أجمعت الصحف التركية، الموالية والمعارضة، على إبراز خبر سقوط دمشق بيد المعارضة، ومغادرة بشار اﻷسد إلى موسكو؛ إذ جاء في العناوين: «دمشق سقطت واﻷسد هرب» (حرييات)؛ «نهاية الحرب اﻷهلية في سوريا» (سوزجي)؛ «الظلم انتهى وحان زمن العودة» (صباح)؛ «دمشق سقطت» (جمهورييات)؛ «صلاة الشكر في الجامع اﻷموي» (تركيا)؛ «إردوغان: سأذهب إلى دمشق وأعانق إخوتي» (يني شفق)؛ «خلع اﻷسد» (يني برلك)؛ «تركيا البلد المفتاح» (ميللييات)؛ «عيد سوريا الجديدة» (أقشام)؛ «انهيار الديكتاتور» (قرار). وكادت جميع الصحف تنشر الصورة نفسها لخريطة سوريا الجديدة المقسّمة إلى أربع مناطق، هي: شرق الفرات للأكراد، خط حلب – دمشق للمعارضة، جبل العلويين على الساحل والمناطق التي تحتلّها تركيا مباشرة.
ورأت صحيفة «ميللييات» أنه بعد 61 عاماً من حكم «حزب البعث» و13 سنة من الحرب اﻷهلية، «تبدأ الحياة من جديد في سوريا، والعين على تركيا»، التي ستكون من الدول «المؤثّرة عسكرياً وديبلوماسياً» في مستقبل هذا البلد، مشيرة إلى أن التطوّرات الأخيرة في سوريا «تحمل من الفرص والمخاطر ما يوجب على تركيا أن تتبع سياسة دقيقة للغاية». ونقلت الصحيفة عن سفير تركي سابق، قوله إنه «يتوجّب على أنقرة أن تتبع سياسة متوازنة جداً، مثل السائر على حبل الجمباز».
أمّا صحيفة «جمهورييات»، فلفتت، من جهتها، إلى أن «اﻷوراق في سوريا اختلطت من جديد»، فيما نقلت عن الأستاذ الجامعي المعروف، حسين باغجي، قوله إنه «من اﻵن فصاعداً، أصبح على تركيا أن تتعاون مع الوﻻيات المتحدة وإسرائيل، وأن تملأ الفراغ اﻻقتصادي والعسكري الذي ظهر»، وأيضاً أن «تكمل السيطرة على منبج المهمّة جداً بالنسبة إليها». ورأى الأستاذ الجامعي أن «من المهمّ توسيع السيطرة التركية وتضييق الخناق قدْر اﻹمكان على الجغرافيا التي يسيطر عليها اﻷكراد». كذلك، أشار إلى أن «فتح طريق إم 4 وإم 5 سيعزّز التجارة التركية، ويضاعف الصادرات عبرهما»، وأن «من المهمّ معرفة من سيكون المسيطر على موارد الطاقة والثروات والمياه في سوريا». ورأى باغجي أن «الدول المؤثّرة على سوريا اﻵن هي: الوﻻيات المتحدة وروسيا وإسرائيل وتركيا، أما إيران فقد فقدت نفوذها وقوّتها. وبات على أنقرة التعاون مع واشنطن وتل أبيب في هذه المنطقة»، متوقعاً في الوقت ذاته استمرار الدعم اﻷميركي لقوات «قسد»، فيما المطلوب من الوﻻيات المتحدة وتركيا «تطوير آلية للمحادثات بينهما، وإبعاد قسد عن كونها مصدر خطر على الأتراك، إذ من المهمّ معرفة موقع اﻷكراد من الحكومة المركزية في دمشق»، معتبراً أيضاً أن «خروج حزب الله وروسيا (من سوريا) تطوّر إيجابي».
«تقسيم سوريا يجعل حدود إسرائيل أكثر اتساعاً»
وكتبت صحيفة «جمهورييات»، بدورها، أنه «منذ لحظة سقوط اﻷسد، توجّهت اﻷنظار إلى ما ستكون عليه سوريا في اليوم التالي، بعدما تحوّلت إلى مسرح للقوى الكبرى». وأضافت أن «الاعتقاد هو أن سوريا سوف تُقسّم في إطار مشروع الشرق اﻷوسط الكبير. ومع سقوط دمشق، يمكن القول إن سوريا قُسّمت بالفعل». ولفتت الصحيفة إلى أن الهدف الرئيسيّ للوﻻيات المتحدة وإسرائيل هو «تكرار ما جرى في العراق، أي تأسيس دولة كردية، وتقسيم سوريا، وأن تكون الدولة الكردية حليفة ﻹسرائيل». ورأت أن «إيران التي تلعب دور قائدة الشيعة في المنطقة، شكّل سقوط اﻷسد خسارة كبيرة لها»، متابعة أن تصريح الرئيس اﻷميركي المنتخب، دونالد ترامب، عن أن «ما يجري في سوريا ليس شأن الوﻻيات المتحدة، يعكس أن واشنطن لن تلعب دوراً كبيراً هناك. وكما أنه ليس بهذه السهولة أن تترك إيران سوريا، فإن روسيا كذلك لن تترك سوريا بسهولة».
ورأى محمد علي غولر، من جهته، أن «تركيا تفتح اﻵن الصفحة الثانية من التطوّرات في سوريا والمنطقة. وللأسف، كما أخطأت في المرة اﻷولى، هي اﻵن ترتكب الخطأ نفسه من جديد. وكما دخلت في عهد طورغوت أوزال مع الوﻻيات المتحدة ضد العراق، فهي اﻵن تهنئ المعارضة وتسعى وراء حلم حلب المحافظة الـ 82». وعبر اتباع هذه السياسات، «ستجعل تركيا من أكراد سوريا جاراً جديداً لها»، وفق غولر الذي حذّر من أن «تقسيم سوريا إلى دويلات للسنّة والعلويين واﻷكراد والدروز، يشكّل خطراً قبل أي شيء على تركيا نفسها، المتعددة المذاهب واﻷعراق». ونبّه إلى أن «هيئة تحرير الشام وإسرائيل في تعاون مفتوح بينهما، وتقسيم سوريا يجعل حدود إسرائيل أكثر اتساعاً»، كما أنه «يضرب نظرية تركيا حول وحدة اﻷراضي السورية التي وحدها تشكّل الضمانة لتركيا موحّدة. واﻵن، على اﻷتراك أن يناضلوا من أجل تصحيح اﻷخطاء الجديدة في السياسة الحالية لتركيا».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، في المؤتمر الـ 15 للسفراء اﻷتراك في الخارج، إن «النظام في سوريا لم يتصالح مع شعبه. وسوريا بدأت مرحلة جديدة»، مذكّراً بأن بلاده «ظلّت، في اﻷيام الصعبة، إلى جانب الشعب السوري»، وهي «ستكون اليوم أيضاً إلى جانبهم في الصفحة الجديدة التي فُتحت». كذلك، رأى الوزير أن «اﻷنظار يجب أن تتركّز اﻵن على الصفحة الجديدة. نريد أن تحتضن سوريا كل اﻷعراق واﻷديان»، مضيفاً أن «إسرائيل ستقوم بما يتوجّب عليها»