات متخصصة داخل “دلتا فورس” على سيناريوهات حرة، كالقفز بالمظلات على ارتفاعات منخفضة، والغوص في أعماق المياه مع جهاز غطس.

ماذا عن أهم العمليات التي نفذتها “دلتا فورس”؟

مؤكد أن العملية الأشهر في تاريخ هذه المجموعة، هي تصفية زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي.

كما نفذت عملية “الفجر الأحمر” الشهيرة للقبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

كذلك شاركت في محاولات إنقاذ الرهائن الأميركيين المحتجزين في طهران خلال عملية أطلق عليها “مخلب النسر”، لكنها فشلت لخطأ في معدات الطيران، ما أدى وقتها إلى مقتل ثمانية أميركيين.

ومن العمليات المهمة أيضاً التي شاركت فيها “دلتا فورس”، عملية “عاصفة الصحراء”، لتحرير الكويت بعد غزو العراق عام 1991، كما كان لها الدور الرئيس عام 1982 في تحرير خمسة أفراد بينهم أميركيان، احتجزهم مسلحون من جبهة تحرير جنوب السودان كرهائن.

أخيراً وبعد القلاقل التي تعرض لها العالم العربي، وخلال ما عرف بالربيع العربي، شاركت “دلتا فورس” في إخلاء السفارة الليبية خلال هجوم بنغاي عام 2012.

غير أن هناك بعض العمليات التي أخفقت فيها “دلتا فورس”، فبحسب موقع “ميلتاري” الأميركي، لم تنجح في عملية اعتقال زعيم الجيش الوطني الصومالي الجنرال محمد فرح عيديد عام 1993.

هل من علاقة لـ”دلتا فورس” بغزة؟

تبدو علامة الاستفهام هذه المحور الرئيس لهذه القراءة، لا سيما بعدما أعلن المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر، بحسب هيئة البث الرسمية الإسرائيلية، عن وصول قوات أميركية خاصة معنية بتحرير الرهائن إلى إسرائيل.

على أن ما اختلف من حوله، هو ما إذا كانت قوات “دلتا فورس”، قد باشرت عمليات مسلحة بالفعل على أراضي غزة، أم أنها وضعت فقط في حالة تأهب لمساعدة القوات الإسرائيلية في تحديد مكان الرهائن الأميركيين، كما قالت صحيفة “ديلي ميل”؟

الثابت بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، ونقلاً عن مسؤول في البنتاغون، أن قوات أميركية خاصة وصلت إلى إسرائيل لمساعدتها في البحث عن أماكن الرهائن لدى “حماس” في قطاع غزة.

ونقلت الصحيفة عن كريستوفر ماير، مساعد وزير الدفاع الأميركي للعمليات الخاصة، قوله: “إننا نساعد الإسرائيليين بعدد من الأمور أهمها الكشف عن الرهائن، بما في ذلك الرهائن الأميركيين. إنها حقاً مسؤوليتنا للقيام بذلك”.

وعلى رغم أن ماير رفض تحديد عدد قوات العمليات الخاصة الأميركية الموجودة حالياً في إسرائيل، إلا أن مسؤولين أميركيين آخرين قالوا إن وزارة الدفاع الأميركية أرسلت عشرات من قوات العمليات الخاصة في الأيام الأخيرة، وعلى رأسهم قوات “دلتا فورس”، إضافة إلى فريق صغير كان في إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) لإجراء تدريبات مقررة مسبقاً.

وعلى رغم أن ماير لفت إلى أنه لم يتم تكليف قوات العمليات الخاصة الأميركية بأي أدوار قتالية في إسرائيل، إلا أن مستشار البنتاغون السابق، دوغلاس ماكغريغور، كشف في تصريحات متلفزة عن أنه جرت تصفية مفرزة من القوات الخاصة الأميركية والإسرائيلية في قطاع غزة، حاولت استطلاع مكان الرهائن.

قال ماغريغور وكان ذلك بحدود الخامس والعشرين من أكتوبر المنصرم إنه: “على مدى الـ24 ساعة الماضية أو نحو ذلك، ذهب بعض من قواتنا الخاصة الأميركية والإسرائيلية، إلى قطاع غزة للاستطلاع وتحديد السبل الممكنة لتحرير الرهائن، وتم إطلاق النار عليهم وتحويلهم إلى أشلاء”.

ماكغريغور أثار قلق المؤسسة العسكرية الأميركية، والرأي العام الأميركي دفعة واحدة، من خلال تأكيده على أن: “القوة العسكرية الأميركية وصلت إلى أضعف نقطة لها في التاريخ الحديث، وبالتالي فإن البلاد ليست مستعدة للتورط أكثر في صراع واسع النطاق”.

هل حدث ارتباك أميركي داخلي أظهر بالفعل أن قوات “دلتا فورس” موجودة على الأرض داخل إسرائيل، وربما شاركت في العمليات في غزة، كما قطع بذلك المستشار ماكغريغر؟

الشاهد أنه غداة الزيارة السريعة التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل، نشر الفريق الإعلامي الخاص به صوره على وسائط التواصل الاجتماعي، وهو يصافح القوات الخاصة الأميركية المنتشرة هناك، من دون تغطية وجوههم أو غيرها من السمات التعريفية التقليدية.

المنشور الذي تم حذفه من على حساب البيت الأبيض بعد ساعة واحدة من نشره قال: “إن بايدن التقى بالقوات الخاصة الأميركية المنتشرة في إسرائيل لشكرهم على شجاعتهم والعمل الذي يقومون به رداً على هجوم حماس”.

وأظهرت الصورة الأصلية وجوه أربعة رجال جميعهم يرتدون الزي العسكري الأميركي، وسرعان ما تم التعرف إليهم بوصفهم أعضاء في المجموعة القتالية النخبويةCAG ، والمعروفة أيضاً باسم “قوة دلتا”.

خبايا عسكرية سرية وخصائص عامة

يبدو حال ومآل القوات الخاصة الأميركية، بالضبط كما الوضع بالنسبة لمجمع الاستخبارات الأميركي، بمعنى أنه هناك ما هو معروف من تلك الوكالات، وهناك ما هو مغرق في السرية، لكن العالمين ببواطن أمور الداخل الأميركي يدركون ماهيته، فيما هناك حكماً أجهزة أخرى لا يعرف عنها أحد شيئاً، إلا القائمين عليها، وعادة ما يعدون على أصابع اليد الواحدة، وفي كثير من الأوقات لا يكون الرئيس نفسه على دراية أو بينة من نوعيتها وأعمالها، وارتباطها دوماً بالدولة الأميركية العميقة، تلك التي لا يسبر غورها أحد حتى الساعة.

الأمر نفسه يكاد ينسحب على القوات الأميركية الخاصة، ذلك أنه بين الثنايا والحنايا، هناك العديد من تلك القوات التي لا يسمع عنها، ولا يعرف من أمرها إلا ما ندر.

غير أنه وفي جميع الأحوال، يمكن القطع بأن هناك جوانب مثيرة خاصة لا بد من توافرها في جميع أفراد القوات الخاصة الأميركية ومنها ما لا يتصل بكونهم مقاتلين أشداء فحسب، إذ يطلب منهم أن يكونوا جراحين ومسعفين ويتمتعون جميعهم بروح كاريزماتية قيادية، وروح فائقة للاندماج على نحو إيجابي للمهات التي تتطلب التحلي بروح العمل الجماعي.

يتطلب الانضمام إلى تلك القوات مهارات عالية تستغرق ثماني سنوات من الخبرة القتالية أول الأمر، والمثير أن غالبية أفراد القوات الخاصة متزوجون ولهم طفلان على الأقل، وتنظيمهم الجيد للوقت يجعل منهم قادرين على التوفيق بين عملهم الشاق وبين حياتهم الأسرية.

يتميز أفراد هذه المجموعات القتالية الخاصة بالتحصيل العلمي المتميز، فجميعهم لديه شهادة عليا من جامعة العمليات الخاصة المشتركة في فلوريدا، وبعضهم يحمل شهادة جامعية أخرى.

الذكاء ولا شك شرط أساسي في كل عنصر من القوات الخاصة، وخلال تكوينه يتلقى دروساً مكثفة في الثقافة العامة، وتتاح له فرصة تلقي معلومات من حقول معرفية مختلفة حتى يكون قادراً على فهم البيئة والثقافة التي يقوم فيها بمهمة خاصة.

وجميع أفراد القوات الخاصة يتلقون تدريباً في الطب، يمكنهم من مساعدة بعضهم في حالة الإصابة بجروح. وعلى كل عنصر من القوات الخاصة في أقل تقدير، أن يكون قادراً على تقديم الإسعافات الأولية والتعامل مع جروح زميله في انتظار رعاية صحية أحسن.

ولأنهم دوماً في مواجهة الكوارث، لذلك يتلقون تدريباً عالياً للتعامل مع الكوارث البيئية، وتقديم المساعدات الإنسانية، وهم جاهزون دائماً للتدخل في حال كانت بقية الوحدات غير مستعدة.

هل يمكننا أن نلخص هوية هذه القوات بالقول إنها العصب الرئيس للعسكرية الأميركية؟

غالب الظن أن ذلك كذلك.