ملخص
في ظل صعود اليمين في أوروبا، اختارت ليتوانيا يسار الوسط في الانتخابات البرلمانية، إذ فاز الاشتراكيون الديمقراطيون بـ52 مقعداً

بعكس خيارات الناخبين في معظم القارة الأوروبية، حيث تشهد أحزاب اليمين على مختلف أطيافها صعوداً شعبياً، فإن الانتخابات البرلمانية في ليتوانيا، بعد الدورة الثانية، أسفرت عن خسارة كبيرة لحزب “المحافظين-اتحاد المسيحيين الديمقراطيين” اليميني الحاكم، وفوز حزب الاشتراكي الديمقراطي بـ52 مقعداً رافعاً رصيده من 14 مقعداً في الدورة المنتهية.

وبلغت نسبة الاقتراع في الجولة الثانية التي أجريت أمس الأحد 41.31 في المئة، في مقابل 52.06 في المئة في الأولى.

ويُنتخب نصف أعضاء البرلمان الليتواني المشكل من 141 مقعداً عبر لوائح حزبية أو ائتلافية بالنظام النسبي الأكثري، فيما يجري اختيار 71 نائباً عبر دوائر فردية بالنظام الأكثري على دورتين، وهي الدولة البلطيقية الوحيدة التي تجرى فيها الانتخابات باستخدام نظام مختلط.

وتولى الاشتراكيون الديمقراطيون السلطة في البلاد عدة مرات- من عام 2000 إلى عام 2008، ومن عام 2012 إلى عام 2016، وبعد ثمانية أعوام من المعارضة، يبدو أنهم يعودون إلى السلطة، وهذه ظاهرة فريدة من نوعها سواء بالنسبة إلى منطقة البلطيق أو أوروبا الوسطى والشرقية بالكامل، حيث تعيش القوى السياسية اليسارية أزمة.

وجاء في المركز الثاني حزب “المحافظين-اتحاد المسيحيين الديمقراطيين” اليميني الحاكم الذي حصد 28 مقعداً (في مقابل 50 في الدورة المنتهية)، الذي أعلن رئيسه، وزير الخارجية الحالي، غابريلوس لاندسبرغيس استقالته من رئاسة الحزب فور صدور النتائج.

في المركز الثالث جاء الحزب الشعبوي الجديد “فجر نيمان” بقيادة السياسي المثير للجدل ريميغوس جيمايتايتيس، الذي شكل مفاجأة كبيرة في النتائج التي حققها.

وكان جيمايتايتيس، وهو شخصية كاريزماتية للغاية، استقال من مقعده النيابي سابقاً هذا العام بعد اتهامه بخرق القسم النيابي بسبب تعليقات اعتبرت معادية للسامية قال فيها إن اليهود كما الروس مسؤولون عن إبادة الليتوانيين خلال الاحتلال السوفياتي الأول (1940-1941).

كما يعرف عنه بتعليقاته المنتقدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وذلك في سياق الحرب الدائرة في غزة ولبنان.

لكن بصورة عامة يمكن وصف آراء جيمايتايتيس في السياسة الخارجية بأنها معتدلة، ووفقاً له يجب أن تخدم السياسة الخارجية مصالح الاقتصاد والمجتمع.

رابعاً، جاء الاتحاد الديمقراطي “من أجل ليتوانيا” اليساري الوسطي، وهو حزب رئيس الحكومة السابق ساوليوس سكفيرناليس، بـ14 مقعداً (في مقابل 16 مقعداً في الدورة المنتهية).

وقد أعلنت زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي (والمرشحة المحتملة لقيادة الحكومة المقبلة) فيليا بلينكافيتشوته أنها تتفاوض مع الاتحاد الديمقراطي هذا في شأن تشكيل ائتلاف حاكم، ويعتبر اتحاد الفلاحين والخضر الليتوانيين شريكاً محتملاً لهما، وقد حصد هذا الأخير، وهو حزب محافظ معتدل مناصر للبيئة، ثمانية مقاعد في البرلمان الحالي.

وفي حال اتفاق الأطراف الثلاثة على تشكيل ائتلاف، سيكون لديهم ما يكفي من مقاعد (74 مقعداً) لتأمين دعم البرلمان للحكومة الجديدة.

ولا يوجد توقعات بحصول أي تغييرات في السياسة الخارجية إذ يُرجح أن يحافظ الائتلاف الجديد على سياسة دعم أوكرانيا في كافة المحافل الدولية والتحالف المتين مع الاتحاد الأوروبي وحلف “الناتو”، وعلى الموقف المتشدد من روسيا وحكم ألكسندر لوكاشينكو في بيلاروس، أما في ما يخص الصين، فيتحدث مراقبون عن احتمال حصول تطبيع في العلاقات.

وشهدت ليتوانيا في الأعوام الأخيرة تحسناً اقتصادياً ملموساً، مكنها من أن تتصدر جاراتها، إستونيا ولاتفيا، من الدول البلطيق، في عدد من المؤشرات ومنها الناتج المحلي الإجمالي ومستويات الحد الأدنى من الأجور، وتوقع المصرف المركزي أن تسجل ليتوانيا نمواً وقدره 2.2 في المئة عام 2024، مع توقعات بتخطي هذه النسبة ثلاثة في المئة في العامين المقبلين.

كما ارتفع الناتج المحلي للبلاد من 57 مليار دولار عام 2020 إلى 78 مليار دولار تقريباً العام الماضي.