تطالب اليوم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني دول الاتحاد الأوروبي بإعادة العلاقات مع نظام الأسد في سوريا، وذلك بهدف وقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وقد أتى ذلك بعد أن أجبرت هذه المرأة الاتحاد الأوروبي على تشديد سياسات اللجوء لديه.

وعقب انتهاء القمة الأوروبية التي ستعقد في بروكسل والتي ستهيمن عليها ما حققته هذه الزعيمة الشعبوية من انتصارات بالنسبة للنهج الأوروبي في التعامل مع الهجرة، ستسافر ميلوني إلى لبنان يوم الجمعة فيما يبدو ظاهرياً كزيارة هدفها دعم قوات حفظ السلام الأممية والتي تشتمل على ألف جندي إيطالي.

بيد أن الهجرة ستكون ضمن جدول أعمالها عند إجرائها لمحادثات مع قادة المنطقة، إذ زادت مخاوف أوروبا من ظهور أزمة لجوء جديدة عقب النزوح الذي تعرض له أكثر من مليون نسمة خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف حزب الله في لبنان.

وخلال هذا الأسبوع، صرحت ميلوني أمام مجلس الشيوخ الإيطالي بالقول: “تسبب تصاعد التوتر والتصعيد العسكري بتفاقم أزمة اللجوء في سوريا والأردن ودول المنطقة الأخرى، لذا من الضروري معالجة هذه الحالة الطارئة والعاجلة والتي بدأت تزداد سوءاً وذلك لأنها تستحق أن تقابل بالتزام حازم من طرف أوروبا”.

كما أعلنت بأنه يبنغي على الاتحاد الأوروبي مراجعة “استراتيجيته بخصوص سوريا والعمل مع كل الأطراف الفاعلة على خلق الظروف أمام عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم عودة طوعية وآمنة ودائمة”.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي قطع علاقاته الدبلوماسية مع نظام الأسد في أيار من عام 2011 بعد القمع الدموي الذي مارسه النظام بحق المتظاهرين، وهذا ما جعل البلد تنزلق نحو وادي الحرب. كما اتُهم الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه بعد مرور عام على قطع أوروبا لعلاقاتها الدبلوماسية معه، ثم اضطر أكثر من 14 مليون سوري لترك بيوتهم والرحيل عن بلدهم على مدار السنوات الثلاث عشرة الماضية وذلك بحسب تقديرات الأمم المتحدة، ويعتقد أن ما لا يقل عن مليون سوري قد وصلوا إلى أوروبا خلال تلك المدة.

ميلوني تسبق الجميع.. وتتجاوزهم
خلال شهر تموز الماضي، طالبت كل من إيطاليا والنمسا وكرواتيا وجمهورية التشيك وقبرص واليونان وسلوفينيا وسلوفاكيا الاتحاد الأوروبي بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ثم عينت ميلوني سفيراً لها في دمشق، في خطوة سبقت بها جميع دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع.

وترى ميلوني صاحبة النهج القومي في إيطاليا بأن مقاربتها تجاه سوريا والعودة للتعامل مع الأسد هما الأساس الذي بوسع دمشق الاعتماد عليه حتى تجلي إلى أراضيها رعاياها الذين فروا إلى أوروبا، ولهذا تقول: “يجب علينا أن نستثمر في التعافي المبكر، وذلك حتى يجد اللاجئون الذين قرروا العودة ظروفاً تسمح لهم بالإندماج مجدداً في سوريا”.

في حين ذكر دبلوماسيون بأن ميلوني كانت على قناعة تامة بأن الاتحاد الأوروبي سيتبعها ويسير وفقاً لإمرتها بعد الاتفاقيات الأخيرة المثيرة للجدل التي عقدها مع ليبيا وتونس ومصر بشأن الهجرة، وهذا ما عبر عنه أحد المسؤولين بالقول: “إنها تحس بأن لديها رسالة وبأن رياحها قد هبت وعليها أن تغتنمها”.

بوليتيكو: غزو إسرائيل للبنان يغذي مساعي أوروبا لترحيل اللاجئين والتطبيع مع الأسد
غير أن الأدلة كثيرة على وجود تأثير لميلوني ونفوذ على الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد أن بدأ الاتحاد بالسعي إلى إقامة مخيمات للترحيل خارج حدوده، وصار يفكر بفرض سياسات لجوء صارمة أخرى لم يسبق له أن فكر بتطبيقها قبل وصول ميلوني إلى السلطة. وفي هذا السياق، ستعقد ميلوني يوم الخميس محادثات بشأن الهجرة مع قادة هولندا والدنمارك وذلك على هامش قمة بروكسل التي ستحضرها أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية.

أزمة هجرة تلوح في الأفق
تتقاسم فون دير لاين مع ميلوني مخاوفها بشأن النزاع في الشرق الأوسط والذي تسبب بنزوح الناس إلى سوريا، لذا فإن الخطر يكمن في وصول هؤلاء إلى شواطئ أوروبا، وهذا ما جعلها تكتب لقادة الاتحاد الأوروبي خلال هذا الأسبوع لتقول: “نزح أكثر من مليون شخص خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتوجهت أعداد كبيرة منهم إلى سوريا، أي أن احتمال ظهور أزمة هجرة عالمية بات أمراً واضحاً”.

وفي سياق متصل، أجرى الاتحاد الأوروبي محادثات مع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، يوم الأربعاء الماضي، وتضمنت مناقشة “الحاجة لخلق ظروف آمنة أمام عودة اللاجئين السوريين عودة آمنة وكريمة وطوعية”، وعلق على الأمر أحد الدبلوماسيين بالقول: “إن النزاع الجديد الذي ظهر في الشرق الأوسط يجبر الناس على كبت مشاعر القرف والنفور لديهم عندما يتعلق الأمر بسوريا”.

 

المصدر: The Times