أصبحت وقائع اليوم الانتخابي الطويل بعد أكثر من عامين على الفراغ الرئاسي معروفة. ولكن ما يستحقّ التوقّف عنده في هذا اليوم هو العناوين الثلاثة التي تمحور حولها خطاب القسم. السيادة والإصلاح والإنقاذ. كثر شعروا بأنّ الكلمة كان سقفها عالياً جدّاً بما تضمّنته من عناوين سياسية. ولكنّها عناوين لا شكّ أنّها ملزمة للرئيس الذي يأتي بأكبر دعم عربي ودولي. وهي عناوين لا بدّ أن يحاسب عليها الرئيس المنتخب لاحقاً.
الخماسيّة لم ينتهِ دورها
بتسعة وتسعين صوتاً انتُخب جوزف عون رئيساً للجمهورية بعد جولاتِ تشاورٍ سبقت وتخلّلت الدورتين. ففي معلومات “أساس” أنّ اللقاءَ الذي حصل بين النائب محمد رعد والنائب علي حسن خليل وقائدِ الجيش كان إيجابياً، وأنّ المجتمعين ناقشوا مِلفَّين، الأوّل الحكومة والثاني الجنوب وإعادةُ الاعمار. وقد اتّفق الطرفانِ على ضرورة النهوض بالبلد، وخصوصاً إعادةَ إعمارِ المناطقِ المدمّرة من جرّاء الحرب الإسرائيلية بأسرع وقت، ولكنْ مع التسليم بأنّ ذلك سيكون عبر الصناديقِ الدولية وبإشرافها.
كلمة الرئيس المنتخب لم تكن بعيدةً عن أجواء “الحزب” تحديداً. فعون أراد بكلمته هذه أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وأن يتطلّع إلى هواجس كلّ القوى السياسية على حدّ سواء. فاختار عناوينه بعناية ليتحدّث عن حصر السلاح بيد الدولة وعن الشهداء والأسرى وإعادة إعمار البلد، لا سيما في الجنوب والضاحية والبقاع.
الاستشارات الإثنين..
في معلومات “أساس” أنّ الرئيس سيدعو لاستشارات نيابية لتسمية رئيس الحكومة يوم الإثنين المقبل، على أن تكون الحكومة بحسب المعلومات حكومة كفاءات لتحقيق النهوض.
عون
أمّا بالنسبة إلى الخماسية فعملها لم ينتهِ بعد، بل سيُستكمل في متابعة تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، والتي ذكرت في بيانات الخماسية أكثر من مرّة.
بتسعة وتسعين صوتاً انتُخب جوزف عون رئيساً للجمهورية بعد جولاتِ تشاورٍ سبقت وتخلّلت الدورتين
سيادة.. إصلاح.. إنقاذ
عناوين العهد المقبل بدأها الرئيس في خطاب القسم. فعلى الرغم من كلّ الكلام عن تعهّدات جانبية، ما تعهّد به الرئيس عون كان واضحاً في خِطاب القَسم ولم يَتعَدَّ بشيءٍ سواه. وتحت عنوان هذا عهدي قدَّم عون خِطاباً مسبوكاً بلغةِ الدولة، قائلاً إنّه سيمارسُ صلاحيّاتِ رئيسِ الجمهورية كاملةً كَحَكَمٍ عادل بين المؤسّسات: “عهدي أنْ نعِيدَ ما دمّره العدوُّ الإسرائيلي في كلّ أنحاءِ لبنان، وشهداؤنا هم روحُ عزيمتِنا وأسرانا هم أمانةٌ في أعناقنا، وسنستثمر في الجيش لضبط الحدود وتثبيتِها جنوباً وترسيمِها شرقاً وشمالاً ومحاربةِ الإرهاب وتطبيقِ القراراتِ الدولية ومنعِ الاعتداءاتِ الإسرائيلية. سأعملُ على تأكيد حقِّ الدولةِ في احتكارِ حملِ السلاح”.
في المال قال عون نحتاج إلى مصارفَ لا يكونُ الحاكمُ فيها إلا القانون، ولن أتهاونَ في حمايةِ أموالِ المودعين. تلك التعهّداتُ عَكست صورةَ قائدٍ لا يَعتزمُ أن يساوِمَ، يَمنحُ الأمل لبلدٍ أَطبقتْ عليه مافياتٌ وحروبٌ معاً ومَزَّقت مؤسّساتِه وقضاءَه ومرافِقَه، وصفَّقت للقائدِ المقبل الذي قال لها: التدخّلُ في القضاءِ ممنوعٌ، ولا حَصانات لمجرمٍ أو فاسد، ولا وجود للمافيات ولتهريبِ المخدِّرات وتبييضِ الأموال.
إقرأ أيضاً: جوزاف عون في القصر: تفاصيل “الصفقة” مع الثنائي
الرئيس هذه المرّةَ سترعاهُ مِظلّةٌ دوليةٌ عربية أَعلنتْ حالةَ طوارىءَ رئاسيةً بعدما تعذَّرَ على اللبنانيين إتمامُ هذه المهمّةِ بأنفسِهم خلال ستّةٍ وعشرينَ شهراً.
خطاب القسم هذا لن يمرّ من دون التوقّف عنده مراراً وتكراراً في المقبل من الأيام، إمّا للاستشهاد به أو المحاسبة عليه.
