وزير الخارجية الاوكراني مع نظيره الاميركي

وزير الخارجية الاوكراني مع نظيره الاميركي
لم يحمل اجتماع وزارء خارجية دول حلف شمال الأطلسي الذي انعقد منتصف هذا الأسبوع داخل مقر الناتو في بروكسل، بحضور وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا للمرة الأولى، التزامات ملموسة لبلاده، إن كان بخصوص الدعم بمليارات جديدة، أو بحزم المساعدات العسكرية الموعودة على الرغم من أنها تخوض هجوماً مضاداً ضد القوات الروسية الغازية، وبنيتها التحتية المدنية معرضة للخطر. لكن يبقى الأهم بالنسبة إلى كييف إظهار أعضاء الحلف تصميمهم على مساندتها للدخول إلى أكبر تحالف عسكري غربي. فما هي حظوظ أوكرانيا بالانضمام إلى الناتو وسط مطالبات الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بعدم إهمال الحرب هناك بسبب الحرب في الشرق الأوسط؟
ضدّ الانضمام السّريع
رغم أن الهدف المعلن لدول حلف الناتو قبول أوكرانيا عضواً، يبدو أن هناك قناعة ضمنية بين جميع الأعضاء بصعوبة تحقيق ذلك حالياً، لا سيما أن دولاً مثل ألمانيا والولايات المتحدة ضد القبول السريع لكييف، وغير راغبتين بإعفائها بالكامل من الإصلاحات قبل الانضمام إلى الحلف. وبالتالي، فإن نداءات ستولتنبرغ لم تعد تحمل الكثير من التفاؤل، والقبول أضحى بعيد المنال نسبياً لأنه يتعين عليها السير أولاً بخطة عمل. وفي خضم ذلك، بيّنت قراءات سياسية أن مخاوف واشنطن وبرلين من السماح لها بالانضمام فور انتهاء الأعمال العدائية ضدها، والسؤال المركزي الآن هو: إلى أي مدى يجب أن يكون الحل السلمي بعد حرب أوكرانيا مستقراً حتى يتحمل الغرب المسؤولية الكاملة؟
وفي سياق متصل، أشارت “تاغس تسايتونغ” إلى أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا باربوك، حاولت خلال الاجتماع تبديد الشكوك حول موقف ألمانيا، وأن برلين تبذل كل شيء لضمان قدرة القوات المسلحة الأوكرانية على تحرير أكبر عدد ممكن من القرى والمدن في العام المقبل، وأنه مهما كان الوضع صعباً فإن ألمانيا ملتزمة دعم أوكرانيا. ورفعت ألمانيا في وقت سابق من قيمة التزاماتها عن عام 2024 من أربعة إلى ثمانية مليارات يورو، وسلمت المزيد من صواريخ الباتريوت والمعدات العسكرية واللوجستية الأخرى، لكنها لم تسلم صواريخ توروس.
خطة عمل مرنة
يريد حلف الأطلسي اعتماد خطة عمل مرنة ومعدلة نسبياً يتعين على أوكرانيا الإيفاء بها، وأهمها الإصلاحات التي تعتبر ضرورية لقواتها المسلحة والمناطق ذات الصلة بالأمن، إلى بعض الالتزامات التي يجب عليها تتبعها. وفي هذا الصدد، ورد هذا الأسبوع كلام عن دبلوماسيين في الناتو، وفيه أن الخطة المطلوبة من كييف أقل صرامة من أي خطة عمل يجب على كل مرشح محتمل لعضوية الناتو اتباعها، وسيتم اختصار طريق أوكرانيا إلى العضوية من مرحلتين إلى مرحلة واحدة، وجعلها أقصر بكثير وأقل تفصيلاً، وستتألف من 10 صفحات بدلاً من 300 صفحة، وهذا ما سيسهل على كييف عرض الإنجازات التي ستحققها قبل قمة الناتو المقبلة المقررة الصيف المقبل في واشنطن. وبيّنت تقارير من بروكسل أن من بين الإصلاحات أيضاً وضع استراتيجية وطنية للدفاع والأمن، والعمل على قابلية التشغيل البيني للقوات المسلحة مع قوات أعضاء الناتو، إلى إصلاحات مكافحة الفساد، وبينها التعديلات في السلطة القضائية، كما حماية الأقليات وحماية حقوق الإنسان والديموقراطية.
معوّقات الانضمام
وحول المدة والقدرة على تحقيق ذلك، اعتبر محللون أنهما يعتمدان في المقام الأول على نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية العام المقبل، وإذا ما فاز الجمهوريون مع دونالد ترامب فمن المحتمل أن تكون المساعدات أقل والانضمام سيصبح أصعب. الأميركيون أصبحوا الآن مسؤولين عن نحو نصف المساعدات العسكرية.
وقال السياسي عن الحزب المسيحي الديموقراطي المعني بالسياسة الخارجية رودريش لشبكة التحرير الألمانية إن عضوية أوكرانيا في الناتو “ضرورية لأمننا وهذا غير قابل للتفاوض”.
علاوة على ذلك، أشار مراقبون إلى أن الناتو لم يحدد شروطاً بل وضع خطة تتبع أو دليلاً للأوكرانيين لإحراز تقدم يخدم توجهاتهم بالانضمام إلى الناتو، والخطر ألا تكون الإصلاحات كافية أبداً، وعندها يصبح من الصعب إعطاء الضوء الأخضر لكييف للانضمام، معتبرين أنه في النهاية وحتى ولو انتهت الحرب غداً واستوفت أوكرانيا كل النقاط المدرجة في الخطة يبقى القرار سياسياً، وسيظل يتعين على أعضاء الناتو إعطاء موافقتهم على الانضمام، وهي عملية قد تكون طويلة، والآن هناك مثال صارخ على ذلك وهو الجدل الصاخب بخصوص انضمام السويد مع التردد التركي بالموافقة على ذلك.
الدّعم العسكري
اعتبر ممثلو الدول الأعضاء في الناتو أنه يجب اعتماد المزيد من الخطوات العملية لدعم أوكرانيا، وبرزت تصريحات للأمين العام للحلف ستولتنبرغ أشار فيها إلى أن الناتو بصدد إنشاء نظام لشراء المعدات الدفاعية، كما تحديث أجهزة الاستخبارات الأوكرانية، وهذه أمثلة عن الكيفية التي ستتغير فيها أوكرانيا فعلياً، كما من خلال التكيف وتعزيز القدرات لديها والعمل على برنامج مساعدات للسنوات المقبلة لتتحول من المعايير السوفياتية إلى معايير حلف شمال الأطلسي، وهذا ما سيساعدها أيضاً في الاقتراب من الانضمام إلى الناتو.
أما وزير الخارجية الأوكراني كوليبا فقال إن بلاده أصبح لديها الجيش الأقوى والأكثر اختباراً في أوروبا، “وفي ما يتعلق بقدراتنا الفنية وإدارة قواتنا ومبادئنا، فإننا في الواقع جيش حلف شمال الأطلسي تقريباً”، داعياً دول الناتو إلى زيادة الدعم من صناعاتها الدفاعية، والعمل على حل المشكلات الفنية والتقنية ونقص قطع الغيار، والمرونة في سلاسل توريد الأسلحة، وإلا ستبقى أوروبا بلا من يدافع عنها.
تجدر الإشارة إلى أن أحد أهداف الحرب المعلنة لروسيا هو استبعاد أوكرانيا الدائم من عضوية الناتو، ويتحدث الكرملين عن خطر مطلق بالنسبة إلى روسيا، وانضمامها ستكون له عواقب سلبية للغاية على البنية الأمنية بأكملها في أوروبا.