قتلى بالآلاف في غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية. أرشيفية
قتلى بالآلاف في غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية. أرشيفية

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الأربعاء، إنه لا يمكن هزيمة فكرة في ساحة معركة، ضمن سياق حديثه عن حرب إسرائيل على حركة حماس في غزة.

ولدى سؤاله خلال موتمر صحفي   عن رؤية الولايات المتحدة لإمكانية القضاء على حماس عسكريا بالطريقة التي تسعى إليها إسرائيل، قال ميلر “من المؤكد أن القيادة العسكرية الحالية لحماس، يمكن هزيمتها عسكريا. هناك شخصيات قيادية خططت لهجمات 7 أكتوبر. وهناك من نفذوا الهجمات الفردية يحتمون بالمدنيين في غزة الآن. ويمكن العثور على هؤلاء الأشخاص وتقديمهم إلى العدالة. وهذا هدف عسكري نعتقد أنه يمكن تحقيقه”.

وأضاف “ومع ذلك (…) لا يمكن هزيمة فكرة في ساحة المعركة. لذا، يتعين على إسرائيل، وعلى الدول الأخرى في المنطقة، وعلى الولايات المتحدة وكل دولة حول العالم تريد أن تكون لاعبا مسؤولا أن تقدم فكرة أفضل. ولهذا السبب سمعتم الوزير (بلينكن) يقول مرارا وتكرارا إنه في نهاية هذا الصراع يجب أن تكون هناك إجابة مشروعة لتطلعات الشعب الفلسطيني”.

ووجه سؤال لميلر عن إمكانية إدارة السلطة لأي دولة فلسطينية مستقبلية، بالتزامن مع استطلاع رأي نشرته وكالة أسوشيتد برس، الأربعاء، أظهر أن 90% يريدون أن يتنحى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.

وقال “نحن نؤمن بذلك. ومن الواضح أن السلطة الفلسطينية ليست في وضع يسمح لها بإدارة غزة، وبتوفير ضمانات أمنية وشرطية وغيرها”.

وتابع “نعتقد أن السلطة الفلسطينية هي ممثلة الشعب الفلسطيني، وأن سلطة فلسطينية يتم تجديدها وإصلاحها وإعادة تنظيمها هي السبيل للمضي قدما نحو إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة”.

وفي حديثه حول تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأربعاء، بشأن وقف إطلاق النار في غزة، قال ميلر “أعتقد أن ما يمكن استخلاصه من هذا التصويت هو أنه من الواضح أن العالم يريد إنهاء هذا الصراع، وهو هدف نتقاسمه. نريد لهذا الصراع أن ينتهي”.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة تتوقع من كل دولة تزودها بالأسلحة أن تستخدمها “بما يتوافق تماما مع القانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب، وإسرائيل ليست استثناء”.

وسُئل ميلر من الصحفيين عما إذا كانت واشنطن تقيّم مدى التزام إسرائيل بسياسة نقل الأسلحة التقليدية، التي أقرتها إدارة بايدن في فبراير 2023.

ويتطلب ذلك من وزارة الخارجية تحديد أنه من غير المرجح استخدام تلك الأسلحة في جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو انتهاك اتفاقيات جنيف أو انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.

وقال ميلر إن وزارة الخارجية لم تتخذ مثل هذا القرار، وأكد مجددا الموقف الأميركي بأن إسرائيل يمكنها أن تبذل مزيدا من الجهود لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين في صراع غزة.

خلافات بين أميركا وإسرائيل

ولا تعتزم الولايات المتحدة مراجعة دعمها لإسرائيل، لكنها تشعر بغضب متزايد إزاء طريقة إدارة الحرب في قطاع غزة، إلى حد إظهار خلافاتها علنا مع حكومة، بنيامين نتانياهو، بحسب فرانس برس.

من خلال حديثه عن “القصف العشوائي” و”التآكل” المحتمل للدعم الدولي لإسرائيل، كشف الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن إحباطه المتزايد تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بل إن إدارته بدأت تحث على وضع “جدول زمني” لاستمرار العمليات العسكرية المكثفة.

واعتبر الرئيس الأميركي، الثلاثاء، أن إسرائيل “بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي” بقصفها العشوائي لغزة، الذي أدى لمقتل وجرح عشرات الآلاف.

وقال بايدن خلال فعالية لجمع التبرعات لحملته الانتخابية في واشنطن: “لقد بدأوا يفقدون هذا الدعم”، مضيفًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يحتاج إلى تغيير حكومته المتشددة.

وتتزايد التحذيرات لإسرائيل منذ عدة أسابيع، فقد تحدث مسؤولون أميركيون رفيعون مثل نائبة الرئيس، كامالا هاريس، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، عن مقتل عدد “مرتفع للغاية” من المدنيين الفلسطينيين وحتى عن “فجوة” بين الالتزامات والواقع في قطاع غزة المحاصر الذي يتعرض لقصف مكثف منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، توقف فقط خلال هدنة إنسانية قصيرة في نهاية نوفمبر.

ولخص وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، مؤخرا المعضلة قائلا “في هذا النوع من القتال، يكون مركز الثقل هو السكان المدنيون. وإذا دفعتهم إلى أحضان العدو، فإنك تستبدل نصرا تكتيكيا بهزيمة استراتيجية”.

لكن واشنطن، الحليف الدبلوماسي والعسكري الرئيسي لإسرائيل، امتنعت عن انتقاد حليفتها بشكل مباشر وعلني، كما رفضت الدعوات لوقف إطلاق النار حتى استبعاد حماس من المشهد، وذلك رغم الضغوط الدولية.

في الواقع، تبدو الولايات المتحدة معزولة بعض الشيء في دعمها لإسرائيل، كما يتضح من تصويت الغالبية الساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، لصالح وقف إطلاق النار.

“جدول زمني”

ومنذ بدء الحرب إثر الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية للقطاع، حاولت الولايات المتحدة التأثير على حليفتها للسماح بإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية لسكان غزة وكذلك خلال المفاوضات بشأن إطلاق سراح رهائن، أو حتى تشجيعها على تبني استراتيجية عسكرية أكثر “استهدافا”.

وفي السر، لا يخفي الدبلوماسيون الأميركيون استياءهم من سلوك إسرائيل الحربي، وفقا لفرانس برس.

وطلبت واشنطن من إسرائيل مثلا ألا “تكرر” في جنوب غزة السيناريو الذي حدث في شمال القطاع قبل الهدنة الإنسانية التي استمرت سبعة أيام في نهاية نوفمبر.

وفي مؤشر على الضغط المستمر الذي تمارسه على إسرائيل، سيقوم مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، بزيارة تل أبيب يومي الخميس والجمعة، حسب ما أعلنت واشنطن.

وقال سوليفان لصحيفة وول ستريت جورنال، الثلاثاء، “من الواضح أنني سأتناول (…) مسألة الجدول الزمني وكيف ينظرون إليه (الإسرائيليون)”، مقترحا الانتقال “إلى مرحلة مختلفة عن العمليات عالية الكثافة التي نشهدها اليوم”.

ويرى مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية، جيمس رايان، أن “هذا له علاقة كبيرة بالوضع السياسي الداخلي”، في ظل حملة الرئيس الديمقراطي للفوز بولاية جديدة في نوفمبر 2024.

ويتابع الخبير “هناك ضغوط كبيرة على إدارة بايدن من داخل حزبه ومن قاعدته”.

لكنه يضيف أن “هذا يعكس أيضا اعترافا ضمنيا” بمحدودية قدرة الولايات المتحدة على التأثير على الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية في تاريخ البلاد.

ويتعلق أكبر الخلافات بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية بما سيحدث بعد الحرب.

وتشدد واشنطن على ضرورة إحياء حل الدولتين، وهو ما ترفضه إسرائيل.