ملفات شائكة
طهران – وصفت مصادر عراقية مطلعة ما يحمله رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من مقترحات سياسية في زيارته القادمة إلى واشنطن التي تم التوقيت لها لتتزامن مع الأيام الأولى لوصول الرئيس الأميركي “العائد” دونالد ترامب بأنها أشبه بصندوق أسود من المعطيات السياسية منها لمطالبات دولة حليفة تعتبر نفسها ركنا أساسيا من أركان الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.
وقالت المصادر إن السوداني يتصرف على أساس النأي السياسي بالنفس عن الإطار الشيعي الذي تعتبره الولايات المتحدة العمود الفقري للطبقة السياسية الشيعية الحاكمة، والذي يجد نفسه تحت ضغوط متزايدة بعد انهيار أهم عناصر قوته المتمثلة بشبكة العلاقات الشيعية “السرية” الضامنة للعلاقة مع إيران والتي تحتفظ بالحد الأدنى من العلاقة من دون أن تكون محسوبة بشكل مطلق على أي من الطرفين العراقي – الشيعي.
واستبعدت المصادر أن يحصل رئيس الوزراء العراقي على دعم إيراني لفكرة حل الحشد الشعبي وتسليم أسلحته للقوات العراقية، معتبرة أن الأمر يتناقض مع إستراتيجية إيران التي تقوم على تقوية الأذرع لتخوض الحرب بدلا عنها.
السوداني يريد ضغطا من إيران على حماس للإفراج عن رهائن خاصة أولئك الذين يحملون الجنسية الأميركية وتجنب أن تكون طهران في مرمى غضب ترامب
وصدرت إشارات من النظام الإيراني تعارض فكرة استهداف الحشد الشعبي بالتحييد أو حلّه، وظهر ذلك خاصة من خلال حديث أحمد بخشايش أردستاني عضو لجنة السياسة الخارجية والأمن الوطني في البرلمان الإيراني حين قال إن “أحد الأسباب الرئيسية لسقوط الأسد هو رفضه مقترحا إيرانيا بتحويل القوات التي تم تدريبها من قبل إيران في سوريا والمكونة بشكل أساسي من العلويين والشيعة السوريين إلى قوة عسكرية مشابهة للحشد الشعبي في العراق.”
وكشف أردستاني أن إيران كانت قد دربت حوالي 130 ألف شخص من هذه القوات تحت إشراف الرئيس السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، في تأكيد إيراني رافض لحل الفصائل المسلحة باعتبارها الضامن الوجودي لنفوذ إيران في العراق.
وكشفت المصادر السابقة عن أن رئيس الوزراء العراقي يريد ضوءا إيرانيا أخضر من الحشد لإعادة أسلحة أميركية سلمت لجهاز مكافحة الإرهاب لكن تم تحويلها لتصبح بيد الفصائل الموالية لطهران.
كما يريد السوداني ضغطا من إيران على حماس للإفراج عن رهائن خاصة أولئك الذين يحملون الجنسية الأميركية وتجنب أن تكون طهران في مرمى غضب الرئيس الأميركي المنتخب الذي لوّح بحرق الشرق الأوسط إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن، ولا شك أن إيران ستكون إحدى ساحات الانتقام الأميركي.
وكان لافتا قول السوداني، خلال زيارته إلى إيران، إن العراق نجح في عدم الانزلاق في الصراع الإقليمي، وكأن التحالف الذي منحه رئاسة الحكومة ليس واجهة لإيران، في وقت يقول فيه مراقبون إن كلام السوداني يظهر أن تحييد العراق عن التصعيد الإقليمي قرار من إيران التي تريد الاحتفاظ بالعراق كواجهة مهمة لنشاطها بعد خسارة نفوذها الإقليمي.
وأكد السوداني، الأربعاء، النجاح في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق في الصراعات الإقليمية، داعيا إلى حوار إقليمي شامل يعزز الثقة بين دول المنطقة.
ويقول مراقبون إن العراق ما يزال مهيأ لأن يكون ساحة للاحتجاجات المدعومة خارجيا طالما أن قيادته السياسية ومؤسساته التشريعية والعسكرية والأمنية ما تزال تحت نفوذ ميليشيات إيران، وإن خطاب النأي بالنفس لا يمكن لوحده أن يجنب العراق الانزلاق نحو الصراعات الإقليمية.
ويعرف السوداني أن استمرار النفوذ الإيراني في العراق يعني أن البلد سيظل تحت التهديد، وهو ما بدا في تصريحات لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين ردا على ما كانت تقوم به الميليشيات الموالية لإيران، وأن التطورات في سوريا يمكن أن تكون عاملا مساعدا، وهو ما يفسر خطاب التهدئة الذي يبديه السوداني.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن السوداني قوله في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن “زيارته إلى طهران تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث عقدنا اجتماعا موسعا مع الرئيس الإيراني وناقشنا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وملف تجهيز العراق بالغاز والطاقة، كما ستكون هناك اجتماعات على مستوى الوزراء بين البلدين.” وأضاف “نتابع المشاريع المشتركة مع إيران خصوصا في قطاعي السكك الحديد والسكن،” مؤكدا أن “تعزيز علاقاتنا مع إيران ضروري لتحقيق المصالح المشتركة.”
وبالإضافة إلى لقاء بزشكيان، التقى السوداني المرشد الأعلى علي خامنئي. كما التقى رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، وتناولا تطورات الأحداث في سوريا. وقال السوداني إن “استقرار سوريا مفتاح لاستقرار المنطقة بأكملها، وندعو إلى حل سياسي شامل يحفظ لسوريا استقلالها وسيادتها، ويحد من التدخلات الخارجية.” وتابع “نحترم إرادة الشعب السوري، وندعم أي نظام سياسي أو دستوري يختاره السوريون، دون تدخلات خارجية.”
وأوضح السوداني أن العراق مستعد للتعاون مع جميع الأطراف لتعزيز الاستقرار في سوريا، وتحقيق انتقال سلمي سلس “لنظام يعكس إرادة الشعب السوري بكل تنوعاته وأطيافه، وفي عملية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين.”