تكرر خلال الأيام الماضية اغتيال شخصيات لها صلة بالنظام السابق، من بينهم ثلاثة قضاة، وضابط في قوى الأمن برتبة ملازم، وموالية ذات تاريخ عنيف، وآخرون. وفي كل مرة تقدم معرفات يُشتبه بأنها على علاقة بـ”هيئة تحرير الشام” خبر الاغتيال بصيغ ساخرة تهين من تم اغتيالهم، وتحيل موتهم باستخفاف إلى أسباب تبدو هزلية في صياغتها.
تبعث هذه الاغتيالات القلق في النفوس على مسار سوريا المستقبلي، حيث تبدو كاستعادة لمسيرة التصفيات التي قامت بها “هيئة تحرير الشام” منذ أن كانت “جبهة النصرة”؛ مما يزيد الشكوك في قدرة مكوناتها على تعلم ثقافة الدولة التي تحترم القانون والجهاز القضائي الموكلة له مهمة تنفيذه.
ورغم ما سبق، سنتمهل في الاتهام، فلعل أطرافًا في الهيئة أو تحالفاتها هي من تقوم بهذه الاغتيالات من دون علم البقية. وبدلًا من ذلك، سنطالب سلطة الأمر الواقع في دمشق بالتحرك لوقف الانفلات الأمني، واستعادة جهاز الشرطة تحت إمرة الضباط الأحرار المنشقين، وتفعيل جهاز القضاء ليقوم بوظيفته باستقلال كامل عن السلطة التنفيذية. ذلك لضبط تنفيذ العدالة، وجعل القضاء المسؤول عن حجز حرية المواطنين للتحقيق وفق الأصول القانونية، وصولًا إلى متابعة ملف المعتقلين والمختفين قسريًا خلال عقود حكم النظام السابق، وفي السجون خارج سيطرة النظام، وفي الأيام الماضية.
كما نطالب بتسريع حل الفصائل وضمّ أفرادها للجيش الوطني بصفتهم الفردية، وإلزامهم بأصول العمل العسكري ورقابة الشرطة والقضاء العسكري. وتسليم قيادة الجيش لضباط أحرار منشقين ليقوموا بدورهم بتحويله إلى جيش احترافي ملتزم بالقانون.
ويهمنا في هذا السياق التنبيه إلى خطورة الخفة في التعامل مع المشكلات في سوريا، إذ تسهّل هذه الخفة على فلول النظام المنهار التحريض ضد عملية التغيير، مما قد يدفع بالبلد إلى دوامة حرب أهلية. وبكل الأحوال، فإن عدم التقيد بالعدالة وقوانينها سيقطع الطريق على استعادة السلم الأهلي، وإعادة البناء، ورفع العقوبات، وسيعيق بالتالي أمل السوريين في نهضة سوريا على أسس العدالة والمواطنة والديمقراطية.
مجموعات التفكير الديمقراطي