تؤكد بعض الأحزاب والعديد من كتابنا ومثقفينا على ضرورة امتلاك أبناء الشعب الكردي في سوريا لقرارهم المستقل والحفاظ على كينونتهم الفاعلة …
والسؤال الذي يحرق اللسان ويزيد ضربات القلب ما المقصود وكيف السبيل إلى ذلك ؟ هل عبر الانكفاء والتقوقع القومي بعيدا عن جغرافية الأجزاء الأخرى ؟ ام بالعمل في إطار هوية الدول التي يتشارك فيها الكرد العيش مع المكونات الأخرى دون نسيان التنسيق الكردستاني ؟ ام في إقامة مركز قومي كردستاني يتمثل فيه كرد الأجزاء الأربعة ويلتزمون بالقرارات المتعلقة بالأمن القومي الكردستاني .
وبنظرة متفحصة نستتنج بأن الوصول إلى امتلاك القرار الكردي السوري في واقع ما نحن فيه ليس إلا عبارة عن أضغاث احلام وعن شعارات طوباوية ترضي به الأحزاب اعضائها ومناصريها ومع ذلك لا بد من العمل عليه وامتلاك زمامه …..!
الاستقلالية لا تعني القطيعة أو التقوقع أو محاربة الاخر بل أولوية العمل -نحن اولاً- دون أن يكون على حساب الأجزاء الأخرى عبر العمل وابداء المواقف والتصريحات من كل الاحداث التي تجري بحيادية حتى لو كانت تمس من نتشارك واياهم الأهداف والمصير وان لا نغمض أعيننا عن نواقص وأخطاء حلفائنا وان نرفع الصوت في وجه انتهاكاتهم .
نحتاج إلى مراجعة نقدية سياسية وتنظيمية على صعيد الواقع والممارسة رغم صعوبتها – لأن القوى المهيمنة كردستانياً ليست في وارد إجراء هذه المراجعة وتغيير سلوكها التدخلي- وأولها التأكيد على أن البنية التنظيمية للاحزاب والقوى الحالية قد ولى زمانها ويجب البحث عن أشكال تجريبية جديدة تناسب التطورات التي حصلت في المنطقة عبر انتهاج أساليب نضالية مغايرة في حل المشكلات فالمجتمعات والمشكلات تتغير بتغير البنية الاجتماعية و الاقتصادية ومستوى تطور القوى المنتجة وتقدمها كما أن بعض من يتصدر المشهد السياسي الكردي أصبح خارج مدة الصلاحية وما وجوده في مركز القرار الا بسبب الدعم الذي تقدمه بعض القوى الخارجية خدمة لأجنداتها وهذا صعب في ظروف الازمة وعدم الاستقرار كونه يحتاج إلى بيئة آمنة وديمقراطية وقوانين تحدد شكل الحياة السياسية وقوانين تنظيمها واعتقد بان القيادات الكردية الحالية في سوريا ليست في وارد إجراء هذه المراجعة وتغيير تحالفاتها وطريقة تفكيرها .
كرد سوريا لديهم الفرصة الحقيقية رغم كل الهدر الذي جرى لإجراء هذه المراجعة والعمل بصفتهم كرد سوريين في وطن يتيح لهم التعبير عن هويتهم القومية ويحقق طموحاتهم في الاعتراف الدستوري والمساواة التامة في الحقوق والواجبات على اساس اللامركزية أو الإدارة الذاتية وبنكهة قومية في المناطق التي تشكل تاريخيا وحاليا ارض الكرد.
التحوير الذي يجري الآن من قبل البعض وطرح نظريات بديلة عن الحق القومي الكردي في سوريا لن تجدي نفعا ولن تأتي بنتائج إيجابية على شعوب المنطقة وستذهب بالكرد وقضيتهم إلى الجحيم….!