تبدو تركيا، كونها دولة عضوةً في «حلف شمال الأطلسي»، ومرتبطة اقتصادياً بالولايات المتحدة والغرب، معنيّة بهويات أركان إدارة دونالد ترامب الجديدة، وعلى رأس هؤلاء وزيرا الدفاع والخزانة، ومستشار الأمن القومي، والأهم وزير الخارجية، الذي سيكون ماركو روبيو، مع ما يثيره هذا الاسم من عدم ارتياح داخل تركيا. وروبيو، المولود عام 1971، عمل كسيناتور جمهوري عن ولاية فلوريدا منذ عام 2011، ويصنَّف على أنه من «الصقور» في إدارة ترامب الثانية، وهو أيضاً، أول وزير خارجية من أصل لاتيني (من عائلة مهاجرة من كوبا)، ويكنّ عداءً شديداً لكوبا والصين وإيران، فضلاً عن متابعته بشكل حثيث للملف التركي. وفي وقت تولي فيه أنقرة الوضع في سوريا، ودعم الولايات المتحدة لـ«قوات سوريا الديموقراطية»، أهمية بالغة في إطار العلاقات مع واشنطن، تذكّر صحيفة «غازيتيه دوار» بأن روبيو كان من المعارضين لقرار ترامب الانسحاب في سوريا في أواخر عام 2018، وقد أصدر، في حينه، بياناً مكتوباً اعتبر فيه الانسحاب «خطأ كبيراً، من شأنه أن يفتح سوريا بالكامل للنفوذ الإيراني».
أيضاً، كان «السيناتور» معارضاً لعملية «نبع السلام» عام 2019، وهو اعتبر أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، استهدف، من وراء العملية، أن يُنسي الأتراك هزيمة «العدالة والتنمية» في الانتخابات البلدية التي جرت قبل ذلك، وخسر فيها حزبه بلديتا إسطنبول وأنقرة وغيرهما. كما انتقد وزير الخارجية المقبل، إبطال انتخابات بلدية إسطنبول التي فاز فيه أكرم إمام أوغلو، معتبراً القرار المذكور «دليلاً على الاستبداد الذي يحكم تركيا». وهو لعب، فضلاً عما تقدّم، دوراً فاعلاً في تطبيق العقوبات على أنقرة، على خلفية شرائها صواريخ «إس-400» الروسية، وكان من «الشيوخ» الذين صوّتوا (2019) لمصحلة قرار اعتبر مجازر العثمانيين ضدّ الأرمن، عام 1915، «إبادة».
وصفت محطة «سي إن إن تورك» تعيين ماركو روبيو، بأنه «خطر ينتظر تركيا»
كذلك، انتقد روبيو العلاقة بين إردوغان والزعيم الفنزويلي، ولاسيما تجارة الذهب بينهما، كما عارض «حل الدولتين» في جزيرة قبرص، في مقابل دعوته بلاده إلى العمل مع الاتحاد الأوروبي لحلّ المشكلة القبرصية. وممّا هو لافت أيضاً، اعتراضه على طلب أنقرة تسليم لاعب كرة السلة المعروف في أميركا، أنس كانتير، لأنه انتقد حكومة إردوغان التي تتّهمه بأنه موال لجماعة فتح الله غولين. وقد التقى روبيو علناً اللاعب التركي، ووصف مواقفه بـ«الشجاعة والجريئة»، كما رفض الحديث عن أن لغولين علاقة بمحاولة الانقلاب الذي جرى عام 2016. وكان روبيو، إلى جانب ما ذُكر، من بين 50 سيناتوراً وقعوا على رسالة، ناشدوا فيها تركيا «احترام حقوق الإنسان»، وانتقدوا سجلّها في هذا المجال.
ووفقاً لمديرة أبحاث تركيا في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، غونول تول، يُعرف عن روبيو أنه كان مهندس توثيق العلاقات مع اليونان وقبرص في عهد ترامب الأول، إذ تقول: «كان مهندس قانون رفع حظر الأسلحة عن قبرص الجنوبية، ومن الداعين إلى تعزيز العلاقات بين قبرص الجنوبية وإسرائيل، وهذا ليس بالخبر الجيد لتركيا». في المقابل، يذكر أن روبيو أشاد بتصدّي تركيا لروسيا في منطقة إدلب، ودعا إلى دعمها بالسلاح لمواجهة موسكو. والأمر نفسه بالنسبة إلى أوكرانيا، حيث أشاد ببيع تركيا مسيّرات «بيرقدار» إلى كييف.
ومن جهتها، وصفت محطة «سي إن إن تورك» تعيين ماركو روبيو، بأنه «خطر ينتظر تركيا»، فيما قالت صحيفة «تركيا» الموالية إنه «في كل خطوة ضدّ تركيا يوجد لروبيو قرص».