مفهوم الحرية حمّال أوجه وتأويلات وتفضيلات تختلف من مفكر لآخر، ولكنه ليس كذلك حين نتحدث عن الحريات السياسية المعروفة والمطبقة بقوة القانون في عدد كبير من الدول. حرية التعبير والرأي، حرية اختيار الممثلين في الحكومة، حرية التجمع والتظاهر، تشكيل الأحزاب، وحرية العقيدة. كل ذلك يمكن تحقيقه إذا تم اختيار الحكومة عبر صناديق الاقتراع.
حين خرج السوريون للتظاهر ورفعوا شعار الحرية، كانوا يقصدون بلا شك التخلص من الدكتاتورية وانتخاب حكومة تضمن حرياتهم أسوة بباقي الشعوب الحرة. لقد دفعوا لأجل ذلك كلفاً باهظة.
رحل الدكتاتور، ولكننا لا نجد السوريين يطالبون بأي انتخابات، بل على العكس، يهتفون لهذه السلطة كما فعلوا مع سابقتها. أليس ذلك غريباً جداً؟ لماذا لا يطالبون بانتخابات يمكن تنظيمها في بضعة أشهر للانتقال إلى سياق ديمقراطي يمارسون فيه حريتهم؟
لقد أفسدت الأزمة فكرهم واختلطت عليهم الأمور بشكل حاد، فقدوا الرشد وتاهت على السنتهم التعابير. ما شأننا بحاكم امر واقع يحكم غصباً عنك سواء كان يشرب الشاي برفقة خليله على قاسيون او يتناول مع جاره المرطبات مثلا.