تواصل القوات الإسرائيلية توغلاتها في مناطق كانت تحت سيطرة الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، بعد تقارير عن سيطرة إسرائيل على قرى جديدة محاذية للخط الفاصل مع الجولان، وهو ما يزيد من نطاق المناطق التي تشهد نشاطا عسكريا إسرائيليا منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء، بتوغل دبابات إسرائيلية في قرية صيدا الجولان، عند الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والقنيطرة في جنوب غرب سوريا، وهي منطقة محاذية لهضبة الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل.
ومنذ اليوم الأول لسقوط النظام السوري، عززت إسرائيل انتشارها في المنطقة العازلة التي تخضع لإشراف قوات من الأمم المتحدة، وهو ما اعتبرته المنظمة الدولية خرقا لاتفاقية فض الاشتباك الموقعة بين البلدين عام 1974قبل أن يعلن بنيامين نتانياهو، هذا الشهر، نهايتها.
وشن الطيران الإسرائيلي سلسلة هجمات على عشرات الأهداف الإستراتيجية في المناطق السورية. وتقول إسرائيل إنها تسعى إلى استهداف مخزونات الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية في سوريا لمنع المعارضة التي أطاحت الأسد من استخدامها.
ووافقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على خطة لنتانياهو، الأحد، لتوسيع المستوطنات في الجولان في “ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا”، و”لتشجيع النمو الديمغرافي في مستوطنات الجولان بتكلفة إجمالية تزيد عن 40 مليون شيكل (11مليار دولار)”. وأضافت أن الهدف الرئيسي هو مضاعفة عدد السكان الإسرائيليين في المنطقة.
واليوم الثلاثاء، قال المرصد السوري إن “القوات الإسرائيلية فتشت ثكنة عسكرية لقوات النظام السابق في محيط قرية المقرز، القريبة من قرية صيدا الجولان، بحثاَ عن أسلحة وذخائر بعد أن أطلقوا النار في الهواء لمنع اقتراب أي شخص من مواقع التفتيش”.
وأشار المرصد، ومقره لندن، إلى أن القوات الإسرائيلية كانت طلبت من الأهالي في المناطق التي توغلت إليها حديثاً بالقرب من الجولان بتسليم السلاح.
وكانت المنظمة أفادت، الاثنين، بأن قوة عسكرية إسرائيلية مؤلفة من 3 سيارات وصلت إلى قرية في منطقة حوض اليرموك بالريف الغربي من محافظة درعا، حيث تمركزت القوات في شوارع القرية وتجولت داخلها، بالإضافة إلى تفتيش بعض المواطنين. وحاولت القوات الإسرائيلية التقدم نحو قرية عابدين المجاورة، إلا أن الأهالي تصدوا لها ومنعوها من دخول القرية.
ولم يتسن لموقع الحرة التأكد من هذه المعلومات من مصادر إسرائيلية رسمية.
وتوضح خريطة أدناه المناطق الأخيرة التي قال المرصد إن القوات الإسرائيلية وصلت إليها، وهي تقع بين درعا والقنيطرة في جنوب غرب سوريا (يمين الخريطة) وهضبة الجولان غربا. ويظهر بوضوح الخط الفاصل شرق هضبة الجولان الذي يقع إلى محاذاة هذه المناطق.
“جبهة جديدة”
وفي تصريح لموقع الحرة، قال المحلل السياسي والأمني الإسرائيلي، إيلي نيسان، إن التحركات العسكرية الأخيرة في الأراضي السورية تعني أن إسرائيل وضعت خطة طوارئ لاحتمال قيام فصائل بعمليات ضد إسرائيل، لذلك فإنه حفاظا على التجمعات السكنية في الجولان التي تقع تحت سيادة إسرائيل، تحركت إسرائيل في هذا الاتجاه حتى لا تفتح جبهة جديدة في الحرب.
ويشير إلى أن اجتماعا عقده، الأحد، نتانياهو مع رئيس الأركان، ورئيس الأمن العام في جبل الشيخ، الذي احتلته إسرائيل بعد صول المتمردين دمشق وسقوط الأسد، يؤكد أن إسرائيل تولي اهتماما كبيرا بمسألة منع حدوث عمليات من هذه الجبهة.
وأفاد مراسل الحرة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي أجرى إحاطة في جبل الشيخ، رفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام، رونين بار. واستعرض نتانياهو انتشار قوات الجيش الإسرائيلي ووضع قواعد الاستمرار، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وقبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 كان هناك توتر محدود بين القوات الإسرائيلية والسورية، لكن في عام 2014 اجتاح مسلحون إسلاميون يسعون لإطاحة الأسد محافظة القنيطرة على الجانب السوري.
وأجبر المسلحون القوات السورية الحكومية على الانسحاب، وكذلك فرضوا على قوات الأمم المتحدة في المنطقة الانسحاب من بعض مواقعها.
وظلت المنطقة تحت سيطرة مسلحي المعارضة، حتى صيف عام 2018 حين عادت القوات السورية الحكومية إلى مدينة القنيطرة والمنطقة المحيطة التي كان معظمها مدمرا بعد حملة دعمتها روسيا واتفاق سمح لمقاتلي المعارضة بالانسحاب.
ومع عودة هؤلاء إلى المنطقة، تعمقت مخاوف إسرائيل.
وقال أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قائد “هيئة تحرير الشام” التي قادت فصائل المعارضة في إسقط الأسد، إن إسرائيل تستخدم ذرائع واهية لتبرير هجماتها على سوريا، بينما هو غير مهتم بالانخراط في صراعات جديدة وسط تركيز بلاده على إعادة الإعمار.
وقال الشرع إن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار “بعيدا عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة”.
لكن يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، قال في بيان إن التطورات الأخيرة في سوريا تزيد من التهديد لإسرائيل “على الرغم من الصورة المعتدلة التي يظهرها زعماء المعارضة”.
ويؤكد نيسان لموقع الحرة أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة “مؤقتة حتى يتبين أين تتجه الريح في سوريا، وعما إذا كان النظام الجديد بقيادة الجولاني سيقيم علاقات جوار مع إسرائيل، وإذا تحقق ذلك، ستنسحب إسرائيل من كل الأراضي التي دخلتها”