فتح الاتحاد الأوروبي في قمته التي عقدها الجمعة في بروكسل باب المفاوضات أمام ضم أوكرانيا إلى الاتحاد، وهي الخطوة الأولى التي يعتمدها الاتحاد عادة نحو الدول التي يرغب في انضوائها تحت لواء هذا التكتل الاقتصادي القاري.
القرار أتى عقب رحلة فاشلة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للولايات المتحدة ومقابلة الرئيس جو بايدن وزعماء الكونغرس من ديموقراطيين وجمهوريين، لكن من دون التوصل إلى نتيجة حاسمة بالنسبة إلى الإفراج عن المساعدات التي طلبها البيت الأبيض والبالغة 61 مليار دولار.
انتقل زيلينسكي من الولايات المتحدة إلى أوروبا بهدف حض قادتها على تعويض النقص الأميركي. لكن هناك اصطدم بالفيتو المجري على حزمة المساعدات الأوروبية البالغة 50 مليار يورو مقسطة على سنوات عدة. رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان القومي المتطرف، اشترط لرفع الفيتو أن يدفع الاتحاد الأوروبي عشرات المليارات من اليورو المستحقة لبودابست كان الاتحاد قد جمدها بسبب ملاحظات على قوانين تتعلق بالحريات في المجر. لكن أوربان من جهة أخرى امتنع عن التصويت على توجيه الدعوة إلى لأوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد، مع انتقاده لهذه الخطوة بقوة واعتباره أن كييف غير مؤهلة للانضمام إلى النادي الأوروبي.
المجر، هو عينة من المشكلات التي يمكن أن تواجه أوكرانيا على الصعيد الأوروبي، مع صعود التيارات القومية المتطرفة في القارة، بعد تقدم حزب الحرية الهولندي نتائج الانتخابات في بلاده في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وزعيم الحزب الشعبوي غيرت فيلدرز معادٍ للمهاجرين عموماً ومن كل الجنسيات وبينهم الأوكرانيون، ولا يتخذ موقفاً معادياً من روسيا، وكان قد أعلن عدم حماسته لمواصلة تقديم المساعدات لكييف. وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، تحولت سلوفاكيا سياسياً مع وصول حزب يساري متطرف يقوده روبرت فيكو الذي كان أول قرار اتخذه هو وقف المساعدة العسكرية لأوكرانيا.
هذه التحولات الأوروبية، تشكل عامل ضغط إضافياً على زيلينسكي، على رغم أن فرنسا وألمانيا، القوتين الرئيستين، لا تزالان على موقفيهما الداعمين لكييف. لكن تردد برلين في تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى من طراز “توروس”، ألقى ببعض الشكوك حيال مستقبل الدعم الألماني الذي يخشى أن لا يبقى على ما هو عليه إذا أحرز حزب “البديل من أجل ألمانيا” نتائج كبيرة في الانتخابات الوطنية العام المقبل، بما يخلط الأوراق في ألمانيا.
أكثر من تطور خارجي يجعل زيلينسكي غير مطمئن إلى استمرار الدعم الأوروبي بالوتيرة التي اعتادت عليها أوكرانيا في الأشهر العشرين من عمر الحرب.
المناخان الأميركي والأوروبي، يخشى معهما زيلينسكي أن يتعرض في لحظة ما إلى ضغوط من أجل بدء التفاوض مع روسيا على تسوية سلمية للنزاع. وكأس التفاوض هي ما يحاول الرئيس الأوكراني إبعادها منه، خصوصاً بعد فشل الهجوم المضاد الذي كانت القيادة الأوكرانية تأمل أن يضع روسيا في موقع ضعف تقبل معه بتسوية وفق شروط كييف التي ترقى إلى الاستسلام.
الأكيد أن فشل الهجوم المضاد خلط الأوراق وعزز أوراق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الجبهة وفي الداخل، بعد عام من الاضطراب.
إن قرار الاتحاد الأوروبي فتح باب التفاوض مع كييف، جاء بمثابة جائزة ترضية لزيلينسكي المحبط من الميدان ومن عدم اليقين الذي يكتنف المساعدات الأميركية والأوروبية، فضلاً عما يلوح في الأفق من إمكان عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات التي ستجري بعد أقل من عام.
كل هذه الأجواء تجعل زيلينسكي غير مطمئن إلى المستقبل، بينما هو في حاجة إلى مساعدات عاجلة كي يردع روسيا عن التفكير بالعودة إلى موقع الهجوم.