مساعٍ تركية روسية لفتح طريق “إم فور” رغم الرفض الأميركي للتطبيع.غرفة الأخبار – نورث برس
غرفة الأخبار – نورث برس
منذ إعلان تركيا عن الاجتماع الثلاثي بين أنقرة ودمشق وموسكو نهاية العام الفائت، تحاول بالتنسيق مع الجانب الروسي، فتح الطريق الدولي (حلب – اللاذقية) المعروف بـ “إم فور”.
وتصطدم مساعي أنقرة الهادفة إلى إظهار جدّية تطبيعها مع دمشق، بموقف أميركي صارم، حيث جدد وزير الخارجية الأميركي قبل يومين موقف بلاده على أن “واشنطن لا تؤيد أي تطبيع مع نظام الأسد”.
وفي 12 كانون الأول/ يناير الفائت، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن الرئيس السوري بشار الأسد، “ارتكب أعمالا وحشية، وجرائم حرب” وحذر بعدم التطبيع معه.
وفي الـ 28 من الشهر الفائت، أي بعد تصريح برايس، قال المتحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية، إن كبير مسؤولي العقوبات لدى الوزارة سيحذّر في جولة إلى الشرق الأوسط الدول والشركات من أنها قد تفقد الوصول إلى الأسواق الأميركية، إذا تعاملت مع كيانات خاضعة للقيود، ومنها دمشق.
“ إم فور“
في الأسبوع الفائت، قالت مصادر أمنية في إدلب، لنورث برس، إن الاستخبارات التركية اجتمعت مع هيئة التحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وحركة أحرار الشام، لمناقشة فتح الطريق الدولي “M4” الذي يربط بين حلب واللاذقية.
الطريق الدولي وإبعاد الفصائل عنه لمسافة 16 كم، كان أحد أبرز الاتفاقات بين أنقرة وموسكو بعد اجتماعات سوتشي 2020 وقبلها باجتماعات مكوكية استمرت أشهر، ولازالت الأخيرة تتهمها بعدم الإيفاء بالتزاماتها.
ولم تستطع القوات الروسية والتركية فتح الطريق في العام 2020، بعد تسيير 24 دورية مشتركة بين الطرفين على مدار خمسة أشهر، من آذار/ مارس، حتى آب / أغسطس، بسبب حوادث استهداف طالت الدوريات المشتركة، وأدى بعضها إلى جرح عناصر روس والبعض الآخر إلى إعطاب وتضرر مركبات عسكرية تركية.
يقول صحفي من إدلب اشترط عدم ذكر اسمه، إن سكان في شمال غربي سوريا ولا سيما النازحين منهم يرفضون افتتاح الطريق، لأن ذلك سوف ينهي أحلامهم بالعودة إلى منازلهم في المناطق التي سيطرت عليها قوات حكومة دمشق وروسيا في شمال حماة وغرب حلب وجنوب إدلب، أواخر 2019 ومطلع 2020.
ويضيف، أن سكان تلك المناطق يعيشون على أطراف الطريق، ومطالبهم هي استعادة السيطرة على قراهم من حكومة دمشق والعودة إليها.
وفيما يخص الفصائل الأمنية الرافضة لفتح الطريق يذكر الصحفي أن كلاً من تنظيمات حراس الدين (فرع القاعدة في إدلب) وأنصار الإسلام وأبو بكر الصديق، ترفض فتح الطريق.
وكان أبرز محاور اجتماعات الاستخبارات التركية مع تحرير الشام وأحرار الشام، هو إبعاد هذه الفصائل عن الطريق وضمان عدم استهدافها للدوريات المشتركة، وكان من المقرر تسيير دورية تركية منفردة قبل بدء المشتركة مع الروس.
وقامت تحرير الشام بتصفية المهاجرين الرافضين لافتتاح الطريق وزجهم بالسجون، والبعض الآخر قامت بتسهيل خروجهم إلى أوكرانيا عن طريق تركيا لمواجهة الروس، “إذ شاهدنا مؤخراً (24 أكتوبر الفائت) خروج مجموعات القيادي الشيشاني قائد مجموعة أجناد القوقاز وعناصره الذين يبلع عددهم نحو 70 عنصراً”. وفقاً للصحفي.
كما شهدت الأشهر الماضية اجتماعات عقدتها الاستخبارات التركية مع هيئة تحرير الشام، طالبت فيها لوائح بأسماء عناصر وفصائل متشددة في إدلب.
بوادر إيجابية “للتطبيع”
يقول الكاتب الصحفي درويش خليفة، إن مساعي فتح الطريق الدولي إم فور، متعلقة بالتطبيع مع دمشق، لأن أنقرة تريد أن تعطي بوادر إيجابية لدمشق بان ليس لديها أي نية بالبقاء على الجغرافية السورية.
ويضيف لنورث برس أن كل ما تفعله تركيا هو لإرسال رسائل إيجابية “للنظام السوري”، قبل الاجتماع الذي يتردد على ألسنة المسؤولين الأتراك بين وزيري خارجية البلدين، حيث إن حصل فتح للطريق الدولي فهو عامل إيجابي و قد يكون بداية لفتح ممرات جديدة وطرق جديدة.
وتحاول دمشق جاهدة فتح الطريق لتحريك الاقتصاد المنهار لديها، كون تركيا لديها شركات واقتصاد كبير وممكن أن تصل بضائعها الى مناطق سيطرة دمشق، وفقاً لـ الخليفة.
ذريعة النفوذ الإيراني
يقول خليفة إن تركيا أخبرت بعض الدول العربية أن تقاربها مع “النظام السوري” من أجل تقليل النفوذ الإيراني في المنطقة.
ولكن الأسبوع الفائت، قال المتحدث باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين، إن أنقرة ترحب بضم إيران إلى محادثات التطبيع مع دمشق، فيما أشار إلى أن الاجتماع على مستوى وزارة الخارجية غالباً سيكون في شهر شباط/ فبراير الجاري.
بينما يرى معاذ أوغلو وهو كاتب صحفي تركي مقيم في هولندا، أن السياسة التطبيعية مع دمشق “لن تصل لنتيجة حتى اللحظة بسبب غياب العنصر الإيراني من الاجتماعات”.
ويضيف أن إيران لاعب مؤثر في إدارة الرئيس السوري بشار الأسد، ولم تكن سعيدة باستبعادها في هذا الملف.
وبعد إعلان تركيا الاجتماع الثلاثي بين وزراء دفاع سوريا وتركيا وروسيا في الثامن والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بأسبوعين، زار وزير الخارجية الإيراني حسين الأمير عبد اللهيان دمشق والتقى مع الرئيس السوري بشار الأسد.
يرى أوغلو أن زيارة وزير الخارجية الإيراني “بمثابة مقاومة للمحادثات” بين دمشق وأنقرة.
ويقول إن تأجيل الاجتماع المعلن توقيته من الجانب التركي بين وزيري الخارجية التركي والسوري، حدث لأن إيران لم تعد تريد أن يكون لتركيا دور أكبر في سوريا.
وعقب اللقاء بين وزير الخارجية الإيراني والأسد بساعات، خرج الأخير برد على تصريحات التي صُدرت عن الساسة الأتراك قائلاً: “سوريا لن تسير إلى الأمام في الحوار مع تركيا إلا إذا كان هدفه إنهاء الاحتلال ووقف دعم التنظيمات الإرهابية”.
وفيما يتعلق بمكاسب أردوغان في الانتخابات التركية من “التطبيع مع الأسد”، يقول أوغلوا إن تأثيره “سيكون ضعيفاً جداً”، لأن فرص أردوغان في التأثير على الانتخابات تبدو الآن ضعيفة للغاية مع عملياته في سوريا.
مستشهداً بتأثير العمليات العسكرية التركية السابقة في سوريا بأنها لم تحظَ، بالقدر نفسه من الاهتمام والدعم، وتدفع الأزمة الاقتصادية جميع أنواع الحروب والتحركات الدبلوماسية إلى الخلف.
ويختتم أوغلو حديثه بأن محادثات أنقرة ودمشق ستستمر حتى قبل الانتخابات، ولكن احتمال السير بوتيرة قوية ومتواصلة حتى موعدها “احتمال ضعيف جداً”.
وسط كل هذه التوقعات المطروحة للتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، لا يُعرف إذا كانت واشنطن ستتخذ إجراءات أو عقوبات قاسية ضد الأطراف المجتمعة وخاصة تركيا، إذا تعمقت في علاقتها مع دمشق.