.. بعد التحية والسلام يطيب لنا في الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين ، أن نحييكم في هذه السنوات العجاف ، مع ما نحمله جميعا من مآسي المعاناة ، وما فرض علينا من واقع مرّ ، في وطن حافل بالخيرات والثروات ، والوعي والتاريخ ، ولم نكن يوما في حاجة للآخرين ، حتى أصبحنا مرتهنين للقوى الخارجية ، وشبكات الفساد التي استباحت أرضنا وسماءنا وأبناءنا ، وسطت على ثرواتنا ، ودمّرت اقتصادنا ، ورقصت على جراحنا ، بعد أن غابت الإدارات النزيهة ، وتبدّد الإحساس الوطني بالمسؤولية ، وظهرت الأطماع المتصارعة التي لم تخف على أحد ، و يستطيع المواطن تحليلها بعفويته ، و تمييز الفاسد والمجرم ، من الغاصب والمساوم على أرواح الناس وأرزاقهم ، لأنهم جميعا وجوه متعددة لعملة واحدة ، يسعون لتحقيق طموحاتهم ، وتنفيذ مشاريعهم لطمس معالم التاريخ والنهب والاستغلال لمقدّرات شعبنا ، على حساب المحرومين والغيارى المخلصين في رحاب سوريا التي باركتها السماء ، وأكرمتها بالصالحين والأولياء .. أيها الأبناء والأهل في رحاب سوريا وبلاد الاغتراب .. إن إرادة الشعوب هي الباقية والمنتصرة ، وقد بذلنا جميعا المهج والأرواح ولم نبخل ، لكننا لم نلمح ما يشير الى مواطن الإحساس بالمسؤولية ، وطيب النوايا ، لكبح جماح هذه المعاناة بعد أن اشتدت ، وسدّت بوارق الأمل من سوء الإدارة والعمل ، ومن تكرار الفشل تلو الفشل ، فارتفعت أصوات الشباب والشياب والحرائر من إخوتنا وابنائنا وبناتنا في حوران سهلا وجبلا ، مع أبناء العشائر ، وعلى الارض السورية حاملين مطالبا محقة مشروعة بسلمية وسلام ، طارحين أفكارهم المحقة من خلال حراك سلمي مبارك وطني حر .. بحرية تعبير كفلها الدستور وصانها القانون ، لعل الجميع يعيشون أمنا وأمانا في واقع سعيد مضمون المستقبل لهم ولأبنائهم ، بعد أن تقطعت بهم السبل في مجاهل الكون وأصقاعه ، وبحاره وأدغاله .. أبناءنا .. أهلنا الأعزاء .. نستنكر دوما كل أساليب القمع المادي والمعنوي ، التي يحاولون بثها في نفوس الشرفاء عبر وسائل قمع تلجأ اليها جهات معروفة لإسكات صوت الحق في التعبير السلمي عن وجهات نظر أصحابها ، هؤلاء الذين ينتصرون لحقهم كطلاب سلام ، وحياة كريمة ، وليسوا غرباء عن أوطانهم كي يفتقروا الى أدنى سبل الحرية والحياة ، بعد أن تفشت تلك الظواهر المرعبة ، وأصبحت شريعة غاب سائدة ، كانت أهم ما يرفضه السوريون المطالبون بوطن عامر، لا خراب غامر ، كما أن ّهذه الأساليب تدلّ على فشل فاعليها ومزاجياتهم التي يحاولون جعلها أمرا مفروضا ، بلا حياء ولا خجل .. من خلال ممارسات الترهيب بأشكاله المتعددة على كل الأصعدة ، كما حصل ويحصل في الآونة الاخيرة . أبناءنا .. أهلنا الأعزاء .. إن ما يمر به أهلنا في سوريا من دمار للأوطان والإنسان يحتّم علينا أن نحيّي الوقفة الواعية لكم في هذا الحراك المسالم ، وصولا لتحقيق بناء وطن تفخر به الأجيال .. وختاما .. فإننا نؤكد على ما ورد في بياناتنا وأحاديثنا السابقة ، التي كانت واضحة المعاني ، مدروسة المباني ، كوضوح الشمس في رابعة النهار ، مع جزيل شكرنا للغيارى والشرفاء المخلصين ، في رحاب سوريا ، ولا ننسى أبناءنا المغتربين في أصقاع المعمورة ، الذين كانوا الملاذ الآمن لأهلهم وأبناء وطنهم ، من غوائل هذا الزمان ، وتبقى التحية الخالصة لكل من تلمّس جراحات واقعنا المرير ، ومدّ يد العون والمساعدة من دول الخليج العربي ، والمغرب العربي ، ودول العالم الذين ساهموا بإصدار قرارات أممية تتعلق بالقضية السورية ، واستقبلوا أبناءنا ، وفتحوا لهم الصدور في سبيل حرية الأوطان وقداسة الإنسان ، وحقه في حياة حرّة كريمة رغيدة .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . جبل العرب – قنوات – 20/11/2023