تستند الشعبوية في خطابها على المشاعر والعواطف الجماهيرية ، بدلًا من العقلانية والتخطيط ، حيث أصبحت ظاهرة منتشرة في الحالة الكردية السورية ، وتتجلى في الخطاب السياسي الذي يفضل دغدغة المشاعر الجماهيرية واستخدام شعارات براقة ، ووعود كاذبة بتحقيق طموحات غير واقعية ، بدلاً من تقديم برامج عملية لحل المشكلات المستعصية التي تعاني منها المناطق الكردية.
إن تفاقم الاوضاع الاقتصادية وانتشار الفقروالبطالة، يدفع قطاعات واسعة من أبناء المجتمع الكردي للبحث عن حلول فورية ، وهو ما يجعلهم أكثر تقبلاً للشعارات الشعبوية. في ظل ضعف الهياكل المؤسسية في المجتمع الكردي ، ووجود فراغ سياسي، يتم ملؤه عادة بالخطابات الشعبوية التي تعد بحلول سهلة ، دون النظر إلى تعقيدات الواقع في ظل التنافس الشكلي بين الأحزاب الكردية المختلفة ، ومحاولة كل طرف تقديم نفسه على أنه الممثل “الحقيقي” للشعب ، والمؤتمن على مصالحه ، مما يُساهم في تعزيز الشعبوية كمصدر للشرعية السياسية .
تساهم الشعبوية في تعميق الانقسامات الداخلية ، وتعتمد على التفرقة بين “النخبة” و”الشعب”، و تضعف الثقة بالقوى والاحزاب السياسية ، وتشوه القضية الكردية ، وتبسطها إلى الحد الذي يفرغها من مضمونها الوطني والسياسي، مما يُضعف تعاطف المجتمع الدولي معها .
إن مواجهة الشعبوية يقتضي التركيز على تثقيف المجتمع ، وتبيان تعقيدات القضية الكردية ، واهمية التخطيط ، وأن تكون الأحزاب أكثر شفافية وديمقراطية، وتعتمد برامج واقعية تلبي احتياجات الشعب ، وتعزز ثقافة الحوار لتجاوز الانقسامات التي تستغلها الشعبوية ، و تعزيز الشراكات مع القوى المؤثرة على أساس المصالح المشتركة .
قد تكون الشعبوية مغرية كحل سريع في مواجهة التحديات، لكنها على المدى البعيد تهدّد بتقويض الأسس الوطنية والسياسية للقضية الكردية ، ولا يمكن مواجهة هذا التحدي إلا من خلال ترسيخ الوعي، والإصلاح السياسي، والتخطيط الاستراتيجي القائم على المصالح الوطنية للشعب الكردي في سوريا