ملخص
في حين أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت قيادات أمنية سحقت احتجاجات سابقة، قال نشطاء إنها تسببت أيضاً في خوف واضطراب كبيرين لدى المواطنين وغضب تجاه السلطات الإيرانية وإسرائيل على حد سواء.
ترى جماعات المعارضة الإيرانية أن لحظتها الحاسمة قد تكون قريبة، لكن النشطاء الذين شاركوا في احتجاجات سابقة يقولون إنهم غير مستعدين لاضطرابات جماهيرية حتى ضد نظام يكرهونه في ظل تعرض بلادهم للهجوم.
ويحث معارضو إيران في المنفى، وهم أنفسهم منقسمون بشدة، على التظاهر في الشوارع. وفي المناطق الحدودية، تبدو الجماعات الانفصالية من الأكراد والبلوش مستعدة للانتفاض مع تواصل الضربات الإسرائيلية التي تستهدف أجهزة الأمن الإيرانية.
وفي حين تبدو إيران أضعف مما كانت عليه في أي وقت مضى تقريباً منذ عام 1979، فإن أي تحد مباشر لحكمها المستمر منذ 46 عاماً سيتطلب على الأرجح شكلاً من أشكال الانتفاضة الشعبية.
وسواء كانت مثل هذه الانتفاضة محتملة أو وشيكة، فهي مسألة محل خلاف.
وذكر رضا بهلوي، نجل الشاه الراحل والمقيم في الولايات المتحدة، في مقابلات إعلامية هذا الأسبوع، أنه يريد قيادة عملية انتقال سياسي، قائلاً إنها “أفضل فرصة للإطاحة بالجمهورية الإسلامية منذ أربعة عقود”، وأضاف “هذه لحظتنا التاريخية”.
ومن المؤكد أن تغيير النظام هو أحد أهداف الحرب بالنسبة إلى إسرائيل، إذ خاطب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الإيرانيين قائلاً “نحن أيضاً نمهد لكم الطريق لتحقيق حريتكم”.
وفي ظل نظام حكم أتقن منذ زمن قمع المظاهر العلنية للمعارضة، هناك مؤشرات على استعداده لمواجهة الاحتجاجات.
وقال محمد أمين العضو في قوات الباسيج، التي غالباً ما يجري نشرها ضد المتظاهرين، إن وحدته في منطقة قم في حالة تأهب لـ”استئصال الجواسيس الإسرائيليين وحماية الجمهورية الإسلامية”.
وفي حين أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت قيادات أمنية سحقت احتجاجات سابقة، قال نشطاء إنها تسببت أيضاً في خوف واضطراب كبيرين لدى المواطنين وغضب تجاه السلطات الإيرانية وإسرائيل على حد سواء.
وقالت أتينا دايمي، وهي ناشطة بارزة قضت ست سنوات في السجن قبل أن تغادر إيران، “كيف يفترض أن يخرج الناس إلى الشوارع؟ في مثل هذه الظروف المروعة، يركز الناس فقط على إنقاذ أنفسهم وعائلاتهم وحتى حيواناتهم الأليفة”.
إسرائيل تهدف إلى ما هو أبعد من التهديد النووي: إسقاط خامنئي
احتجاجات حاشدة
عبرت نرجس محمدي، الناشطة الإيرانية البارزة والحائزة على جائزة نوبل للسلام، عن مخاوفها في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي. ورداً على تحذير إسرائيلي بإخلاء أجزاء من طهران، كتبت قائلة “لا تدمروا مدينتي”.
وقالت ناشطتان تحدثت إليهما “رويترز” في إيران إنهما لا تعتزمان التظاهر، وكانتا من بين مئات الآلاف الذين شاركوا في احتجاجات حاشدة قبل عامين بعد وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها.
وقالت إحداهما، وهي طالبة جامعية في شيراز وطلبت عدم نشر اسمها حرصاً على سلامتها، “بعد انتهاء الهجمات، سنرفع أصواتنا لأن هذا النظام مسؤول عن الحرب”.
وقالت الثانية، وكانت فقدت مقعدها الجامعي وسجنت لخمسة أشهر بعد احتجاجات 2022 وطلبت أيضاً عدم نشر اسمها، إنها تؤمن بتغيير النظام في إيران، لكن الوقت لم يحن بعد للنزول إلى الشوارع.
وأضافت أنها وصديقاتها لا يخططن لتنظيم مسيرات أو الانضمام إليها، ورفضن الدعوات الخارجية إلى الاحتجاج، وقالت “إسرائيل ومن يسمون قادة المعارضة في الخارج لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية”.
وتعد منظمة “مجاهدي خلق” الفصيل المعارض الرئيس خارج إيران، وكانت تلك المنظمة فصيلاً ثورياً في سبعينيات القرن الماضي وخسرت صراعاً على السلطة بعد الإطاحة بالشاه.
ولم يسامحها كثير من الإيرانيين على انحيازها إلى العراق خلال الحرب الطاحنة مع إيران بين عامي 1980 و1988، واتهمتها جماعات معنية بحقوق الإنسان بارتكاب انتهاكات في معسكراتها، وهو ما تنفيه.
ومنظمة “مجاهدي خلق” هي القوة الرئيسة وراء “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، الذي أقام علاقات وثيقة مع بعض السياسيين الغربيين. وفي منتدى باريس هذا الأسبوع، جددت مريم رجوي زعيمة المجلس معارضتها لعودة نظام الشاه قائلة “لا الشاه ولا الملالي”.
ولم يتضح بعد حجم الدعم الذي تحظى به جماعات المعارضة خارج إيران في داخل البلاد، فبينما يسود الحنين لدى بعض الإيرانيين إلى فترة ما قبل الثورة، إلا أنها حقبة لا يتذكرها معظمهم لصغر سنهم في ذلك الوقت.
وفي إيران، ركزت الجولات المتعاقبة من الاحتجاجات أيضاً على قضايا مختلفة. ففي 2009، تدفق المتظاهرون إلى الشوارع احتجاجاً على ما اعتبروه انتخابات رئاسية مزورة. وفي 2017، ركزت الاحتجاجات على انخفاض مستويات المعيشة. وفي 2022، كانت حقوق المرأة في الصدارة.
ويخضع مير حسين موسوي، المرشح الانتخابي الذي قال المتظاهرون إنه خسر انتخابات 2009 نتيجة التزوير، للإقامة الجبرية منذ سنوات ويبلغ حالياً 83 سنة. وكانت سياسته تهدف إلى “إصلاح الجمهورية الإسلامية” بدلاً من إسقاطها وإقامة نظام بديل، وهو هدف عدد من المتظاهرين في الاحتجاجات اللاحقة.
وبالنسبة إلى معارضي النظام داخل إيران، فإن أسئلة بلا أجوبة حول ما إذا كان ينبغي تنظيم الاحتجاجات ومتى وما هي الأهداف المرجوة أو أي زعيم ينبغي اتباعه، من المرجح أن تتزايد مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية.