اعتقالات في قيادات الحرس الثّوري في البوكمال بعد عزل الحاج عسكر… ماذا يجري؟  المصدر: دمشق – النهار العربي

الحاج عباس وقيادات في الحرس الثوري الايراني
ما كادت تمضي ثلاثة أسابيع على حدوث تغيير مفاجئ في قيادة الحرس الثوري الإيراني في مدينة البوكمال السورية الحدودية مع العراق، بعزل الحاج عسكر وتعيين الحاج عباس محله، حتى بدأ الأخير مساعيه لوضع بصمته الخاصة في إعادة هيكلة الميليشيات التابعة له، وهو ما تجلى عملياً في استدعائه بعض قادة هذه الميليشيات واعتقالهم، ومن بينهم شخصيات كان لها دور بارز في ترسيخ النفوذ الإيراني في المنطقة مثل أبو عيسى المشهداني، الأمر الذي طرح تساؤلات كثيرة عن أسباب ما يقوم به الحاج عباس وخلفياته.
وأكدت مصادر خاصة لـ”النهار العربي” أنه “أطلق سراح أبو عيسى المشهداني قائد الفوج 47 التابع للحرس الثوري الإيراني بعد أيام من اعتقاله من جهة مجهولة”. وأشارت المصادر إلى أن الإفراج عن المشهداني جاء بعدما تبين أن اعتقاله من الممكن أن يؤدي إلى إحداث فتنة كبيرة بين عناصر الميليشيات التي تتبع لعشائر عربية مختلفة، خصوصاً أن عناصر ميليشيا الفوج 47 ممن ينتسبون إلى قبيلة المشاهدة التي ينحدر منها المشهداني، عارضوا بقوة قرار اعتقاله، وهددوا بالانشقاق عن الميليشيا.
وجاء اختفاء المشهداني، قبل أن يتبين أنه معتقل، بعد ما يقارب عشرين يوماً من تعيين الحاج عباس 
في قيادة الحرس الثوري الإيراني في مدينة البوكمال خلفاً للحاج عسكر الذي شكل الاستغناء عنه مفاجأة كبيرة، نظراً إلى الأدوار التي كان يقوم بها في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة. وبما أن عزل عسكر أعقب الاستهداف الإسرائيلي لقافلة إيرانية كانت تعبر من العراق إلى سوريا، فقد ربط العديد من المصادر بين عزله وإخفاقه في تأمين حماية القوافل العابرة بين البلدين.
غير أن ذلك لا يعني استبعاد عوامل أخرى قد تكون لعبت دوراً في صدور قرار قيادة الحرس الثوري الإيراني بعزله، مثل الرغبة في حمايته من خلال إبعاده من المنطقة من أجل الاستفادة من خبراته في مناطق أخرى داخل سوريا أو خارجها، إذ لا يزال المكان الذي انتقل إليه  بعد عزله مجهولاً لغاية اللحظة.
ولكن يبدو أن الحاج عباس لديه مواقف مغايرة لمواقف الحاج عسكر، وهو ما يفسر انقضاضه بسرعة على المشهداني وتدبير مؤامرة لاعتقاله والتخلص منه، بهدف تصفية تركة الحاج عسكر وإنهاء الأذرع التي ترتبط به في داخل بعض الميليشيات.
وتمّت عملية اعتقال أبو عيسى المشهداني بـتنسيق وتخطيط بين الحاج عباس والعميد أحمد خليل، رئيس الأمن العسكري في دير الزور، إذ استغلا وجود المشهداني في مدينة دير الزور لاعتقاله وسوقه إلى دمشق، بعد تعذر اعتقاله في مدينة البوكمال، كونه يتزعم أكبر ميليشيات محلية يقدر تعداد عناصرها بما بين 400- 500 عنصر، جميعهم من أبناء عشيرة المشاهدة من قرية السكرية التي ينحدر منها أبو عيسى، وفق تقرير لـ”شبكة عين الفرات” المعارضة.
ويبدو أن التهمة الجاهزة لتبرير الاعتقال هي ضلوع المشهداني في تهريب المخدرات بين سوريا والعراق لحسابه الشخصي بعيداً من قادة الميليشيات. غير أن التقرير السابق أشار إلى أن السبب الرئيسي لاعتقال المشهداني علاقته الوطيدة ووجود مشاريع تجارية مع الحاج عسكر، القائد السابق لميليشيا الحرس الثوري الإيراني في البوكمال، الأمر الذي أغضب الحاج عباس ودفعه إلى تدبير اعتقاله.
وقد أثار اعتقال المشهداني موجة غضب عارمة في صفوف الميليشيا التي يقودها، إذ ترك العشرات من عناصر اللواء 47 من أبناء عشيرة المشاهدة مقارهم ومناطق انتشارهم في بادية البوكمال، احتجاجاً على اعتقاله، وطالبوا بالإفراج الفوري عنه، الأمر الذي دفع الحاج سجاد، نائب قائد ميليشيا الحرس الثوري في البوكمال، وقادة آخرين، إلى التوسط لدى الحاج مهدي، القائد العام للميليشيات الإيرانية في سوريا لإطلاق سراح أبو عيسى المشهداني، خشية حدوث انشقاقات داخلية في صفوف الميليشيات الموالية لإيران في البوكمال.
وكان “النهار العربي” قد نشر تقريراً مفصلاً
عن سيرة القيادي أبو عيسى المشهداني وانتقاله من “الجيش الحر” الذي كان يقاتل ضد الحكومة السورية إلى الجماعات الجهادية مثل “جبهة النصرة” و”داعش”، قبل أن يلتحق بالميليشيات الإيرانية وينجح في تسلق سلّم قيادتها.
ويُصنف المشهداني كإحدى أهم أذرع إيران في شرق سوريا في ما يتعلق بعمليات الانتساب والتجنيد وتنظيم الحواجز، والإشراف على عمليات اللواء 47 ورواتبه. وهو يقيم في حي الجمعيات بالقرب من مستشفى عائشة، بعدما وضع يده على منزل أحد عناصر “الجيش الحر” السابقين، وهو من المقربين جداً من الميليشيات الإيرانية و”الحشد” العراقي بسبب ولائه الكبير لطهران واعتناقه المذهب الشيعي، ما جعله مصدر ثقة لديهما.