للمرة الأولى منذ أربعة عقود، تتعرض المصالح الأميركية الأساسية في المنطقة، بما في ذلك حرية الملاحة والتدفق الحر، لخطر متزايد، وهي مصالح ارتكز عليها الرؤساء الأميركيون المتعاقبون في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ومن خلال تمكين الحوثيين في اليمن من مهاجمة السفن الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن بطائرات مسيرة مسلحة وصواريخ متطورة مضادة للسفن، تسبب إيران ضرراً هائلاً للنشاط التجاري في أحد أهم الممرات المائية في العالم، كما فعلت في الخليج في أواخر ثمانينات القرن العشرين.

 

 وأعلن الحوثيون أن هجماتهم تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية في غزة، التي تسعى، وفقاً للقادة الإسرائيليين، إلى تدمير “حماس” عقب هجومها الضخم على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص. وتمكنت “حماس” من أسر حوالي 250 رهينة في عمليتها، أطلقت سراح أقل من نصفهم خلال هدنة استمرت أسبوع في تشرين الثاني (نوفمبر) مقابل 240 أسيراً فلسطينياً. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى الفلسطينيين تجاوز 27 ألفاً.

 

ومن المحتمل أن يؤدي تهديد الحوثيين للمياه الإقليمية إلى إلحاق ضرر كبير بالتجارة الدولية وأسواق الطاقة. فبغية مواجهة التهديد الحوثي بفعالية، أوصي بما يلي:

 

1. تكليف القيادة المركزية الأميركية  “سنتكوم”بقيادة جهود مشتركة بين الوكالات. فالحوثيون لديهم الوسائل والقدرة على مهاجمة التدفق الحر للتجارة في البحر الأحمر وخليج عدن. ويكون هذا الإجراء دعماً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي طالب بانسحاب الحوثيين من جميع المناطق التي خضعت لسيطرتهم في حرب اليمن والتخلي عن الأسلحة التي استولوا عليها من الحكومة اليمنية السابقة، وهي إجراءات انتهكتها إيران والحوثيون. ولا بد من أن تشمل الجهود مواجهة قدرة الحوثيين على إعادة التسلح من إيران أو منظمات أخرى، والحصول على أسلحة كاملة أو مكونات يمكن استخدامها لمهاجمة السفن الدولية، فضلاً عن منع الحوثيين من استخدام التدريب الإيراني والاستخبارات والمعلومات الموجهة وغيرها من الوسائل لتقييد التدفق الحر للتجارة، وضرب البنية التحتية للحوثيين وقيادتهم وكذلك العناصر الإيرانية في اليمن.

2. تعزيز هذه الجهود بقدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وأسراب القوات الجوية الأميركية (بالإضافة إلى دبابات)، وخلايا الاندماج، إلى جانب السفن والطائرات والوحدات الأخرى الخاصة بالمهام المطلوبة لتحقيق الأهداف السابق ذكرها.

 

3. منح قائد الأسطول الخامس الأميركي الصلاحيات اللازمة للقيام “بالدفاع عن النفس الجماعي” عند استهداف سفينة ترفع علم الولايات المتحدة، أو تملكها الولايات المتحدة، أو تديرها الولايات المتحدة، أو فيها أفراد طاقم أميركي، أو تحمل أي بضائع من الولايات المتحدة أو إليها. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون لدى قائد الأسطول الخامس صلاحيات الدفاع عن أي سفينة أخرى تطلب الدفاع الأميركي لعبور البحر الأحمر وخليج عدن.

 

4. تمكين القيادة المركزية الأميركية من زيادة الغارات الجوية والبرية.

 

5. تكليف وزارتي الدفاع والخارجية بتعزيز الشراكات القائمة، وتطوير شراكات جديدة، مع الحلفاء العرب والأوروبيين لتشكيل فريق عمل دولي، منفصل عن تحالف “حارس الازدهار”، لتنفيذ المهمة المقترحة.

 

6. زيادة التمويل، ولو مؤقتاً، للبحرية الأميركية من أجل شراء أصول مراقبة إضافية لفرقة المهام الخاصة 59 من سفن المراقبة غير المأهولة التي يمكن أن تعزز العملية الحالية التي تشمل مراقبة أكثر من 10 آلاف ميل مربع من المساحة المائية.

7. إصلاح النظام الحالي لآلية الأمم المتحدة للرصد والتحقيق والتفتيش. وتشمل هذه العملية فحص المواد المتدفقة إلى اليمن، عادة من جيبوتي، لكنها غير فعالة إلى حد بعيد. ولم تتم مصادرة أي مواد تقريباً من خلال هذه الآلية منذ سنوات. فيجب على وزارتي الدفاع والخارجية التعاون مع الشركاء العرب والحلفاء الأوروبيين لإنشاء آلية تحقق جديدة ودائمة تتمتع بالقوة )المساءلة)، ولا تكون عرضة للفساد، بل تتمتع بالصلاحيات المناسبة لمنع تدفق المساعدات القاتلة إلى اليمن.

 

مع ذلك، من غير المرجح أن تتمكن القوة الجوية الأميركية وحدها من التصدي بفعالية لتهديد الحوثيين للتجارة البحرية الدولية. فبالتعاون مع الشركاء العرب والحلفاء الأوروبيين، يقع على عاتق الولايات المتحدة إنشاء نظام حظر شامل في البحر لإضعاف ليس فقط القدرات الحالية للحوثيين ولكن أيضاُ خطوط إمدادهم.