تعقد الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني تفاهمات سرية مع قادة الفصائل العراقية المسلحة المنخرطة في الصراع السوري، لضبط إيقاع تلك الفصائل التي تعتقد أن ما يجري على الساحة السورية يهدد “العقيدة الشيعية”، الى جانب احتمال انعكاسه سلباً على الوضع الأمني الآخذ في الاستقرار داخل العراق.
ورداً على رسالة وجهها زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، أكد حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، أن موقف بغداد واضح من وحدة سوريا. وقال: “نراقب الوضع في سوريا ولن نقف متفرجين”.
وكان الجولاني وجه عبر مقطع فيديو نشر في حسابات الهيئة في مواقع التواصل، رسالة إلى السوداني دعاه فيها إلى النأي بالنفس، وعدم التدخل في الصراع. وحثه على عدم السماح لقوات الحشد الشعبي بالتدخل في سوريا، مؤكداً أن “المواجهات الجارية في الشمال السوري لن تمتد إلى الأراضي العراقية”.
تفاهمات غير معلنة
وقال الكاتب والصحافي سلام عادل إن الحكومة العراقية قلقة مما يجري في سوريا، لكنها تدرك جيداً أن تدخلها العسكري يمكن أن يحسم المعركة لمصلحة النظام السوري.
وأضاف عادل لـ”النهار”، أن الحكومة “نشّطت شكلاً من أشكال التفاهم مع الفصائل المنخرطة في الحرب داخل سوريا”، مشيراً إلى أن حواراً غير معلن من أجل تفاهمات غير مكشوفة خاضته الحكومة خلال اليومين الماضيين مع قادة تلك الفصائل.
وأفاد بأن السوداني أكد لقادة الفصائل أن انخراطها في هذا الصراع يمكن أن يربك ملف انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، خلال العام المقبل، طبقاً لاتفاق عراقي ـ أميركي.
ولفت إلى أن “هناك ثقة متبادلة بين رئيس الحكومة وقادة الفصائل، ما يسهل على صانع القرار العراقي ضبط إيقاعها”، مبينا أن السوداني يحمل “رؤية جامعة” أثرت بشكل إيجابي وخلقت حالة من التوازن في العلاقة بين الحكومة والفصائل.
ورأى أن رسالة الجولاني الأخيرة إلى السوداني تؤكد قلق الجماعات المسلحة السورية من التدخل العسكري للفصائل العراقية دعماً للجيش السوري.
وكان السوداني أكد في اتصال هاتفي بالرئيس السوري بشار الأسد استعداد العراق لتقديم كل الدعم اللازم لسوريا لمواجهة “الإرهاب”، وتمسُّك بلاده باستقرار سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها.
في المقابل كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من 200 مقاتل من الفصائل العراقية المسلحة، دخلوا الأراضي السورية دعماً للجيش السوري.
وكان قادة الفصائل أجمعوا في بياناتهم الأخيرة على دعمهم النظام السوري، وعلى رأس هؤلاء زعيم “كتائب سيد الشهداء” أبو آلاء الولائي وقائد “كتائب الإمام علي” شبل الزيدي والقيادي في “حركة النجباء” عبد القادر الكربلائي.
واتهم الولائي والزيدي الحكومة التركية بالوقوف وراء ما يجري في سوريا، ودعم “الجماعات الإرهابية” فيها.
تهديد للعقيدة الشيعية
المحلل السياسي أحمد الموسوي يرى أن ملف الفصائل العراقية في سوريا مرتبط بجانب عقائدي لدى تلك الفصائل، وليس دفاعاً عن النظام السوري.
وقال الموسوي لـ”النهار” إن قادة فصائل “النجباء” و”كتائب حزب الله” بالدرجة الأولى، ومن ثم “كتائب الإمام علي” و”أخوة زينب” و”فاطميون” وغيرها، تعتقد أن “التحركات الإرهابية الأخيرة في سوريا تشكل تهديداً كبيراً للعقيدة الشيعية، وكذلك للوضع الأمني في العراق”.
وأشار إلى أن تلك الفصائل قدمت دعماً لوجستياً وغذائياً للجيش السوري في مواجهة “هيئة تحرير الشام” والفصائل المتحالفة معها.
وتعقيباً على رسالة الجولاني الأخيرة، أكد الموسوي أن العراق لن ينأى بنفسه عن الحرب في سوريا، كون ذلك ينعكس مباشرة على الأمن القومي العراقي.
وفي وقت سابق، أكد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض عدم دخول الحشد إلى سوريا بقوله: “الحشد لا يعمل خارج العراق”.
وكانت “حكومة الإنقاذ السورية” المعارضة وجهت بياناً إلى الحكومة العراقية وشعب العراق، أكدت فيه أن “الثورة السورية انطلقت لتحقيق الحرية والكرامة وتحرير الشعب السوري من ظلم نظام الأسد”، مشيرة الى أنها “لا تشكل تهديداً للأمن أو للاستقرار في العراق أو في أي دولة أخرى في المنطقة”.