تبرع الملياردير أغنى رجل في العالم، مالك “تيسلا” و”سبيس إكس” ومنصة “إكس” وبضع شركات مليارية أخرى، بأكثر من 130 مليون دولار لحملة ترامب من خلال “لجنة العمل السياسي الأميركية” (PAC) التي شكّلها مؤخراً، وراح يوزع مكافآت يومية مشكوك بقانونيتها بقيمة مليون دولار لناخبي ترامب في الولايات المتأرجحة، وظهر مع ترامب في مسار الحملة في مناسبات متعددة، وورد على لسان الرئيس المنتخب في خطاب النصر بصفته “النجم المولود”…
أعدَّت صحيفة الغارديان البريطانية في شباط/ فبراير 2018 بروفايل تعريفي برجل الأعمال الذي كان يقتصر لقبه على المدير التنفيذي لشركتي “تيسلا” و”سبيس إكس” إيلون ماسك، ووصفته بـ “آيرون مان العالم الحقيقي”؛ اللقب الذي أحبه ماسك نفسه وتمسّك بمحاولات اعتناقه حتى قبل قصة الغارديان، عندما طلب من منتجي شركة “مارفل” الظهور في مشهدٍ في فيلم “آيرون مان 2” (2010، جون فاڤرو) حاور فيه شخصية “توني ستارك”.
انخراط ماسك في تمويل أبحاث الفضاء، جذب إليه حينها بشكلٍ أساسي اهتمام محبي العلوم الذين وصفوا طموحه بأنه “يتجاوز عنان السماء“، وقد دفع تنويع المجالات التي ينشط فيها ببعض المجلات الإدارية المرموقة، مثل هارفارد بزنس ريفيو، أن تحتفي بأسلوبه في الإدارة.
بعد نحو سبع سنوات، لم يتوقّع كثيرون أن تتوسّع قاعدة الرجل الجماهيرية لتشمل متطرفين وإنجيليين وعنصريين وكارهين للنساء ومعادين للهجرة وعشرات آلاف “إنسيلز”(العزاب طوعاً) الإنترنت، وأن يكون السلّم الذي وصل من خلاله شخص مجرم بالمعنى القانوني المجرَّد للكلمة، مُدان بـ 34 تهمة، إلى المنصب الأهم والأقوى في العالم، اسمه دونالد ترامب، لدرجة دفعت مجلة فورين بوليسي الأميركية لتسمية الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة بـ “انتخابات إيلون ماسك”.
ليس جديداً أن يدعم المليارديرات المرشحين السياسيين، بل هذه في الواقع سمة أساسية للسياسة الأميركية، لكن برغم ذلك، فإن ما فعله إيلون ماسك في دورة انتخابات 2024 كان شاذاً بعض الشيء. إذ تبرع الملياردير أغنى رجل في العالم، مالك “تيسلا” و”سبيس إكس” ومنصة “إكس” وبضع شركات مليارية أخرى، بأكثر من 130 مليون دولار لحملة ترامب من خلال “لجنة العمل السياسي الأميركية” (PAC) التي شكّلها مؤخراً، وراح يوزع مكافآت يومية مشكوك بقانونيتها بقيمة مليون دولار لناخبي ترامب في الولايات المتأرجحة، وظهر مع ترامب في مسار الحملة في مناسبات متعددة، وورد على لسان الرئيس المنتخب في خطاب النصر بصفته “النجم المولود”، وظهر في أول صورة عائلية لترامب بعد الفوز، وانضم إليه في أول مكالمة رسمية مُعلنة، مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مخالفاً بذلك الأعراف السياسية والدولية كافة.
كما أن علاقة ماسك وترامب تجاوزت “المستويات الجديدة” من الألفة، التي وصلت إليها بالفعل، السياسات اليمينية مع صناعة التكنولوجيا خلال السنوات الماضية؛ برغم تظاهر الأخيرة بالعكس إعلامياً على الأقل حتى الآن، إلى شيء غير مسبوق. فعندما يستثمر الرئيس والمُتحكّم شبه الأوحد بمنصة رئيسية في فوز مرشح سياسي واحد ويحوّلها إلى غرفة صدى له، فمن الطبيعي أن تقدّم تلك المنصة الدفعة اللازمة لوصوله. ووفقاً للبيانات التي جمعتها مؤسسة FWIW News، شكّل المعلنون ذوو الميول الجمهورية 60% من الإنفاق الإعلاني على “إكس” من 1 كانون الثاني/ يناير إلى 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، وكانت حملة ترامب هي أكبر منفق فردي، حيث دفعت مليون دولار على الإعلانات.
بجانب ذلك، فإن شراء ماسك لشركة “إكس” بقيمة 44 مليار دولار – ما يفوق أضعاف قيمتها السوقية عند الشراء – حيث لديه ما يقرب من 203 مليون متابع، هو ما سبَّب وسيسبّب بأكبر قدرٍ من القلق. إذ حوَّل ماسك حساب “إكس” خاصّته إلى شلال من الادّعاءات الانتخابية الكاذبة والمضللة، التي شوهدت أكثر من 2 مليار مرة، و87 تغريدة منها على الأقل صنّفها مدققو المعلومات بأنها مضللة أو زائفة، وفقاً لتقرير صدر يوم الثلاثاء الفائت عن مركز مكافحة الكراهية الرقمية البريطاني الأميركي غير الربحي. ولتقريب حجم الوصول هذا للمُتصوَّر، فإن المُعلن العادي سيحتاج إلى إنفاق 24 مليون دولار وسطياً على الحملات الإعلانية على “إكس” للوصول إلى هذا الحجم من الجمهور.
للوهلة الأولى، بدت هذه التغريدات فوضوية وعشوائية. ولكن مع انجلاء غبار المعركة الانتخابية، وتحقيق ماسك ورفيقه “النصر”، تبدأ الاستراتيجية بالتكشّف، وهي استراتيجية تكاد تكون الأولى من نوعها والأهم ضمن سلسلة من العمليات الداخلية للحملة التي أعادت ترامب إلى البيت الأبيض. إذ هدفت الاستراتيجية إلى هدفين مباشرين. أولاً، إغراق مساحة المعلومات العامة بالمنشورات المؤيدة وبالتالي إدارة الاهتمام نحو توجّه معيّن. ثانياً، تغذية نظرية المؤامرة القائلة بوجود حملة منسقة بين الديمقراطيين ووسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا الكبرى لسرقة هذه الانتخابات.
إزالة العقبات أمام المحتوى اليميني… ثم تضخيمه
لطالما كان ماسك مستخدماً بارزاً ل”إكس”، حتى عندما كان “تويتر”، وقبل أن يصبح المالك والمدير التنفيذي والرئيس التنفيذي للمنصة. ولكن منذ أن أيَّد ترامب رسمياً في تموز/ يوليو الماضي، شهد التفاعل مع حسابه زيادة مفاجئة وغير طبيعية، حيث ارتفعت أعداد المشاهدات لمنشوراته بنسبة 138%، وإعادة التغريد بنسبة 238%، والإعجابات بنسبة 186%، بحسب بحث صادر عن جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا الأسترالية. مما أثار الشكوك حول ما إذا كان قد عدَّل خوارزميات المنصة حتى يصل محتواه إلى المزيد من الناس، الأمر غير الجديد بالنسبة لماسك الذي وظَّف نحو 80 مهندساً العام الفائت لتعزيز وصول تغريداته.
وتصاعد هذا الاتجاه في الأيام الأخيرة قبيل الانتخابات، كما عقد ماسك صبيحة يوم الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر، مناقشة حية “حرة” على المنصة حول الانتخابات. استمرت لمدة ساعة ونصف تقريباً، وشاهدها نحو 1.3 مليون شخص، وهي واحدة من المناقشات الحية التي استضافها حول الانتخابات على مدى الأشهر الماضية، بما في ذلك واحدة أجراها بشكلٍ خاص مع ترامب.
وفي اليوم التالي فقط لتلك المناقشة، غرَّد ماسك بأكثر من 145 تغريدة في فترة 24 ساعة فقط، وفقاً لتحليل صحيفة الغارديان. وكان جلّها عبارة عن سلسلة شبه مستمرة من الشتائم والمعلومات المضللة، إلى جانب إعادة تغريدات مؤثرين من اليمين المتطرف، يروّجون لنظريات المؤامرة حول المهاجرين غير المسجلين الذين يرتكبون احتيالات انتخابية.
في حرب المعلومات، كل شيء يتعلق بإدارة الانتباه. تم تصميم منصات التواصل الاجتماعي لتعظيم المشاركة وشدّ اهتمام المستخدم فوق أي شيء آخر. لكن هذا المنطق الأساسي الذي يحرّك وسائل التواصل سهّل الاستغلال؛ فمن يتحكّم بالانتباه يتحكّم بالسرد، ومن خلال إغراق الجماهير والصحافيين وغيرهم من المهتمّين بإمدادات مستمرة من الادّعاءات والشائعات ونظريات المؤامرة والمزاعم التي لا يمكن التحقق منها، ستهلك ماسك وحملة ترامب كل “الأكسجين” الذي يوفره الاهتمام. فعندما يركز الجميع عليك وعلى ما تقوله، تبنّياً أو مهاجمة، فإنك تصرف انتباههم عما يقوله الجانب الآخر. ماسك وترامب أرادوا أن يركز الناس على فكرة أن الانتخابات ستُسرق.
فمنذ بداية العام، اكتسبت السردية القائلة إن الانتخابات الرئاسية الأميركية معرّضة لخطر الاحتيال، زخماً ثابتاً لم ينخفض. ولكن في الأسبوع الماضي الذي سبق يوم الانتخابات، انفجر الأمر. على سبيل المثال، بدءاً من 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدأ ترامب في النشر على “إكس” باستخدام هاشتاج #TooBigtoRig الذي استخدمه أنصاره قبل أن يمنحه الشرعية الرسمية، ويشير هذا إلى فكرة أن ترامب سيفوز في الانتخابات بهامش كبير، بحيث تكون النتيجة غير قابلة للجدال (وهذا ما حدث بالفعل في نهاية المطاف).
كما شهدت الأيام الأخيرة قبل الانتخابات الأسبوع الماضي ارتفاعاً كبيراً في المنشورات التي استخدمت هاشتاغات ذات موضوعات مماثلة مثل #ElectionFraud و #ElectionInterference و #VoterFraud و #StopTheSteal.
وبما أن الزمن زمن الصورة، فلم يتوقف تأثير ماسك على حملة ترامب عند النص المكتوب، وذهب إلى ما هو أبعد من السياسة؛ إلى التمثيل البصري للمرشح أيضاً. فإطلاقه مولّد صور الذكاء الصناعي المسمى “Grok” في آب/ أغسطس ساعد في رسم الصورة العامة للحملة على منصة “إكس”. فنظراً لافتقاره إلى حواجز الأمان والسلامة الخاصة بمنافسيه مثل “تشات جي بي تي” و”ميدجورني”، يمكن استخدام “Grok” لإنشاء صور لشخصيات عامة وقادة سياسيين. ولم يستغرق الأمر طويلاً قبل أن تصبح منصات التواصل الاجتماعي ملأى بصور الذكاء الصناعي لترامب وهاريس وغيرهما من المشاهير التي؛ كما هو متوقع، أخذت الطابع المعادي للنساء مثل صورةٍ لهاريس حامل بطفل ترامب. كما أعاد الأخير نشر صور مولّدة بالذكاء الصناعي من مؤثرين يمينيين تُظهر تايلور سويفت تدعم حملته، الأمر الذي دفعها لتأييد هاريس علناً بعدها، بينما نشر ماسك صورة تظهر هاريس على أنها شيوعية.
إلى جانب منشوراته الخاصة، أنشأت منظمة “العمل السياسي” الأميركية التابعة لماسك أيضاً، مجتمعاً على “إكس” مخصصاً لـ “نزاهة الانتخابات”. فيه سُمح للمستخدمين بمشاركة أي “دليل” يجدونه على تزوير الناخبين، ومن دون أي تعديل أو تدخل، تحول فعلياً وعلى الفور إلى مركزٍ لتبادل الادّعاءات الكاذبة أو غير المؤكدة، بما في ذلك مقطع فيديو مزيف لهايتيين يصوتون بشكل غير قانوني لهاريس.
ورغم أن ماسك وصف نفسه مراراً وتكراراً بأنه رسول حرية التعبير، فإنه أشرف أيضاً على قمع المعلومات، التي كان من الممكن أن تضرّ بحملة ترامب. فعندما نشر الصحافي المستقل كين كليبستاين ملفاً عن بحثٍ في خلفية نائب ترامب جيه دي ڤانس، تم الحصول عليه من خلال هجوم سيبراني إيراني مزعوم على حملة ترامب، قامت “إكس” بحظر الروابط المؤدية إلى المقال وتعليق حساب الصحافي على تلك المنصة، وهو الصحافي نفسه الذي علّق ماسك حسابه منذ عامين لنشره تحقيقاً عن تخوفات السلامة في القيادة الذاتية لسيارات “تيسلا”.
من منصة فاشلة إلى غابة تزدهر بالمحتوى المتطرّف
عندما اتّضح في الساعات الأولى من صباح الأربعاء أن ترامب سيفوز بالرئاسة، هنّأ ماسك متابعيه قائلاً لهم: “أنتم الإعلام الآن”. كان من الممكن أن يكون مثل هذا التصريح إحدى نكات ماسك السمجة حتى قبل شهر، عندما أظهرت التقديرات أن قيمة “إكس” انخفضت بنحو 80% منذ اشترى ماسك المنصة مقابل 44 مليار دولار عام 2022. إذ كان البعض يعتبرون المنصة مكاناً نابضاً بالحياة على الإنترنت دمره ماسك تماماً. ولكن بعد أن أنفق ماسك ما لا يقل عن 119 مليون دولار لانتخاب ترامب وتحويل منصته إلى ميغافون لحملة ترامب وڤانس ثم فوزهما، بدأت القيمة الحقيقية لشبكة التواصل الاجتماعي هذه في اتخاذ شكل جديد.
منذ اليوم الذي تم فيه شراء “تويتر”، تعهّد ماسك بجعل حرية التعبير محورية لمستقبل المنصة. لقد طرد موظفي الثقة والسلامة في الشركة، مما وضع سابقة اتبعتها شركات التواصل الاجتماعي الأخرى. منذ ذلك الحين، كان ماسك على استعداد للسماح للأنظمة الاستبدادية بإملاء كيفية عمل “إكس” في بلدانها يحجبها عند الطلب. وفي الولايات المتحدة، كان المزيد من “حرية التعبير” على “إكس” يعني المزيد من المعلومات المضللة واحتضان السياسات اليمينية.
في الفترة التي سبقت الانتخابات، كانت الآراء حول مصير “إكس” قاتمة. إذ كان هناك الكثير من التقارير حول مخاطر التضليل الانتخابي على المنصة أو وعود ماسك حول مستقبل “إكس” التي لم يلبّي معظمها. وزعم كاتب عمود بلومبرج ديف لي أن المنصة كانت ببساطة تفشل تدريجياً، وتفقد المستخدمين والأهمية، لكن هذا لم يعد دقيقاً اليوم.
وعلى الرغم من الشائعات حول زوالها، لا تزال منصة “إكس” كبيرة جداً. فقد أخبرت المُعلنين مؤخراً في أيلول/ سبتمبر أن لديها أكثر من 570 مليون مستخدم نشط شهرياً، مما يجعل المنصات اليمينية مثل “Truth Social” التي يملكها ترامب و”Rumble”، التي يبلغ عدد مستخدميها مئات الآلاف، مجرد غرفٍ في فندق ماسك الكبير، كما أنها أكبر بكثير من منصات أخرى مثل “Mastodon” و”Blue Sky”، التي هرب إليها التقدميون بعد أن اشترى ماسك “تويتر”.
كانت الأخبار السياسية على “تويتر” هامشية في الماضي، حيث كان المشاهير هم عامل الجذب الرئيسي. لكن المشاهير غادروا، والآن أصبح “إكس” هو منصة التواصل الاجتماعي الرئيسية الأكثر شعبية لمواكبة السياسة، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة بيو ونُشر في حزيران/ يونيو. كما طرأ على المنصة أيضاً تحوّل حزبي كبير، إذ هيمن الديمقراطيون تاريخياً على المناقشة السياسية على المنصة عندما ترأسها جاك دورسي، لكن “إكس” أصبح مكسوّاً بالصوت اليميني في العامين الماضيين فقط، وليس فقط أميركيا بل عالمياً. وبات من المرجح أن تنتشر المنشورات من الجمهوريين على “إكس” بشكلٍ فيروسي، وشهدت الحسابات الديمقراطية التي كانت تحظى بشعبية في السابق تفكّك جمهورها، وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة واشنطن بوست مؤخراً.
كما غير الجمهوريون آراءهم بشأن تأثير المنصة على الديمقراطية. ففي حين كان يُنظر إلى “تويتر” ذات يوم باعتباره المنصة التي تفرض الرقابة على الأصوات المحافظة، واتهام ترامب للمنصة أنها متواطئة في “سرقة” انتخابات 2020، أصبح “إكس” المكان المفضل للحرية لدى اليمين. ووفقاً لدراسة بيو، اعتقد 17% فقط من الجمهوريين أن “تويتر” مفيد للديمقراطية في عام 2021، لكن 53% قالوا إن “إكس” مفيد للديمقراطية في عام 2024.
“نائب الرئيس في الظل”
كتب أحد مستخدمي “إكس” ساخراً منذ يومين: “إيلون ماسك أحمقٌ بحق… لقد أنفق 44 مليار دولار لشراء إكس، وها هو يتحكّم اليوم بالفروع الثلاثة للحكومة الفيدرالية”، قد يكون هذا مبالغاً به بعض الشيء، لكن ثمة حقيقة ما بين الكلمات. إذ قطف ماسك خلال ساعات أولى ثمرات رهانه على ترامب وصار أكثر ثراءً بما يزيد عن 26 مليار دولار، حيث ارتفعت أسعار أسهم “تيسلا” في أعقاب فوز الجمهوريين في الانتخابات.
والآن، يتطلّع ترامب إلى رد الجميل. ففي حديثه مع الصحافيين الشهر الماضي، قال إنه سيعين ماسك “وزيراً لخفض التكاليف”. من جانبه، مازح ماسك بأنه سيكون مهتماً بتولّي مهام “وزير كفاءة الحكومة” (وهي وزارة لم تكن موجودة سابقاً لكن ترامب استحدثها بالفعل وسلّم حقيبتها لماسك) بهدف معلن يتمثل في خفض الإنفاق الحكومي بمقدار 2 تريليون دولار. ولكن بين الجد والمزاح، ومن الناحية العملية، يقول الخبراء إن تخفيضات التكاليف هذه قد تؤدي إلى إلغاء القيود التنظيمية وتغييرات السياسة، التي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على عالم ماسك من الشركات، وخاصة “تيسلا” و”سبيس إكس” و”إكس” و”نيورالينك”.
قد تجد شركات ماسك، التي تُعدّ بالفعل بمثابة مقاولين حكوميين متشابكين بعمق مع وكالات مختلفة، لنفسها تأثيراً أعمق أيضاً. وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، طلب ماسك من ترامب توظيف موظفين من “سبيس إكس” للعمل في مناصب حكومية عليا بما في ذلك وزارة الدفاع. ويبدو أن ترامب حتى الآ ن منفتح على مصالح ماسك التجارية وطلباته، حيث أشاد به مراراً وتكراراً في خطاب النصر قائلاً إنه يحبه، معترفاً بقدرته على القيام بما لا تستطيع الوكالات الحكومية القيام به.
قبل اندلاع الحرب، توجد عادة علامات واضحة لما هو على وشك الاتّضاح، حتى لو أنكرت دولة علناً أنها تستعد للمعركة. حيث يتم نقل إمدادات الدم والقوات والأسلحة إلى الحدود استعداداً للغزو. الشيء نفسه يحدث هنا، باستثناء أن السلاح هو ملايين البشر، ولم يتبيّن بعد شكل “المعركة” المقبلة ومن الذي سيخرج منتصراً منها.