في 17 من شهر آب من العام المنصرم انطلق حراك السويداء في بدايته بشكل عفوي متخذاً من ثوابت الثورة السورية منهجاً له وهدفاً يسعى إلى تحقيقه بما يشبه العصيان المدني.

أغلق المتظاهرون الطرقات وبعض مؤسسات “الدولة” كما أغلقوا مبنى “فرع حزب البعث العربي الاشتراكي” في المحافظة وبعض الشعب الحزبية.

شيخ العقل الأول حكمت الهجري: إنها مطالب مُحقّة

كان الزخم كبيراً منذ البداية وزاد الزخم مع تبني شيخ العقل الأول حكمت الهجري مطالب المتظاهرين وقال: إنها مطالب محقة ففي إحدى الجُمع الأولى وصل عدد المتظاهرين الى ما يقارب 15 الف متظاهر في ساحة الكرامة لكن هذا الزخم قلّ لعدة أسباب منها اقتصادية، فأجور النقل باتت عبئاً على رواد ساحة الكرامة. كما أثرت سلبا ولادة الهيئات والتيارات الجديدة.

وكان لابدّ من بدء الانتفاضة تشكيل هيئة عامة تمثلها ولجان تنظيمية وسياسية وقانونية تنبثق عن هذه الهيئة بحيث تتحمل الهيئة العامة واللجان المنبثقة عنها مهمة تنظيم الحراك وتأطير ثوابته وفقاً للأسس التي قام عليها وذلك بغية استمراره وإيصال صوته للمحافل الدولية حتى الدخول في مفاوضات إلى جانب السوريين برعاية أممية ووفقا للقرار 2254.

هذه الأسباب دفعت لطرٕح عدة مبادرات من قبل قوى وتيارات سياسية وتجمعات مدنية أغلبها “إن لم يكن جميعها” تبنت الثوابت التي قامت عليها الانتفاضة، إلا أن هذه المبادرات اصطدمت بحواجز داخلية، إلى أن ظهرت الهيئة الحالية التي استندت في تشكيلها إلى معيار أقرب الى التمثيل الحقيقي الواقعي.

جسم سياسي

اعتمدت الهيئة الحالية على نقاط الحراك أي القرى والبلدات ومراكز المدن الثائرة والمشاركة في الانتفاضة، حيث اختارت نقاط الحراك ممثليها في الهيئة العامة وهذه الهيئة أخذت على عاتقها تشكيل جسم سياسي.

كان هذا الجسم السياسي يتحدث باسم الحراك سواء في الداخل السوري مع باقي المحافظات أو لدى المحافل الدولية، ومما لا شك فيه أن هذا الجسم السياسي سيتبنى ثوابت الانتفاضة ليكون شرعياً ومعبراً عن إرادة حراك السويداء والذي هو جزء من الثورة السورية، وفق ما يقول القائمون عليه.

ويرى البعض في السويداء أنّ “ما يؤخذ على الهيئة العامة هو ضعف تمثيل العنصر النسائي والشبابي، والحقيقة أن هذا المأخذ لا يرجع إلى الهيئة بل تتحمل مسؤوليته نقاط الحراك التي انتخبت أعضاءها في الهيئة العامة”.

يأمل المشاركون في الحراك والمراقبون، إلى أن تلعب المرأة دوراً أوسع في الهيئة، لأنّ “الدور الذي لعبته المرأة وما زالت تلعبه في حراك السويداء والذي تمثل في طرحها الوعي والمتقدم ونضجها السياسي وانتماءها الوطني وسعيها لترسيخ ثوابت الانتفاضة، دوراً مهماً.

ويعد تشكيل الهيئة العامة للحراك خطوة هامة، وفق المحتجين، كما هي رسالة قوية للنظام بأن الحراك السلمي مستمر حتى تحقيق أهدافه.

زار أعضاء الهيئة الشيخ حكمت الهجري “شيخ العقل طائفة الدروز في سوريا” وأطلعوه على ما تم إنجازه، وبدوره الشيخ الهجري عبر عن ارتياحه الشديد وثقته بأعضاء الهيئة وشدد على أهمية الهيئة لتحقيق مطالب الحراك وأكد على استرداد الحقوق التي سلبتها منظومة الاستبداد.

السويداء.. 426 يوماً على بدء الحراك: إسقاط النظام وتنفيذ القرار الأممي 2254
الناشطة راقيا الشاعر تقول في حديث لـ “تفاصيل برس”: أربعة عشر شهراً هو عمر حراكنا الثوري في محافظة السويداء، هذا الحراك الذي كانت شرارته الأولى بمنتصف آب العام الفائت 2023، والذي جاء بعد مجموعة من القرارات الحكومية برفع أسعار المشتقات النفطية والتي كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأدت لانطلاق هذا الحراك السلمي، وقد مرّ الحراك بمحطات عديدة حتى وصل لشكله الحالي.

وعن البدايات تقول: اتّسم الحراك بالعفوية الصادقة والمشاركة الواسعة من جميع أطياف المجتمع وخاصة فئة الشباب والحضور المميز للمرأة هذا الحضور الذي صدّر الصورة الحقيقية لأهالي محافظة السويداء أولا وللشعب السوري عموما بأننا شعب حضاري محب للسلام ولم نكن يوما باحثين عن العنف أو الإرهاب، ولكن مع مرور الوقت وخفوت التفاعل الدولي مع الحراك وخاصة بعد بدء أحداث غزة، وصلنا لمرحلة بتنا نشعر فيها أننا تُركنا وحدنا بساحة الكرامة، فلا هناك استجابة من الشركاء في الوطن السوري ولا هناك اهتمام من القوى الفاعلة بالملف السوري.

السويداء.. 426 يوماً على بدء الحراك: إسقاط النظام وتنفيذ القرار الأممي 2254
وتضيف راقيا وهي إحدى المشاركات بشكل مستمر في الحراك: أن تغوّل العقليات الإيديولوجية واستبدادها واحتكارها للحراك وإقصاء أي رأي خارج توجهاتهم أو رؤيتهم، إلى تراجع أعداد المشاركين في الحراك، ووصل الاستبداد بهم لإلقاء الاتهامات جزافا يمينا ويسارا، ولا ننسى أيضاً محاولة النظام عن طريق عملائه وأبواقه الإعلامية بالإساءة للحراك والعمل على شيطنته واتهامه بارتهانه لأجندات خارجية، كذلك لا نغفل أيضاً محاولة تجيير الحراك لصالح الائتلاف السوري.

وقال أحد الشباب المشاركين بالحراك في السويداء: إنّ “حراكنا بدأ بصوت واحد ضمّ كل شخص يتوق للحرية، والتخلص من طاغية فرض علينا ممارسات من القمع الفكري والاجتماعي والمعيشي، وكان عنواننا السلمية والرقي بأسلوبنا، والمطالب كانت ضمن العيش الكريم لنا ولأولادنا، وبلد يسوده السلام والديمقراطية، وقد شكّل الحراك فارقا بالتعاطي مع القضية السورية من خلال تحريك الملف السوري من قبل بعض المنظمات العالمية، وبعد قرابة السنة بدأ الحراك بالتنظيم من خلال تشكيل الهيكلية التنظيمية التي تضم عدة لجان منبثقة من الهيئة العامة للحراك وبانتخابات ديمقراطية.

وأضاف المشارك (نتحفّظ عن ذكر اسمه) أنّ “الحراك بدأ بزخم أكبر وباندفاع أكبر، وخف هذا الحراك مؤخراً لأسباب كثيرة منها اقتصادية، والبعض أصبحت عنده عدم جدوى من ذلك في سبيل تحقيق الأهداف، وأيضاً التململ، والتجاذبات في الرؤى، وكثرة التيارات والكتل، لكننا مستمرون.